Page 173 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 173

‫حول العالم ‪1 7 3‬‬

‫وحيوية‪ ،‬يمكن للمرء أن يميل‬             ‫إن وباء فيروس كورونا لا‬       ‫بصدد الولادة‪ ،‬شكل يعترف‬
   ‫إلى اعتبار فيروس كورونا‬                                             ‫بالترابط المتبادل وبأولية‬
 ‫على أنه عدوى مفيدة تسمح‬            ‫يشير إلى مجرد تقييد عولمة‬           ‫النشاط الجماعي المنسق‬

‫للبشرية بالتخلص من العجزة‬                  ‫السوق فقط‪ ،‬بل ينبئ‬       ‫الذي يفرضه الواقع العالمي»‪.‬‬
‫والضعفاء‪ ،‬تما ًما مثل التخلص‬                                        ‫ومع هذا فلا يزال الموقف‬
                                     ‫أي ًضا بالتقييد التام للنزعات‬
 ‫من الأعشاب نصف الفاسدة‬                                                  ‫الذي لا يزال سائ ًدا إلى‬
 ‫حتى يمكن للنباتات الأصغر‬               ‫الشعبوية القومية التي‬        ‫الآن يشير إلى أن «كل دولة‬
                                                                     ‫تعمل من أجل نفسها»‪ ،‬وكما‬
     ‫سنًّا أن تزدهر‪ ،‬وبالتالي‬          ‫تصر على تحقيق السيادة‬          ‫كتب «هوتون» في صحيفة‬
       ‫يسهم ذلك في الصحة‬
      ‫العالمية ككل‪ .‬إن النهج‬            ‫مطلقة العنان‪ .‬إن شعار‬          ‫«الجارديان»‪« :‬هناك حظر‬
                                                                    ‫وطني على تصدير المنتجات‬
    ‫الشيوعي الذي أدافع عنه‬          ‫«أمريكا (أو أي شخص) أوًل!»‬
  ‫هو السبيل الوحيد لنبذ مثل‬                                             ‫الرئيسية‪ ،‬مثل الإمدادات‬
   ‫هذه التوجهات والادعاءات‬                ‫انتهى ما دام لا يمكن‬           ‫الطبية‪ ،‬إلى البلدان التي‬
 ‫البدائية العنصرية‪ .‬ويجب أن‬                                         ‫تنكفئ على نفسها وتنزع إلى‬
 ‫نضع في اعتبارنا أن علامات‬           ‫إنقاذ أمريكا نفسها إلا من‬      ‫تحليلها الخاص للأزمة وسط‬
   ‫تقليص التضامن الإنساني‬                                               ‫نقائص مح ّددة وعارضة‪،‬‬
‫والدولي بدأت تلوح في الأفق‪،‬‬              ‫خلال التنسيق والتعاون‬          ‫ومقاربات بدائية لاحتواء‬
 ‫حيث يمكن ملاحظتها بالفعل‬
  ‫في المناقشات الجارية‪ ،‬كما‬                               ‫العالمي‬                      ‫الأزمة»‪.‬‬
‫هو الحال في الملاحظة التالية‬                                          ‫ومن جانبنا نرى أن وباء‬
  ‫حول دور «الحكماء الثلاثة»‬       ‫العقلاني الوحيد الذي يتوجب‬
‫في المملكة المتحدة‪ ،‬إذا اتخذ‬      ‫أن نتعلمه كما يتوجب تنفيذه‬            ‫فيروس كورونا لا يشير‬
                                                                          ‫إلى مجرد تقييد عولمة‬
    ‫الوباء منعط ًفا أكثر سو ًءا‪:‬‬    ‫وتطبيقه‪ .‬ولا يقتصر الأمر‬
 ‫فقد حذر كبار الأطباء من أن‬          ‫هنا على فيروس كورونا‪:‬‬            ‫السوق فقط‪ ،‬بل ينبئ أي ًضا‬
 ‫مرضى المستشفيات التابعة‬           ‫فقد عانت الصين نفسها منذ‬                ‫بالتقييد التام للنزعات‬
                                     ‫أشهر من وباء ضخم آخر‬
      ‫لهيئة الخدمات الصحية‬        ‫وهو أنفلونزا الخنازير‪ ،‬وهي‬         ‫الشعبوية القومية التي تصر‬
    ‫الوطنية‪ ،‬قد يحرمون من‬             ‫مهددة الآن باحتمال غزو‬          ‫على تحقيق السيادة مطلقة‬
     ‫أجهزة الرعاية المركزية‬        ‫الجراد‪ .‬وبالإضافة إلى ذلك‪،‬‬
  ‫المنقذة للحياة‪ ،‬أو ما يعرف‬       ‫وكما لاحظ الكاتب الصحفي‬              ‫العنان‪ .‬إن شعار «أمريكا‬
   ‫بأجهزة الإعاشة‪ ،‬في حال‬             ‫البريطاني «أوين جونز»‪،‬‬              ‫(أو أي شخص) أو ًل!»‬
   ‫تفشي فيروس كورونا في‬            ‫فإن أزمة المناخ تقتل العديد‬
      ‫بريطانيا؛ حيث ستكون‬             ‫من الأشخاص في جميع‬              ‫انتهى ما دام لا يمكن إنقاذ‬
     ‫وحدات العناية المركزية‬       ‫أنحاء العالم أكثر من فيروس‬          ‫أمريكا نفسها إلا من خلال‬
 ‫مشغولة بمكافحة هذا الوباء‪.‬‬          ‫كورونا‪ ،‬ولكن لا يوجد أي‬          ‫التنسيق والتعاون العالمي‪.‬‬
                                                                     ‫إنني لس ُت طوباو ًّيا هنا‪ ،‬كما‬
       ‫وبموجب البروتوكول‬                      ‫ذعر بشأن ذلك‪.‬‬            ‫أنني لا أدعو إلى التضامن‬
   ‫المسمى (الحكماء الثلاثة)‪،‬‬          ‫من وجهة نظر ساخرة‬               ‫التام الكلي وغير المشروط‬
                                                                        ‫بين جميع الدول‪ ،‬بل على‬
     ‫سيضطر ثلاثة من كبار‬                                                ‫العكس‪ ،‬إن الأزمة الحالية‬
        ‫الاستشاريين في كل‬                                             ‫ُتظهر بوضوح أن التضامن‬
                                                                     ‫والتعاون يصب في مصلحة‬
 ‫مستشفى إلى اتخاذ قرارات‬                                              ‫بقاء الجميع وبقاء كل واحد‬
                                                                     ‫منا‪ ،‬وهذا هو الدرس الأناني‬
   168   169   170   171   172   173   174   175   176   177   178