Page 126 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 126
العـدد 37 124
يناير ٢٠٢2
في معظمها ولم يتبق منها سوى روجيه جارودي عبد الوهاب المسيري إسماعيل الكيلاني
شذرات وأوراق متناثرة لا يصلح
السلطة أو الموالين والمرتبطين ليست قضية خلق القرآن كما هو
معها بناء فكرة ومنظومة عمل بها من قدر الله ومراده في الدنيا، مشهور ،إنما قضية خلق أفعال
متكاملة.
ولا راد لقضاء الله وقدره، العباد ،والسبب أن الأولى عقائدية
فمما سبق تبين أن التنوير وبالتالي صار الاعتراض على لا يترتب عليها مصالح دنيوية،
يستفيد من تلك الأفعال والحروب السلطة وعناصرها هو كافر أما الثانية فهي سياسية تتعلق
متهم بالتجديف وازدراء الدين بمصالح أهل السنة بالخصوص،
مثلما يستفيد الإنسان من فو ًرا ،بينما المعتزلة قالوا هذا جبر لكونهم ملوك المجتمع العربي
صدماته وتجاربه ،والصراع بين كان من رفضه الحسن البصري برواية الحديث .ولاح ًقا في عصر
العدل والظلم أو بين الخير والشر بقوله« :أن مقادير الله لا تجري المتوكل ملوك السياسة ،فالسنة
طويل لا ينتهي ،وممتد في النفس بالشر» ..واتهم من يزعم ذلك أنه قالوا إن الله يخلق أفعال العباد
كباعث على إحيائه في أي زمن بعد عدو لله وكذاب يستحق الطرد خي ًرا أو ش ًّرا ،بينما قال المعتزلة:
من مجتمعات المسلمين ،ويبدو لا يجوز كون الله لا يفعل إلا
توافر شروطه. أن هذه التجربة للمعتزلة ضد حسنًا ،والعدل لا يخلق ظلم
أما مهمة المستنير فيجب أن الأمويين -والعباسيين لاح ًقا-
يكون فيها محاي ًدا بين تلك الرؤى ألهمت مصلحي أوروبا بعد الثورة العباد لبعضهم ،إنما هم يظلمون.
الأصولية المتشددة ،فلا يدعم على الكنيسة الكاثوليكية في عصر والصحيح أن الله (يخلق القدرة
أصوليي المسلمين ضد نظرائهم الإصلاح البروتستانتي ،والفارق على الفعل في نفس الفاعل لا الفعل
المسيحيين واليهود ..والعكس أن أعمال مصلحي وفلاسفة نفسه) ثم اتهموا السنة بالجبر.
صحيح ،أي ُيمتنع دعمه لإسرائيل أوروبا ظلت وخلدت لظهورها
وأصوليي المسيحية ضد نظرائهم في عصر الطباعة على الأرجح، ولتوضيح أكثر فخلق أفعال
المسلمين ،وأن يتبنى موق ًفا لكن أعمال المعتزلة بادت و ُحر َقت العباد عند الحاكم يعني أن أفعال
إنسانيًّا يكون فيه داعية سلام
يوازن فيه بين رغباته الشخصية السلطة صارت مقدسة ،فكل
ومصالحه في دعم أحد هذه بطش وظلم وسرقة تحدث من
الأطراف ،وبين مبادئه العقلية
والإنسانية في الحياد والدعوة
لإنهاء تلك الحروب ،وسوف
يدفعه ذلك -ربما -لمعارضة
الاحتلال الإسرائيلي بالقدر نفسه
الذي يعارض فيه دولتي «الخلافة
والإمامة» الإسلاميتين ،وأما
الجهد الثقافي والتحليل ونشاطه
الذهني فيحرص ألا يتعارض
مع هذا التوجه منه بنسق فكري
واضح ..علما بأن مهمة المستنير
هي تحقيق المنفعة العامة سواء
للعلماء أو الجهال ..للمتقدمين أو
المتخلفين ،ونشر العلم اللازم لتلك
المنفعة بُغية العدالة