Page 56 - ميريت الثقافية- العدد 19- يوليو 2020
P. 56

‫العـدد ‪١٩‬‬   ‫‪56‬‬

                                                                  ‫يوليو ‪٢٠٢٠‬‬

‫مؤمن سمير‬

‫رشق ُة ضوء جاحد ٍة‬

‫في وسط الكلام‪ ،‬فتتس َّر ُب جبا ٌل أخرى بدالها واسمها‬                               ‫عجو ٌز يغفو وسط الكلام‬
   ‫ال ِظلال‪ ..‬لي َس في غرفتي إلا ال ِظلال‪ ..‬تتنا َس ُل به َّم ٍة‬
                                                                  ‫أيقن ُت أخي ًرا أ َّنه كان واه ًما‪ ،‬ذلك الذي ظ َّن أن الدمو َع‬
 ‫وتملأ حائ ًطا وحائ ًطا والحوائ ُط لها عيون والعيو ُن لا‬             ‫تحفر لها مج ًرى آمنًا في صحراء الخد أو أن تلك‬
  ‫تشغلُني بما تراه ولكنَّها ترعبني بكل ما تقبض علي ِه‬
                                                                   ‫الدموع قد َش َّرت أسا ًسا من العينين في نفس الليلة‬
         ‫ثم ُت ِص ُّر ألا تحكي‪ ..‬حتى في ليالي الشتاء‪..‬‬                             ‫التي طا َر فيها من أوراق حبيبت ِه‪..‬‬

          ‫يتج َّم ُد قل ُب ُه على مشه ٍد غير مؤ ِّثر‬                    ‫الدمو ُع يا صديقي جمل ٌة منسي ٌة في َج ْي ِب فنا ٍن‬
                                                                    ‫غام ٍض وشفيف‪ ،‬خطفها مجنو ٌن وألقاها فاستق َّرت‬
‫كن ُت قدي ًما أح ُّب الروايات‪ ،‬لأن أشباحها تتسلَّل وتنام‬             ‫في ذلك القلب الذي يحيا على الخو ِف والنسيان‪..‬‬
    ‫إلى جواري‪ ،‬سنوات وسنوات حتى نلتصق تما ًما‬
                      ‫فأمل ُك حينها أكثر من حياة‪..‬‬                    ‫عبارا ٌت مثل هذه تجعلني أعي ُد النظر في أشيائي‬
   ‫الغاب ُة‪ ..‬كن ُت أحبها أي ًضا‪ ..‬لأنها ال ِجنيَّ ُة التي تربي‬      ‫القريبة والبعيدة‪ :‬أليس من الممكن أن تكون أقنع ًة‬

‫أشبا ًحا صريح ًة‪ ..‬تمشي في الشوارع وتعطل المرور‬                   ‫لقناب َل قد تم ِّزق أمي وتحرق صوتي وسجادتي التي‬
‫بينما تضحك‪ ..‬كانت تقول بصو ٍت عا ٍل ما عليك إلا أن‬                    ‫اختبأ ُت في نقوشها لأنجو من الزلزال؟ َألا يصح‬
                                                                     ‫أن تكون يد أبي التي ُتحكم الغطاء من حولي وأنا‬
                ‫تتبعني وكن ُت أتبعها هانئًا وخفي ًفا‪..‬‬
                         ‫لكنني الآن لا أحب شيئًا‪..‬‬                ‫أتظاهر بالنوم هي صاعقة الله الذي َم َّل من ضجيجنا‬
                                                                                                          ‫وبكائنا؟‬
   ‫في زماني الأول‪ ،‬كانت قدرتي على المحبة عجيب ًة‬
‫ومربكة‪ ..‬كان قلبي يقف ُز جواري ويربت عل َّي ببساطة‬                ‫أنف ُخ وأُ َش ِّم ُر وأقول لنفسي أنا قاد ٌر بما يكفي ثم أبدأُ‬
 ‫وشراييني تغنِّي وتنتف ُخ وتطير‪ ..‬كانت عيوني تدور‬                     ‫بتكسير الجبال وإزاحتها من على صدري وكأنها‬

                                                                  ‫سماوا ٌت من الدخان‪ ..‬لكنني للأسف أغفو كأي عجو ٍز‬
   51   52   53   54   55   56   57   58   59   60   61