Page 128 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 128

‫أفضل للإنسان فى وطنها‪.‬‬               ‫كان اصطفاف الليبيات كسلوى‬
     ‫كانت من أولى المدافعات عن‬                 ‫وانتصار وراء الحزب الليبرالي‬
    ‫الديمقراطية وحقوق الإنسان‬
 ‫بعد حراك ‪ 17‬فبراير ‪ 2011‬ومن‬                ‫وتصويتهن له بأغلبية ساحقة‬
     ‫المؤسسات للمجلس الوطني‬               ‫من الأمور التى استفزت القيادات‬
 ‫الانتقالي الذي تولى مؤقتًا سلطة‬     ‫الميليشياوية الحاكمة واقع ًّيا‪ ،‬والتى‬
   ‫إدارة البلاد بعد سقوط النظام‬        ‫بدأت بمباشرة فصل دموي لمخطط‬
                                         ‫ممنهج لجرائم قتل متسلسلة ضد‬
                       ‫السابق‪.‬‬      ‫الأنوثة فى ليبيا‪ ،‬فبعد أيام من اغتيال‬
      ‫كان من المفترض أن تؤدي‬            ‫سلوى قتلت أي ًضا البرلمانية فريحة‬
     ‫مشاركة ناشطات ليبراليات‬
     ‫كسلوى وغيرها إلى تحسين‬                                          ‫البركاوي‬
    ‫وضع المرأة في ليبيا‪ ،‬ولكنهن‬
  ‫قوبلن بهجمة مضادة من قوى‬               ‫سلوى لتستحق هذه النهاية‬         ‫الرصاص وطعنوها عدة مرات‪،‬‬
    ‫إسلامية سعت لإخراج المرأة‬             ‫الموجعة والبشعة الموغلة فى‬         ‫ثم اقتادوا زوجها إلى مكان‬
   ‫الليبية من دائرة القرار‪ .‬كانت‬
 ‫البداية بالاستبعاد المتعمد للنساء‬                 ‫العنف والدموية‪.‬‬      ‫مجهول والذى لا يعرف مصيره‬
   ‫من الكوادر القضائية والجيش‬           ‫كانت سلوى زميلتي فى مهنة‬                            ‫حتى اليوم‪.‬‬
   ‫والشرطة‪ ،‬وإلغاء شروط تعدد‬             ‫المحاماة لخمسة عشر عا ًما‪.‬‬
     ‫الزوجات من قانون الأحوال‬         ‫كنّا نلتقي في الصباح فى أروقة‬            ‫لم تكن تعرف سلوى بأن‬
 ‫الشخصية‪ ،‬وخفض سن الزواج‬             ‫محكمة شمال بنغازي‪ ،‬وكل منّا‬          ‫انجرافها خلف وهم التغيير لم‬
   ‫للقاصرات‪ ،‬ومنع الليبيات من‬           ‫تريد اللحاق بنهارها المزدحم‬     ‫يكن فقط مستف ًزا للقوى الظلامية‬
    ‫السفر بدون محرم أو الزواج‬          ‫بالقضايا وجداول عملائها‪ .‬لم‬
                                    ‫تكن علاقتي بها وثيقة ولكننا كنا‬           ‫(مليشيات أنصار الشريعة‬
                       ‫بأجنبي‪.‬‬         ‫نلتقي بشكل روتيني ونتحدث‬              ‫المتهم الأول بقتلها)‪ ،‬بل إنها‬
      ‫هذا السلب الممنهج لحقوق‬         ‫أحيا ًنا أثناء استراحة المحاميات‬  ‫كانت شوكة فى خاصرة زملائها‬
       ‫النساء قابله حراك نسوي‬        ‫عن الحياة ومتاعب المهنة وأعباء‬       ‫الرجال من رياديي المرحلة من‬
     ‫قوي خرج فى عدة مظاهرات‬           ‫الأسرة‪ .‬لم تكن سلوى مختلفة‬           ‫مدعي الليبرالية داخل المجلس‬
     ‫فى العاصمة طرابلس ما بين‬         ‫عن أي امراة ليبية عاملة تحقق‬        ‫الانتقالي وائتلاف فبراير‪ ،‬ممن‬
 ‫عامي ‪ .2013 -2012‬في البداية‬           ‫المعادلة المستحيلة للتوفيق بين‬        ‫يريدون استبعاد النساء من‬
    ‫ماطلت السلطات في التجاوب‬                                                ‫صورة ليبيا الجديدة‪ ،‬بعد أن‬
 ‫مع مطالبات النساء‪ ،‬ولكن الأمر‬            ‫بيتها ووظيفتها فى منظومة‬         ‫استخدموها فى البداية لإقناع‬
     ‫تع ّدى ذلك فيما بعد‪ ،‬فبرزت‬     ‫اقتصادية تستغل المراة‪ ،‬ولكنها لا‬
     ‫حملات التشهير بالناشطات‬                                                     ‫العالم بأهدافهم المدنية‪.‬‬
  ‫وتكفيرهن‪ .‬ومع الوقت صارت‬                      ‫تتعرف على حقوقها‪.‬‬            ‫كانت هذه أول عملية اغتيال‬
     ‫الحرب أكثر ضراوة‪ ،‬وبدأت‬             ‫كانت سلوى مثل كل إنسان‬          ‫لناشطة سياسية ليبية في تاريخ‬
‫حملات الإخفاء القسري والحبس‬             ‫سوي تحلم بظروف مواطنة‬             ‫البلاد‪ ،‬ولكنها لم تكن الأخيرة‪.‬‬
‫والاختطاف واستخدام الاغتصاب‬                                                  ‫ولكن يا ترى ما الذى فعلته‬
   ‫كوسيلة تهديد‪ .‬وللأسف‪ ،‬فقد‬
  ‫أدى كل هذا إلى ابتعاد الكثيرات‬

                    ‫عن الحراك‪.‬‬
   123   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133