Page 215 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 215

‫‪213‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

 ‫تشكيل لغة وشكل أعماله‪،‬‬         ‫ملامح طبيعة لغة الكتابة‬         ‫القضايا التي شغلت باله‬
‫أي أنه يملك هامش الحرية‬      ‫عبر محطات أعماله الروائية‬          ‫في مسيرته الإبداعية هي‬
                                                               ‫قضية «التجريب» المستمر‬
      ‫في اختيار نوع اللغة‬       ‫العديدة‪ ،‬حين ربط بينها‬       ‫بهدف ممارسة التجديد على‬
     ‫التي يكتب بها أعماله‪،‬‬      ‫وبين نوعية اللغة الأدبية‬      ‫المستويين الشكلي واللغوي‪.‬‬
     ‫مع مراعاة مدى تأثير‬     ‫التي لجأ إليها‪ ،‬أو لنقل التي‬
‫الموضوع المطروق في رسم‬        ‫اختارتها رواياته‪ ،‬يقول في‬           ‫وهو ما حاول أن يبينه‬
‫الشكل الروائي وفي طبيعة‬         ‫ذلك‪« :‬نجد في رواية مثل‬         ‫قائ ًل‪« :‬أنا واحد من الذين‬
 ‫لغته‪ .‬من جهة أخرى يبدو‬         ‫الصيف السابع والستين‬
‫أن الروائي ينطلق في حكمه‬      ‫لغة سياسية خارقة‪ ،‬ونجد‬             ‫وضعوا مبك ًرا ج ًّدا أمام‬
 ‫السابق من غزارة التجربة‬       ‫في المسافات وليلة العشق‬          ‫أعينهم مسألة التجديد في‬
 ‫الروائية التي يتصف بها‪.‬‬       ‫والدم لغة حسية عجائبية‬         ‫الشكل واللغة»‪( .‬ص‪)357‬‬
                                 ‫وبنا ًء يلعب فيه الشعور‬
  ‫‪ -2‬سؤال الجيل‬                  ‫دو ًرا كبي ًرا‪ .‬بينما تجنح‬      ‫يفتح هذا القول النقاش‬
      ‫الأدبي‪:‬‬                                                ‫لجملة من التساؤلات أهمها‪:‬‬
                                 ‫الصياد واليمام إلى لغة‬
 ‫يرفض إبراهيم عبد المجيد‬         ‫شعرية باعتبارها مرثية‬          ‫هل يملك الروائي القدرة‬
   ‫فكرة تقسيم الأدباء إلى‬       ‫لجيلي الذي ما كاد ينفتح‬        ‫على التجديد‪ ،‬وهل الروائي‬
                                                              ‫هو المصدر الأوحد للتجديد‬
‫أجيال حسب أعمارهم‪ ،‬فهو‬             ‫وعيه على الحياة حتى‬
 ‫يرى أن تصنيف الأدباء لا‬        ‫وقعت هزيمة ‪ .1967‬بعد‬              ‫في الشكل الروائي وفي‬
 ‫يجب أن يخضع إلى معيار‬          ‫ذلك نجد لغة بطيئة شبه‬            ‫لغته الأدبية؟ مرة أخرى‬
                             ‫محايدة في «البلدة الأخرى»‬          ‫سنستأنس برأي إبراهيم‬
   ‫العمر‪ /‬السن‪ ،‬بل يجب‬           ‫شكل لم يستخدمه أحد‪،‬‬            ‫عبد المجيد‪ .‬حين استدرك‬
‫استثمار انتمائهم الروائي‪،‬‬      ‫مقدمة مأساوية تفتتح كل‬         ‫على قوله السابق معتب ًرا أن‬
‫ويبين موقفه هذا من خلال‬      ‫فصل بمشهد غرائبي عجيب‬             ‫الرواية في النهاية والبداية‬
                                 ‫معلق من فراغ الصفحة‬
   ‫قوله الآتي‪« :‬لا تعجبني‬    ‫قبل حتى رأس الصفحة‪ ،‬ثم‬               ‫هي التي تختار شكلها‬
‫كثي ًرا مسألة تقسيم الكتاب‬   ‫فصل لغة متحركة كوميدية‬                  ‫ولغتها‪( .‬ص‪)357‬‬
‫إلى أجيال كل عشرة أعوام‪،‬‬        ‫ساخرة بدرجات تتفاوت‬
                              ‫من الدعاية إلى المسخرة‪ .‬في‬        ‫يطرح هذا القول إشكالية‬
  ‫تقسيم الأدب كما عرفته‬       ‫لا أحد ينام في الإسكندرية‬         ‫مهمة في العملية الإبداعية‬
 ‫هو وف ًقا لاتجاهات الكتابة‬  ‫وطيور العنبر لعبت الوثائق‬       ‫وهي التي ترتبط بمدى وعي‬
‫وليس بسبب أعمار الناس‪،‬‬         ‫دو ًرا في محاولة الإمساك‬      ‫الأديب بمهمته أثناء الكتابة‪،‬‬
‫من السهل ج ًّدا إذا اعتبرت‬    ‫بروح العصر‪ ،‬الأربعينيات‬           ‫وهل يعني أن المبدع يقع‬
  ‫العمر أساس التقسيم أن‬        ‫والحرب العالمية الثانية في‬    ‫تحت سطوة عمله الفني‪ ،‬مما‬
                              ‫لا أحد ينام في الإسكندرية‪،‬‬        ‫قد ينفي عنه «الحرية» في‬
     ‫تضم في السلة الكتاب‬     ‫الخمسينيات في طيور العنبر‬       ‫تشكيل عوالمه‪ ،‬وكذا في تبني‬
   ‫المجيدين وغير المجيدين‬     ‫وهكذا وهكذا»‪( .‬ص‪-357‬‬              ‫نوع خاص من اللغة التي‬
  ‫ويصبح الجميع عبئًا على‬                                        ‫هي في النهاية لغة أدبية‪.‬‬
‫الحركة الأدبية‪ ،‬أيقونات لا‬                      ‫‪)358‬‬          ‫يحتاج هذا القول الذي يفيد‬
‫يمسها بشر بنقد أو رأي»‪.‬‬           ‫يبقى دور الأديب مه ًّما‬     ‫بأن الرواية هي التي تختار‬
                                ‫‪-‬رغم هذا التصريح – في‬
               ‫(ص‪)358‬‬                                            ‫شكلها ولغتها إلى شرح‬
    ‫يبقى هذا الرأي مقبو ًل‬                                     ‫وتبيين وكذا تبرير نقدي‪،‬‬
  ‫ج ًّدا حتى وإن وجدنا من‬
‫لا يتفق معه سواء من قبل‬                                           ‫وهو ما سعى الروائي‬
                                                                ‫إلى تبينه من خلال تبيين‬
   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220