Page 57 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 57

‫‪57‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫شعــر‬

                      ‫وتملأ بهم كيسي المهترئ‪..‬‬                           ‫هنا وهناك بحري ِة َم ْن َف َّر من قيد ِه السميك‪..‬‬
                                                                  ‫وكانت الأمور تصل لدرجة أن أشار َك ملا ًكا غمزا ٍت‬
  ‫قصائد كثيرة بدأتها بـ «الرجل الذي‪ »..‬و«البن ُت‪»..‬‬
  ‫و«ال َغ ْي َم ُة‪ »..‬و«الزحام‪ ..»..‬لكنني َسئِ ْم ُت من التسلُّل‬               ‫بلا عدد ونحن نصطا ُد من البحيرة‪..‬‬
                                                                                                     ‫لكنني الآن‪..‬‬
       ‫وإخراج اللح ِم من العل ِب المدفونة في الطين‪..‬‬
‫واليوم وأنا أرى العجوز تقف لي أسفل الشرفة وهي‬                      ‫بعدما فتح ُت صندو َق أبي المدفون تح َت السرير‪..‬‬
                                                                     ‫وبعدما ن َط َقت الخرسا ُء وأخبرتني بكل ما كان‪..‬‬
 ‫تبتس ُم وتغمز بعين ْيها‪ ..‬صر ُت لا أحتم ُل الموتى ولا‬                 ‫وأمي التي عادت لكوخها قبل أن تبدأ الدراما‪..‬‬
  ‫الأحياء‪ ..‬الطيو َر والشبابي َك والكلا َب والأنهار‪ ..‬كل‬                                     ‫صر ُت لا أح ُّب شيئًا‪..‬‬
‫الكائنات التي خانتني وسكنت هذه الصفحات أو تلك‬                                                         ‫صر ُت ح ًّرا‬
                                                                                               ‫كأنني رشق ُة ضو ٍء‬
            ‫الشوارع أو حتى طارت في هذا الهواء‪..‬‬                                                           ‫جاحدة‬
     ‫صر ُت أتو ُق لقصيد ٍة تهرب من السماء والأرض‬                                      ‫لا ت ُك ُّف عن اختراق الأشياء‪..‬‬
‫التي تبتعد كلما خطونا عليها‪ ..‬تصحو بلا غابا ٍت ولا‬
‫معاب َد ولا ح ٍب ولا َع َرق‪ ..‬تزح ُف بمك ٍر ثم تتآك ُل كلما‬                            ‫أزمة منتصف العمر‬
‫سقطت على بطنها شم ٌس أو التص َق بتلويحاتها قمر‪..‬‬
‫قصائد لا تقول شيئًا لكنها تحيا بأم ٍل كاذ ٍب وخبيث‪..‬‬              ‫قصائ ُد كثيرة بدأ ُتها بـ «أُ ِح ُّس‪ »..‬و«رأي ُت‪ »..‬أو «أنا‬
                                                                   ‫الذي‪ »..‬لكنَّني حقيق ًة َسئِ ْم ُت من مرآتي وأشباحها‬
                               ‫يبدو كأن ُه ينبض‪..‬‬                 ‫وب ُّت لا أتح َّم ُس كثي ًرا ل َك ِّفي وهي تكب ُر وتتشعب ثم‬
                        ‫كلما َم َّر عليه َومي ٌض يتي ٌم‬            ‫ته ِوي على الزجاج المراوغ وتنثر الد َم والكوابيس‬
                         ‫أو ارتعشت على ُخ ْص َلتِ ِه‬

                                          ‫ُق ْب َل ْة‪..‬‬
   52   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62