Page 125 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 125
أفاض "وول ديورانت" في الجزء 29من تلك المعركة آخر الزمان في
موسوعته "قصة الحضارة" في وصف العقل الصهيوني -اليهودي
أنباء الحروب الأوروبية في القرون والمسيحي ،-وهي النقطة التي
الوسطى قبل وأثناء عصر التنوير، خلقت شعو ًرا معاد ًيا بنفس
واستخلص منها مشه ًدا عا ًّما وهي الدرجة لكل من قرأ الموسوعة
وتأثر بها من الإسلاميين ،لدرء
أنها تجري بطبيعة دينية ،سواء بين ذلك الخطر المحدق الذي ص َّوره
الأوربيين والدولة العثمانية أو بين المسيري ،ليصبح في النهاية معتقد
الجهاد الإسلامي مشب ًعا بنفس
الأوروبيين وأنفسهم ،بالخصوص في الصورة المسيحية عن حروب «هر
نطاق ما عرف قدي ًما بالإمبراطورية
الرومانية المقدسة مجدون».
وهنا لمحة هامة أن سببًا رئيسيًّا
المؤمنين كفولتير بالتعصب ،فقط فيه بطريقة إنسانية ،حتى يظهر
لكونه ظل مؤمنًا كما نقل ذلك دين أو معتقد أو فلسفة جديدة لقوة التيار الملحد هو تلك
المعتقدات الهجومية بالأساس،
وول ديورانت في قصة الحضارة تحقق له تلك الرغبات. فالمعتقد الهجومي ذو طبيعية
( ،)66 /26مما يدل على أزمة ومن تلك المرجعية أذكر أن أول عسكرية يتحول فيها الدين من
جوهره الأخلاقي والسلوكي
دينية عامة كانت تعيشها فرنسا فلاسفة الإلحاد الثائرين على
بالقرن 18ظلت آثارها ممتدة إلى الأديان في القرن 18خرجوا والنظري العقائدي إلى دولة
وقت قريب ،حتى تم الإعلان عن من المجتمع الفرنسي المعروف ومصالح وسلطة ،وهذه من
ميثاق حقوق الإنسان العالمي في حينها بالجمع بين سلطة الكنيسة فضائل فصل الدين عن الدولة،
وسلطة الأعيان ،فالتحالف بين أن يبقى الدين والأخلاقيات
الأربعينات ،وتفكك مستعمرات المال والدين والسلطة كان سمة
الدولة بالخارج ،وعودة فرنسا للمجتمع الفرنسي ذلك الزمن، والقيم الإنسانية محتفظة
وشعبها للانكفاء ذاتيًّا ،والعيش وهو ما تسبب في اشتعال الثورة بشرعيتها العقلية والنخبوية،
على ذكريات وأمجاد وتجارب الفرنسية أواخر ذلك القرن، لكن ما إن يجري انتقال هذه
الماضي. وكان من بين ملحدي ذلك القيم لمساحة أخرى فيها
نفس الشيء حدث في المجتمع القرن الفرنسيون «دي هولباخ» الحروب والقتل هو المعيار الأول؛
الإسلامي؛ حيث أدت حروب المتوفي عام 1789م ،و»جوليان سيحفز ذلك العقلانيون والنخبة
الدولة الأموية باسم الدين لامتري» المتوفي عام 1751م، للاعتراض ..وطب ًقا لنظرية
لخروج مفكرين وجيل كبير من و»كلود هلفتيوس» المتوفي عام القابل والفاعل فاعتراضات
النخبة المثقفة يعترض ،فكان أول 1771م ،ولشدة التيار النخبوي هؤلاء ستكون متنوعة بشدة،
ظهور للقدرية التي سميت بعد المعارض للدين ورجال الكنيسة منها ما سيظل محتف ًظا بجوهره
ذلك بالمعتزلة ،فالسبب الرئيسي ذلك الوقت اتهم بعض الفلاسفة الديني الأخلاقي ،ومنه من
سوف يرى ضرورة ترك هذا
للمشكلة بين المعتزلة والسنة الدين بالخصوص لعدم اتساقه
وتناقضه مع أهم قيمة إنسانية
بالمطلق وهي «الأخلاق والإيثار»،
ولو رأى كل المعتقدات بالعموم
محتفظة بنفس السمة سيغادر
منطقة الأديان لفضاء آخر ،يفكر