Page 219 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 219
217 الملف الثقـافي
عن رغبة دفينة قديمة في مدينته الأكبر والتي أو تسعى فيه رموز هذا
في النقاء ،وعلاقة حميمة يمارس فيها فسا ًدا من الفساد؛ فالشخصية المحورية
تتناقض مع ما من الممكن نوع آخر تجليه الأحداث
وتفرضه على الوعي فر ًضا، العبثية على مستويي
أن تثيره علاقته المادية ليكون القاعدة الأساسية الاسم والمضمون «شجرة
بالمكان بصفة عامة ،فهو وتكون نزعة التطهر هي
يروم الائتناس أو عودة الاستثناء ،أو الملجأ الذي محمد علي» -بما يحمله
الوعي المفتقد من خلال يلوذ إليه السارد لينجو من من دلالات معنوية ومادية
ممارسات شاذة تقوم بها أي ًضا -تشتبك مع هذا الواقع
الشخصية على ذات البقعة خطاياه: بفعاليات حياة قد تخرج عن
التي يتنسم فيها السارد «الشارع نظيف كما
نسي ًما علي ًل -بعي ًدا عن هو دائ ًما ..يجتاحني المألوف الإنساني لتدخل
كل تلك الممارسات -بتلك إحساسي القديم أنه في حيز تحقيق رغباتها
التضاريس التي تمضي ملكي ،وبأني الذي بنيته وطموحاتها بطرق غير
وحددت بدايته ونهايته، مشروعة ،وإن كان تحت
بها الشخصية لتحاول وأقمت على جانبيه غطاء العبث والسخرية من
استعادة أشياء تتحرك المباني ..ها هو نفس هواء كل ما حوله ،وانطلا ًقا من
بداخلها ،وهي تنعطف في الصباح يرمح فيه رقي ًقا
اتجاه البيت المكتسب/ له طعم ماء النبع ..شمس ذاته.
المكان الذي يقطنه ،بإحالة الظهيرة كعادتها تخصه تلك الطاقة الشعورية التي
أي ًضا على الرغبة المتمردة بأوهن الأشعة وأنصعها، تجسد الرغبة في التجاوز
بالعصيان على كونه مكانا كأنني لم أمش فيه منذ
سنوات! لماذا أدرك ذلك وسط هذا التناقض بين
قديما: الحلم الرومانسي المتمثل في
«قلت لأمي «سوف أبيع الآن فقط؟»(.)2 جميلات «بيت الياسمين» وما
هنا يبدو التأثر الوجداني
البيت» ..كنت متزم ًل يمثله من إشعاع وجداني
ببطانية خشنة أقرأ بالمكان المفتوح البهي محفور في الذات ،وبين كل
جريدة المساء التي بمفرداته ،والذي يعبر مفردات الفساد التي تحوم
عنوانها بيروت تحترق، حول الشخصية ،وتقع فيها،
وكنا نسمع صخب فالبيت هنا رمز للنقاء ،وكلما
الهواء وصوت المطر مر عليه السارد كلما شعر
الذي يضرب البيوت بمضي الزمن وبالتحول الذي
والطرقات بشراسة»(.)3 يطاله كما يطال كل شيء
تتبرعم تلك الرغبة لتقلب
حياة السارد رأ ًسا على في الوجود ،ليكون البيت
عقب ،فهو الذي ينغمس هنا مواز ًيا للبهجة المشتهاة
في بؤرة عميقة من بؤر وتحقق الوجود الإنساني على
الفساد وصوره المستترة، أرض الواقع ،والتي تتحول
بالموازاة مع فكرة التخلي إلى سراب ،ثم كيان جديد
عن البيت القديم من أجل
حيازة مكان /بيت آخر مغاير لتلك الرغبة الحالمة
أكثر ملائمة لطموحه الذي بتغيير الزمن على المستوى
المادي أي ًضا.
في حين يهيم ذات السارد في
أعطاف المكان المفتوح الذي
يمثل له الذكرى ،وهو يتجول