Page 225 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 225

‫‪223‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫وجوده‪ ،‬بعد تحول جديد‬            ‫السيكولوجي للشخصية‬                 ‫الذي يتنازعه الطموح‬
‫من تحولات يلتمس بها هذا‬                         ‫الساردة‪:‬‬          ‫والرغبة والخوف‪ ،‬ليكون‬
                                                                  ‫واجهة قد تمحو الصورة‬
 ‫الصفاء وهذا التطهر الذي‬             ‫«اقترب اليوم الذي‬            ‫الأولى التي ظهر بها أمام‬
  ‫بدت نزعته من خلال تلك‬            ‫أقدم فيه استقالتي من‬
‫المناجاة الصامتة مع البحر‪:‬‬         ‫النقابة‪ .‬فكرت في ذلك‬               ‫ذاته وأمام المعاونين‬
   ‫«وقفت في الشرفة أملأ‬          ‫منذ يوم فوزي ولم يبق‬            ‫والمظاهرين‪ ،‬ليركب الموجة‬
                                ‫إلا أن أحقق ما لم أستطع‬
       ‫عيني بالبحر الذي‬         ‫الإفصاح عنه‪ .‬لا أكذبكم‪،‬‬           ‫على أعقاب موت من كان‬
      ‫استيقظ مبك ًرا معي‬       ‫ففي لحظات كنت أتردد في‬          ‫يحركه بالأساس ويدفعه في‬
 ‫اليوم ودعاني أنظر إليه‪،‬‬         ‫الاستقالة‪ ،‬لكني واجهت‬        ‫اتجاه لعبة الدعاية السياسية‬
  ‫مريح ومرتاح دائ ًما هذا‬                                       ‫الزائفة‪ ،‬وهي مفارقة بالغة‬
 ‫البحر لا يحنق ولا يفرح‬              ‫أمو ًرا لا أطيقها»(‪.)13‬‬    ‫التأثير والدلالة للعبة تبادل‬
    ‫لأحد‪ .‬ليس فوقه الآن‬          ‫من خلال حالة من حالات‬
    ‫غير سفينة وحيدة في‬                                             ‫الأماكن والقناعات التي‬
  ‫مدى البصر فيبدو بحق‬             ‫التقلب النفسي‪ ،‬والمبررة‬           ‫تمارس في هذا الفضاء‬
 ‫سيد الكون‪ ..‬قلت يا بحر‬        ‫بتاريخ من الفساد والإفساد‬        ‫المزيف أو الذي يرزخ تحت‬
‫سأعلم ابني فيك السباحة‬                                             ‫نير الفساد الأخلاقي أو‬
  ‫في الشتاء الذي هو قادم‬           ‫لا يزال شبحه يطل على‬           ‫المستور الذي يكاد يكون‬
      ‫فيه‪ .‬من يومه الأول‬       ‫الذات المأزومة‪ ،‬يبدد الفشل‬          ‫من قبيل المسكوت عنه‪،‬‬
  ‫سأواجهه بالموج فليس‬                                             ‫وهو الذي تبدو آثاره في‬
    ‫أمامنا إلا زمن صدئ‪،‬‬           ‫المعنوي الدخول في قيمة‬         ‫التخفي والتستر ومحاولة‬
‫وقلت يا ولدي اقرأ كتابي‬        ‫من قيم التعاون والانغماس‬       ‫الظهور في ثوب المتطهر الذي‬
   ‫هذا فتعرف الكثير عن‬                                          ‫يريد اقتحام حياة ومشاكل‬
      ‫أبيك ولا تلمني»(‪.)14‬‬        ‫في هموم الناس‪ ،‬وهو ما‬            ‫الآخرين بوجه آخر من‬
‫تبدو حالة التسليم بمقدرات‬           ‫لا يطيقه السارد الذي‬          ‫وجوه التعاون والخدمة‪،‬‬
    ‫الواقع هنا سمة جديدة‬                                       ‫ومن ثم الانخراط في الحياة‬
     ‫من سمات التحولات‪/‬‬           ‫بات يطرح همومه علانية‬         ‫كشخص عادي يمارس حقه‬
  ‫الركون في الشخصية إلى‬         ‫‪-‬في نهايات سرده‪ -‬ليلقي‬        ‫الطبيعي في الوجود والأهمية‪،‬‬
   ‫فلسفة جديدة لوجودها‪،‬‬                                           ‫وإن كان على أنقاض هذا‬
  ‫وكما تمثل في الوقت ذاته‬          ‫بالقفاز في وجه المشاكل‬        ‫الكم من الزيف والاشتباك‬
 ‫انكسا ًرا أمام الموج العنيد‪،‬‬          ‫والعثرات والأخطاء‬         ‫مع ما تعتلج به النفس من‬
     ‫أو الرياح التي اشتدت‬                                        ‫صراعات ومركبات نقص‬
   ‫لتنزع أوتاد وجوده‪ ،‬إلا‬        ‫التاريخية المدمرة ‪-‬والتي‬      ‫وتاريخ مع الشذوذ الفكري‬
 ‫أنها تمثل على الوجه الآخر‬     ‫ربما كان من السخرية أنها‬              ‫والانحراف الإنساني‬
   ‫حالة من الأمل في الوليد‬                                          ‫والوظيفي‪ ،‬حتى لتكاد‬
‫القادم‪ /‬الابن المنتظر لتغيير‬      ‫هي التي أوصلته إلى هذا‬          ‫تضرب في صميم سمات‬
  ‫وجه الحياة والوجود به‪،‬‬        ‫المدى من التعلق بالوجود‪-‬‬      ‫الشخصية السيكوباتية بالغة‬
 ‫والذي يناجيه السارد وهو‬                                          ‫التعقيد‪ .‬كما تمثل رغبات‬
    ‫في رحم الغيب يستحث‬            ‫وفي الوقت ذاته في وجه‬            ‫التخلص منها والتأرجح‬
‫حالة من حالات النزوع إلى‬       ‫الالتزامات التي تعلَّق بها أو‬   ‫فيما بين الإبقاء والتخلي هذا‬
                                                                ‫اللغز الدال على الاضطراب‬
                                 ‫تورط فيها لتغيير خريطة‬
                               ‫الذات‪ ،‬أو ربما في التحكم في‬
                               ‫مصادر الزيف وإدارتها من‬
                               ‫منظور قيادي أعلى‪ ،‬ومن ثم‬
                                ‫الانتفاع بها كقوة سيادية؛‬
                               ‫فتصبح المعادلة أكثر اقترا ًبا‬

                                  ‫من تحقيق نتائج أخرى‪،‬‬
                                    ‫لتأتي النتائج العكسية‬

                               ‫لتدخله في مناطق أخرى من‬
   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229   230