Page 176 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 176

‫العـدد ‪١٩‬‬                                 ‫‪176‬‬

                               ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

‫الناس العاديين‪ ،‬التعايش مع‬        ‫شكل من أشكال التضامن‬       ‫حفر مطبوع‬          ‫ولا تكشفها للجمهور‪.‬‬
               ‫الفيروسات!‬           ‫اليوم‪ .‬لكن لنا أن نسأل‬    ‫قديم لوجه‬      ‫يرفض كل من «اليمين‬
                                   ‫هؤلاء‪ :‬من الذي سيكون‬                       ‫البديل» في أمريكا وحتى‬
   ‫لذا فإن ما أجده مزع ًجا‬          ‫قاد ًرا على المجازفة في‬    ‫«جوفاني‬         ‫أولئك الذين ينتمون إلى‬
‫في هذا الإطار هو أن وسائل‬          ‫المصافحة والاحتضان؟‬        ‫بوكاتشو»‬      ‫اليسار المزيف‪ -‬يرفضون‬
                                         ‫إنهم القلة صاحبة‬                ‫التسليم بحقيقة الواقع الكاملة‬
  ‫الإعلام ومؤسسات الدولة‬                                                     ‫بشأن الوباء الحالي‪ ،‬حيث‬
  ‫الأخرى تعلن عن إغلاق أو‬       ‫الامتيازات‪ .‬تتألف مجموعة‬                     ‫يقوم كل منهما بالتخفيف‬
  ‫تأجيل أو تعليق العمل‪ ،‬في‬            ‫من الروايات ال ُمسماة‬
 ‫الوقت الذي تخلق فيه قيو ًدا‬                                                     ‫من حدته على الواقع‬
                                ‫(ديكاميرون) ‪Decameron‬‬                        ‫الاجتماعي‪ ،‬ولا يرون في‬
    ‫زمنية ثابتة وتجعل منها‬       ‫للمؤلف والشاعر الإيطالي‬                  ‫الفيروس انعكا ًسا على الحياة‬
   ‫«قاعدة»؛ كأن تعلن ‪-‬على‬          ‫«بوكاتشيو» (‪Giovanni‬‬                   ‫الاجتماعية للأفراد‪ .‬ولا يزال‬
    ‫سبيل المثال‪ -‬أنه «سيتم‬        ‫‪ )Boccaccio‬من قصص‬                          ‫ترامب وأنصاره يصرون‬
 ‫إغلاق المدارس حتى الرابع‬         ‫ترويها مجموعة من سبع‬                    ‫حتى الآن مرا ًرا وتكرا ًرا على‬
  ‫من أبريل»‪ .‬لكن لماذا حتى‬            ‫شابات وثلاثة شبان‬                     ‫أن الوباء عبارة عن مؤامرة‬
    ‫الرابع من أبريل تحدي ًدا؟‬     ‫يلتجؤون في فيلا معزولة‬                 ‫محبوكة من قبل الديمقراطيين‬
  ‫الشيء المتوقع بشكل كبير‬                                                ‫والصين كوسيلة لجعله يخسر‬
    ‫هو أنه بعد الذروة ‪-‬التي‬    ‫خارج فلورنسا مباشرة هر ًبا‬
                                   ‫من الطاعون الذي أصاب‬                            ‫الانتخابات القادمة‪.‬‬
     ‫عليها أن تقع بسرعة!‪-‬‬                                                   ‫وفي المقابل فإن بعض‬
 ‫ستعود الأمور إلى طبيعتها‪.‬‬       ‫المدينة‪ .‬وبالمثل فإننا وفي‬
 ‫وفي هذا السياق‪ ،‬تم إبلاغي‬     ‫ظل أزمة الوباء الحالي‪ ،‬يمكن‬                      ‫اليساريين (من أمثال‬
                               ‫للنخبة الثرية أن تنسحب إلى‬                   ‫أغامبين) ينددون بالتدابير‬
      ‫بأن ندوة جامعية كنت‬
 ‫سأشارك فيها بالفعل قد تم‬        ‫مناطق منعزلة حيث تسلي‬                            ‫التي تتخذها الدولة‬
 ‫تأجيلها إلى سبتمبر القادم‪..‬‬    ‫نفسها بسرد قصص الحب‬                           ‫ومنظمة الصحة العالمية‬
  ‫إن الفخ الذي أحذر منه هو‬      ‫التي تتنوع في الديكاميرون‬                   ‫وينظرون إليها كإجراءات‬
 ‫أنه حتى لو عادت الحياة في‬     ‫بين الجنسية إلى المأساوية‪،‬‬                    ‫مشوبة بكراهية الأجانب‪،‬‬
  ‫نهاية المطاف إلى مجراها‪،‬‬
  ‫فلن تكون بالحالة الطبيعية‬         ‫بينما يتعين علينا‪ ،‬نحن‬                          ‫وبالتالي يصرون‬
 ‫نفسها التي اعتدنا عليها قبل‬                                                             ‫على الدعوة‬
 ‫تفشي الوباء‪ .‬فالأشياء التي‬                                                             ‫إلى استمرار‬
‫كنّا نستخدمها وتعودنا عليها‬                                                               ‫المصافحة‬
 ‫كجزء من حياتنا اليومية لن‬
 ‫تعود كما كانت فيما مضى‪،‬‬                                                               ‫باليد والتقبيل‬
                                                                                         ‫والبقاء على‬
    ‫وسيتعين علينا أن نتعلم‬
‫التأقلم والعيش في حياة أكثر‬                                                          ‫البناء الاجتماعي‬
                                                                                   ‫التقليدي‪ .‬مثل هذا‬
 ‫هشاشة مع وجود تهديدات‬
  ‫مستمرة محتجبة‪ .‬سيتعين‬                                                               ‫الموقف يتغافل‬
  ‫علينا إذن تغيير موقفنا من‬                                                              ‫عن المفارقة‬
 ‫الحياة بالكامل‪ ،‬ونظرتنا إلى‬
 ‫وجودنا ككائنات حية تعيش‬                                                              ‫المتمثلة في أن‪:‬‬
  ‫بين أشكال الحياة الأخرى‪.‬‬                                                           ‫عدم المصافحة‪،‬‬
                                                                                    ‫والبقاء في العزل‬
                                                                                     ‫عند الحاجة‪ ،‬هو‬
   171   172   173   174   175   176   177   178   179   180   181