Page 239 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 239

‫بصمود تمُّر ِده الهادئ ومع بضع‬                                        ‫(بمعناها السلبي) فتضم‬
   ‫لحظات أعلى غض ًبا‪ُ ،‬يعِّزز أحمد‬                                ‫إليها أفرا ًدا معزولين مبع َثرين‬
  ‫زكي أو «أحمد الشاعر» مكانته‬
                                                                       ‫ومج َّردين من روابطهم‬
‫عبر المسرح والشاشة‪ .‬على الرغم‬                                     ‫الاجتماعية حتى يصبح الفرد‬
    ‫من أ َّن التسمية الميلودرامية‬                                 ‫منهم لا يستشعر نفعه إلا من‬
    ‫لـ»وضعه المختلف» تستجلب‬
   ‫تعاطف الجمهور وتدعوه إلى‬                                         ‫خلال انتمائه لهم ‪-‬الحركة‬
       ‫مشاركة واقعه الاجتماعي‬                                       ‫التوتاليتارية‪ -‬ويشترط أن‬
                ‫والاقتصادي الأليم‬                                  ‫تكون تلك الجماهير مستقيلة‬

‫من فيلم «البريء»‬                                                         ‫سياسيًّا أو غير مبالية‬
                                                                     ‫بالأحداث السياسية وغير‬
  ‫الأنظمة الشمولية على مسخ‬            ‫«أعداء الوطن» وهذا من‬           ‫فعالة فيها‪ ،‬وهذا عبر عنه‬
‫إنسانها وتحويله من فاعل إلى‬         ‫شأنه أن يضفي وه َم أنهم‬        ‫«الصول» بسؤاله عن الدفعة‬
                                 ‫أصحاب قرار وأصحاب إنتاج‬              ‫الجديدة إذا كان فيهم من‬
   ‫كادح‪ ،‬تجعله محصو ًرا بما‬         ‫بمحاربتهم الأعداء‪ ،‬بالتالي‬     ‫يستطيع القراءة أو الكتابة أو‬
‫يحتاجه لقوته دون ما يجب أن‬        ‫فإنهم يق ِّدمون قرابين الولاء‬   ‫إذا كان «حد منهم متربي في‬
                                   ‫والطاعة‪ .‬وهي خطوة أخرى‬          ‫البندر؟» أي المدينة‪ ،‬وارتاح‬
  ‫يفعله بوصفه ح ًّرا‪ ،‬نجد ذلك‬    ‫لإحلال التوتاليتارية حيث يتم‬    ‫عندما علم أنهم حفنة من الذين‬
 ‫ممثَّ ًل في المشهد الذي حاول‬    ‫إقناعهم بأنهم يمسكون زمام‬           ‫لا يعرفون حتى كيفية فك‬
 ‫فيه «أحمد سبع الليل» العزف‬       ‫الأمور بالإيحاء‪ .‬بينما بعدما‬      ‫الخط ويعيشون في النجوع‬
                                 ‫سادت العزلة والتج ُّرد سحبت‬         ‫والكفور‪-‬الم َّطرفة‪ -‬ليكون‬
   ‫على نايه الذي صنعه بيديه‬         ‫منهم السلطة الحقيقة وتم‬          ‫أول حصاد من هذه العزلة‬
‫ليسليه ‪-‬أثناء الخدمة‪ -‬فيزعق‬                                       ‫واللامبالاة السياسية والجهل‬
‫فيه العريف ويذ ِّكره أنه لم يعد‬                 ‫إبدالها بوهم‪.‬‬          ‫هو الولاء غير المشروط‬
                                      ‫على جانب آخر تعمل‬             ‫وتنفيذ الأوامر دون تفكير‪،‬‬
  ‫في الغيط مرة أخرى ليعزف‬                                          ‫وهذا نجده جليًّا عندما ُيطلب‬
 ‫كما يحلو له كما في السابق‪.‬‬                                      ‫من «سبع الليل» أن يضرب من‬
                                                                 ‫يقف بجانبه فيفعلها‪ ،‬ثم ُيسأل‬
    ‫ومن نتائج التوتاليتارية‬                                         ‫لماذا؟ فيجيب بثقة أنه يجب‬
                                                                   ‫عليه طاعة الأوامر حتى وإن‬
                                                                  ‫كانت خاطئة‪ .‬فيبتسم الصول‬

                                                                               ‫ابتسام َة رضا‪.‬‬
                                                                    ‫إن النظام التوتاليتاري‪/‬‬

                                                                        ‫الشمولي يتم خطته في‬
                                                                       ‫الاستحكام بخلق تص ُّور‬
                                                                        ‫لدى تلك الجماهير بأن‬
                                                                    ‫هناك أخطا ًرا محدقة جلبتها‬
                                                                   ‫الديمقراطيات الغربية ويجب‬
                                                                   ‫فضحها ومحاربتها‪ ،‬وهو ما‬
                                                                    ‫تم اختزاله في الفيلم باسم‬
   234   235   236   237   238   239   240   241   242   243   244