Page 223 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 223

‫‪221‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

   ‫أشياء أخرى يفرغ فيها‬              ‫مع القيمة الروحانية‬    ‫فوقه الرطوبة‪ ،‬فرأيت ابن‬
  ‫حمولته النفسية التي ناء‬            ‫التي كانت تميِّزه عن‬   ‫عرس فوق ماسورة يجري‬
 ‫بحملها على كاهله‪ ،‬واتجه‬            ‫كل ما حوله‪ ،‬وتتناثر‬
  ‫في مسارات جديدة ربما‬               ‫أمارات هذا الفساد‪/‬‬                    ‫صاع ًدا»(‪.)9‬‬
   ‫كشفت عن هذا الضعف‬                ‫العطب في كون البيت‬      ‫تواصل المشهدية هنا دورها‬
                                   ‫صار مهجو ًرا مطمو ًرا‬
   ‫والخواء النفسي الناتج‬          ‫ونهشته الرطوبة والمياه‬         ‫بالغ الأهمية في تجسيد‬
    ‫عن كل تلك الممارسات‬            ‫لدرجة أنه صار مرت ًعا‬    ‫التحولات التي طالت المكان‪،‬‬
     ‫من الفساد والإفساد‪،‬‬          ‫للزواحف والحيوانات‪..‬‬
                                    ‫وهو ما يزيحه المشهد‬        ‫والتي بدأت في مد قنوات‬
      ‫ليطرح المكان دلالات‬        ‫على الواقع العام للمكان‪/‬‬   ‫تأثيرها ربما لتصنع التحول‬
‫تنوعه وشراسة تضاريسه‬           ‫البيئة‪ /‬الوطن بأيديولوجية‬
                                    ‫التوجه الذاتي للسارد‬      ‫في شخصية السارد‪ ،‬ومن‬
     ‫التي تمثل جانبًا مه ًّما‬      ‫الرافض لعملية السلام‬       ‫خلال الدلالات والإشارات‬
  ‫من جوانب الاشتباك مع‬            ‫مع (الكيان الصهيوني)‬       ‫المبثوثة بدقة وعناية بحيث‬
‫الحياة ورموز الطبيعة التي‬       ‫من خلال الإزاحة الرمزية‬     ‫تفرض كل علامة أث ًرا نفسيًّا‬
  ‫تحمل كل الوجوه وتظل‬              ‫على اسم «عبد السلام»‬        ‫مك ِّم ًل للحالة التي وصل‬
‫صامدة‪ ،‬والتي يهرب إليها‬           ‫الصديق الذي صار من‬
   ‫السارد في عملية تفريغ‬        ‫المؤكد أنه تهكم على عملية‬         ‫إليها السارد بالتوازي‬
   ‫نفسي جديدة بالهروب‬             ‫الانصياع في طريق هذا‬          ‫والتماس مع حالة البيت‬
‫من النقاط المشعة للذكرى‪،‬‬       ‫السلام المرفوض من قطاع‬         ‫الرمز الأكبر للمكان‪ /‬بيت‬
 ‫وربما مناطق الغواية التي‬        ‫وطني ما‪ ،‬اتسا ًقا مع تلك‬    ‫الياسمين‪ ،‬والمتشبع بنتائج‬
   ‫تجتذبه لممارسة الزيف‪.‬‬         ‫السخرية التي تسري في‬           ‫التحلل والتفسخ ومرور‬
                                   ‫تضاعيف الشخصية‪/‬‬           ‫الزمن وذهاب القيمة المادية‬
      ‫«كان هذا صحي ًحا‪،‬‬             ‫السارد‪ /‬النص‪ ،‬وهي‬
    ‫فالمنطقة خلف المطار‬           ‫الحالة التي تركت أثرها‬
    ‫صخرية عميقة المياه‬             ‫النفسي والانفعالي على‬
     ‫يكثر فيها السمك في‬         ‫السارد بشكل أكثر تأثي ًرا‪،‬‬
 ‫الأيام الحارة أو الدافئة‪.‬‬     ‫مع ازدياد القيمة التي كان‬
 ‫أرتاح وأنا أناور السمك‬            ‫السارد يحتفظ بها لهذا‬
 ‫وأود لو أغتصب البحر‪.‬‬             ‫البيت‪ /‬الوطن‪ ،‬وما كان‬
 ‫الصيد بالنسبة لي ليس‬            ‫يمثله له من عنصر الحلم‬
 ‫هواية أو تسلية‪ ،‬وماد ًّيا‬        ‫والتطهر والانتصار على‬
 ‫لست في حاجة إليه فأنا‬
     ‫لا أعول أح ًدا يحتاج‬                 ‫القبح والفساد‪.‬‬
  ‫لكل ما أصطاد‪ ،‬إنما أنا‬
 ‫أتشاجر‪ .‬اليوم لم أشعر‬             ‫بين الغواية‬
   ‫بذلك بنفس قوة الأيام‬            ‫والتحولات‬

            ‫السابقة»(‪.)10‬‬         ‫ما يجعل السارد يلتمس‬
    ‫هنا يبدو الهرب خيا ًرا‬
 ‫متا ًحا للسارد‪ ،‬من منظور‬
     ‫التحول الذي طال كل‬
  ‫شيء حتى على المستوى‬
   218   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228