Page 174 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 174

‫العـدد ‪١٩‬‬                              ‫‪174‬‬

                                ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬                       ‫بشأن تقنين الخدمات الطبية‬
                                                                ‫مثل أجهزة التنفس الصناعي‪،‬‬
     ‫(‪)Giorgio Agamben‬‬                ‫يقيًنا فإن إغلاق المحلات‬
   ‫بطريقة مختلفة جذر ًّيا عن‬                                       ‫والأ ِس َّرة‪ ،‬في حالة اكتظاظ‬
   ‫هذه الطريقة السابقة التي‬            ‫والشركات والمؤسسات‬              ‫المستشفيات بمرضى‬
   ‫يقول بها غالبية المعلقين؛‬                                               ‫فيروس كورونا»‪.‬‬
    ‫حيث استهجن «إجراءات‬                 ‫في جميع أنحاء إيطاليا‬         ‫السؤال المهم هنا‪ :‬ما‬
    ‫الطوارئ المحمومة وغير‬
  ‫المنطقية وغير المبررة على‬        ‫كان حل ًما من أحلام النظام‬       ‫هي المعايير التي سيعتمد‬
   ‫الإطلاق ‪-‬في رأيه‪ -‬والتي‬                                           ‫عليها «الحكماء الثلاثة»؟‬
 ‫تم اعتمادها لمواجهة تفشي‬              ‫الفاشستي‪ .‬ولا عجب أن‬          ‫أهي التضحية بالأضعف‬
   ‫فيروس كورونا المستجد‪،‬‬
‫الذي هو ‪-‬كما يعتقد‪ -‬مجرد‬                 ‫الصين‪ ،‬كما هو حالها‬       ‫وكبار السن؟ وإذا كان ذلك‬
                                                                    ‫كذلك‪ ،‬ألا يفتح وض ُع مثل‬
     ‫نسخة أخرى من مرض‬                      ‫الآن‪ ،‬أثبتت من خلال‬   ‫هذا المجال أمام فسا ٍد أعظم؟‬
       ‫الإنفلونزا‪ ،‬وإن بشكل‬                                       ‫ألا تشير هذه الإجراءات إلى‬
                                         ‫سيطرتها الاجتماعية‬        ‫أننا على أعتاب منطق أكثر‬
    ‫أكثر حدة وأوسع نطا ًقا»‪،‬‬                                    ‫وحشية يستند إلى فكرة البقاء‬
‫وتساءل‪« :‬لماذا تبذل وسائل‬           ‫الرقمية الواسعة الانتشار‪،‬‬      ‫للأصلح؟ لذا‪ ،‬ومرة أخرى‪،‬‬
  ‫الإعلام والسلطات قصارى‬                                          ‫فإننا جمي ًعا ليس لدينا خيار‬
‫جهدها لخلق مناخ من الذعر‪،‬‬          ‫أنها مستعدة بشكل أفضل‬           ‫حقيقي سوى‪ :‬البربرية‪ ،‬أو‬
‫وبالتالي إثارة البلبلة‪ ،‬وتبرير‬                                      ‫نوع من الشيوعية المعاد‬
                                        ‫للتعامل مع هذا الوباء‬
    ‫وجود استثنائية حقيقية‪،‬‬                                                        ‫تجديدها‪.‬‬
 ‫مع تقييد شديد على الحركة‬               ‫الكارثي‪ .‬لكن ألا يعني‬
 ‫والانتقال‪ ،‬بل وتعليق أنشطة‬                                                     ‫(‪)8‬‬
‫الحياة اليومية وأنشطة العمل‬           ‫هذا على الأقل أن الصين‬
                                                                         ‫رقابة وعقاب؟‬
       ‫في مناطق بأكملها؟»‪.‬‬           ‫تمثل مستقبلنا في بعض‬                    ‫نعم رجاء!‬
   ‫يرى أغامبين أن السبب‬
‫الرئيسي لذلك هو «الاستجابة‬                 ‫الجوانب على الأقل؟‬    ‫لاحظ العديد من المتابعين‬
                                                                      ‫والمعلقين من أصحاب‬
     ‫غير المتناسبة» و«الميل‬     ‫جميع أنحاء إيطاليا كان حل ًما‬            ‫الاتجاهات الليبرالية‬
        ‫المتزايد لتفعيل حالة‬     ‫من أحلام النظام الفاشستي‪.‬‬
                                 ‫ولا عجب أن الصين‪ ،‬كما هو‬           ‫واليسارية أن من النتائج‬
     ‫الاستثناء (أو الطوارئ)‬       ‫حالها الآن‪ ،‬أثبتت من خلال‬     ‫المترتبة على انتشار فيروس‬
‫لتكون نموذ ًجا لتسيير الأمور‬     ‫سيطرتها الاجتماعية الرقمية‬      ‫«كورونا» هي أنه يساعد في‬
‫في الأوقات الطبيعية»‪ .‬تسمح‬                                       ‫تبرير وإضفاء الشرعية على‬
                                      ‫الواسعة الانتشار‪ ،‬أنها‬
   ‫هذه الإجراءات المفروضة‬       ‫مستعدة بشكل أفضل للتعامل‬            ‫تدابير السيطرة والتنظيم‬
     ‫للحكومة بتقييد حرياتنا‬                                       ‫الحكومي على الناس‪ ،‬وهي‬
                                  ‫مع هذا الوباء الكارثي‪ .‬لكن‬
‫بشكل خطير بموجب مرسوم‬              ‫ألا يعني هذا على الأقل أن‬        ‫تدابير لم يكن من الممكن‬
      ‫تنفيذي ينص على أنه‪:‬‬          ‫الصين تمثل مستقبلنا في‬            ‫التفكير فيها‪ ،‬فيما مضى‬
       ‫من الواضح أن هذه‬            ‫بعض الجوانب على الأقل؟‬          ‫على الأقل‪ ،‬في المجتمعات‬
                                   ‫في تعليقه على الأحداث‬
   ‫القيود لا تتناسب مع حجم‬                                              ‫الديمقراطية الغربية‪.‬‬
   ‫التهديد الذي تمثله الأزمة‪،‬‬          ‫الراهنة‪ ،‬رد الفيلسوف‬         ‫يقينًا فإن إغلاق المحلات‬
                                 ‫الإيطالي «جورجيو أغامبين»‬       ‫والشركات والمؤسسات في‬
       ‫وذلك بحسب ما أعلنه‬
 ‫المجلس النرويجي للاجئين‪..‬‬
   169   170   171   172   173   174   175   176   177   178   179