Page 134 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 134

‫العـدد ‪١٩‬‬                             ‫‪134‬‬

                                   ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

   ‫بآليات منها وصم الغرب نفسه‬           ‫الوقت وقيمة العمل والإنسان‬           ‫في الدفاع النفسي‪ ،‬فض ًل عن‬
                      ‫بالانحلال‪.‬‬        ‫والحياة الدنيا الغرور‪ ،‬البوار‪،‬‬   ‫اختزال مفهوم الأخلاق في السلوك‬
                                        ‫الحقيرة‪ ،‬المستحقة للكراهية‪.‬‬
          ‫‪)٧‬‬                        ‫الانحلال هو إهدار العقل‪ ،‬وتفشي‬            ‫الجنسي‪ .‬وفيما جرى به قلم‬
                                   ‫الخرافة وكافة مظاهر التخلف الذي‬        ‫منظر الإرهاب الحديث سيد قطب‪:‬‬
 ‫إنسان الحضارة الغربية‬               ‫جلبته علينا الرجعية الدينية التي‬
     ‫يعيش في تعاسة‬                  ‫تعد تصوراتها بشأن الجنس أهم‬             ‫«العالم الغربي يعيش في فساد‬
                                      ‫ما يحرص عليه الرجعي بطبعه‪،‬‬           ‫وانحلال رغم تق ُّدمه التكنولوجي‬
     ‫يمكن اعتبار مزاعم انتشار‬            ‫ووصم الغرب بالانحلال من‬
 ‫الجريمة والخواء الروحي وتعاسة‬     ‫حوائط الصد الرجعية الكثيرة ضد‬              ‫الهائل‪ ،‬ولم يعد لديه ما يقنع‬
                                    ‫نقدها‪ ،‬ولو كان الثمن هو التخلف‪.‬‬      ‫ضميره باستحقاقه للوجود‪ ،‬بعدما‬
      ‫الإنسان في الغرب من قبيل‬           ‫يرحب العقل الرجعي بإهدار‬
 ‫الانتصار السلبي للرجعية الدينية‬      ‫الحياة بل بإفناء العالم كله ثمنًا‬    ‫انتهت الديموقراطية إلى ما يشبه‬
  ‫بإظهار إخفاقات الغرب وجوانب‬       ‫زهي ًدا فداء لتصورات ماضي شبه‬         ‫الإفلاس»‪ ،‬ويقول أي ًضا‪« :‬الإسلام‬
  ‫القصور والفشل فيه وتضخيمها‬         ‫الجزيرة العربية‪ ،‬بل قد فعل ذلك‬
                                   ‫ويواصل‪ ،‬وما دامت قيم الحضارة‬            ‫وحده هو الذي يملك تلك القيم»‪،‬‬
      ‫واختلاقها‪ ،‬وفي تلك المزاعم‬        ‫الغربية فيما يخص الجنس لا‬           ‫يعني القيم التي تنقذ الغرب من‬
  ‫أي ًضا الكثير من الجهل والبجاحة‬     ‫تتماشى مع انحطاط التصورات‬
‫والانقياد الشفاهي لترديد المقولات‬  ‫الدينية الرجعية فالحل الرجعي هو‬                     ‫الفساد والانحلال!!‬
‫الاختزالية المتع ِّسفة‪ .‬ومعروف من‬  ‫إقامة سواتر وقائية لتحصين عبيد‬           ‫ولهذه النظرة للغرب تجليات‬
  ‫الرجعية بالضرورة أن الأمراض‬        ‫تلك التصورات من القيم الغربية‬          ‫عديدة للغاية حتى في استباحة‬
   ‫النفسية كالاكتئاب(‪ )5‬والانتحار‬                                           ‫السائحات الأجنبيات والتحرش‬

    ‫منتشرة ج ًّدا في الغرب المادي‬                                             ‫بهن من َح َم َلة العقل الرجعي‪،‬‬
       ‫الذي تف َّسخت فيه العلاقات‬                                         ‫هنا تعمل أي ًضا المفاهيم المعادية‬
      ‫الاجتماعية‪ ،‬كانتشار الفسق‬
                                                                            ‫للمرأة‪ .‬ولعل من السخف تفنيد‬
‫والفجور والرذيلة‪ ،‬والمراد بمفهوم‬                                           ‫المزاعم الرجعية عن الغرب؛ لكن‬
                                                                         ‫فقط على سبيل المثال يفتقر العقل‬

                                                                              ‫الرجعي للاعتبارات الإنسانية‬
                                                                               ‫والحضارية التي تقوم عليها‬
                                                                              ‫العلاقات الجنسية في الغرب‪،‬‬
                                                                            ‫وتجعل العلاقة أو الارتباط بين‬
                                                                               ‫رجل وامرأة بلا زواج أرقى‬
                                                                            ‫كثي ًرا من العلاقات والزواج في‬
                                                                            ‫واقع ‪-‬وخيال‪ -‬الرجعي بطبعه‪،‬‬
                                                                            ‫حيث تكثر الممارسات الجنسية‬
                                                                            ‫مما يصمه العقل نفسه بالفسق‬
                                                                               ‫والفجور والانحلال‪ .‬والمهم‬
                                                                                ‫دائ ًما في الرجعي بطبعه أن‬
                                                                             ‫تكون العلاقات التي لا يرضى‬

                                                                                ‫عنها نفا ًقا في الخفاء بمبدأ‬
                                                                                 ‫«إذا ُبليتم فاستتروا»‪ ،‬وأن‬
                                                                             ‫يدافع ممارسوها في العلن عن‬
                                                                              ‫«الفضيلة» حسب التصورات‬
                                                                           ‫الرجعية‪ .‬هذا أساس ثقافة العار‪.‬‬
                                                                            ‫والانحلال ح ًّقا هو في إهدار‬
   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138   139