Page 124 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 124

‫العـدد ‪37‬‬                          ‫‪122‬‬

                                    ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬

    ‫ولأن ُطرق الأحاديث الخاصة‬             ‫و ُيسلم راية القيادة للمهدي‬        ‫الديني المسيحي‪ ،‬وظهورها‬
   ‫بالمسيح جميعها تمر أو تنتهي‬          ‫المنتظر‪ ،‬بقوله «أميركم منكم»‬        ‫مؤخ ًرا في سياق دولة أرض‬
‫بأحد الرهبان‪ ،‬أو ممن تأثروا بهم‬         ‫وفقا للمعتقد الإسلامي‪ ،‬علما‬     ‫الميعاد وإسرائيل ترافق مع اتجاه‬
   ‫وبخطابهم بين عوام المسلمين‪.‬‬                                             ‫تفسيري للكتاب المقدس ظهر‬
                                          ‫بأن كلمة «أميركم منكم» لا‬     ‫منذ القرن ‪19‬م في الربط بين هر‬
      ‫هذه التوطئة لتقريب ماهية‬         ‫زالت تحتفظ بهوية المسيح غير‬        ‫مجدون وأرض الميعاد والهيكل‬
     ‫المعارك السرية والمعلنة الآن‬    ‫الإسلامية في أصالتها‪ ،‬بما يؤكد‬    ‫الثالث والمجيء الثاني‪ ،‬ليكون هذا‬
      ‫بين طرفين يؤمنان بقدسية‬         ‫مصدرية تلك الرواية من خارج‬         ‫الخليط المتنوع منظومة سياسية‬
    ‫تلك المعركة‪ ،‬وهما أو ًل‪ :‬إيران‬   ‫الذهن الإسلامي الذي يعتقد بأن‬           ‫وحربية يؤمن بها متشددو‬
    ‫والجماعات الإسلامية السنية‬        ‫المسيح دعا للإسلام بالأساس‪.‬‬       ‫البروتستانتية بالخصوص‪ ،‬ومن‬
      ‫والشيعية‪ ،‬وثانيًا‪ :‬إسرائيل‬                                             ‫خلالها يدعمون إسرائيل في‬
   ‫وأمريكا وتيار الصهيومسيحي‬               ‫وهو ما نلحظه بالفعل بأن‬
     ‫الإنجيلي العالمي‪ ،‬الذي تكلمت‬    ‫مصادر روايات نزول المسيح في‬               ‫الغرب من منطلق طائفي‪.‬‬
  ‫عنه «جريس هالسل» في كتابها‬                                                  ‫أما بالنسبة للمسلمين فقد‬
   ‫النبوءة والسياسة الذي ذكرته‬          ‫الإسلام من خمسة طرق غير‬             ‫اشتهرت هذه المعركة ليست‬
  ‫منذ قليل‪ ،‬مما يعني أن الصراع‬       ‫إسلامية هي‪« :‬كعب الأحبار وهو‬             ‫بلفظ «هر مجدون»‪ ،‬ولكن‬
   ‫الحالي بين إسرائيل وإيران أو‬                                          ‫بملاحم آخر الزمان ضد الروم‪،‬‬
     ‫بين إيران والولايات المتحدة‬       ‫حبر يهودي سابق‪ -‬وعبد الله‬          ‫الذين سيأتون للمسلمين تحت‬
     ‫يتعدى كونه صرا ًعا سياسيًّا‬     ‫بن سلام أي ًضا وهو حبر يهودي‬        ‫ثمانين غاية أو راية‪ ،‬والأحاديث‬
   ‫عاد ًّيا على المصالح‪ ،‬بل يتجاوز‬                                          ‫في وصف تلك الملاحم كثيرة‬
‫الحد السياسي لمنطقة دينية أخرى‬          ‫سابق‪ -‬ونوف البكالي‪ -‬وأبي‬             ‫ج ًّدا‪ ..‬وهي مرتبطة بالمجيء‬
     ‫واسعة ج ًّدا مليئة بالتفاصيل‬     ‫هريرة‪ -‬وعبد الله بن عمرو بن‬        ‫الثاني أيضا للسيد المسيح وفقا‬
  ‫والروايات والأحداث التاريخية‪،‬‬     ‫العاص»‪ ،‬والأخيران تتلمذا على يد‬     ‫للمعتقد الإسلامي‪ ،‬الذي سينزل‬
  ‫وقد أسهب الدكتور عبد الوهاب‬        ‫أحبار اليهود الذين أسلموا سواء‬         ‫فيه فوق منارة دمشق ليقتل‬
                                      ‫في حياة رسول الإسلام أو بعد‬         ‫الدجال ويكسر الصليب‪ ،‬وهذا‬
       ‫المسيري في موسوعته عن‬        ‫مماته‪ ،‬ويكفي عرض هذه الأسماء‬         ‫الترابط بين الروايتين المسيحية‬
       ‫اليهودية في شرح مركزية‬                                           ‫والإسلامية يؤكد أن مصدر تلك‬
                                         ‫ومسئوليتها عن الرواية بأن‬     ‫المعارك واحد‪ ..‬والآلية التي انتقلت‬
                                     ‫عقيدة «حياة ونزول المسيح آخر‬
                                    ‫الزمان» تسربت للثقافة الإسلامية‬                       ‫بها للجماهير‬
                                     ‫من نظيرتها المسيحية واليهودية‪،‬‬                      ‫والفقهاء أي ًضا‬
                                                                                     ‫واحدة‪ ،‬مع خلاف‬
                                                                                       ‫بالتفاصيل يقول‬
                                                                                      ‫إن المسيح سوف‬
                                                                                      ‫يحكم دولة الرب‬
                                                                                     ‫‪ 1000‬عام‪ ،‬ويأخذ‬
                                                                                       ‫المؤمنين به وفقا‬
                                                                                      ‫للمعتقد المسيحي‬
                                                                                      ‫إلى السماء‪ ،‬بينما‬
                                                                                         ‫سيقتل الدجال‬
                                                                                       ‫ويكسر الصليب‬
   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129