Page 224 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 224

‫العـدد ‪37‬‬          ‫‪222‬‬

                                                        ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬     ‫الداخلي العميق للذات التي‬
                                                                    ‫بدأ صوتها الداخلي يعلو ربما‬
 ‫في الكائنات‪ .‬لتبدو ملامح‬          ‫المياه الساقطة من‬
  ‫التحول من خلال سيرة‬          ‫المزاريب فأستند بكفي‬                   ‫للهرب من شبح الزيف على‬
                            ‫على الجدران يكاد صدري‬                     ‫مدى المكان وامتداده ما قد‬
     ‫السارد الذي يلح على‬                                              ‫يفتح آفا ًقا جديدة للتسرية‬
 ‫أدق التفاصيل كدلالة على‬         ‫ووجهي يحتكان بها‬                   ‫عن النفس‪ ،‬وربما آمال بداية‬
                              ‫ماش ًيا ما استطعت على‬
    ‫الرتابة التي تنتاب هذا‬    ‫سن حذائي وأكاد أنزلق‬                      ‫مغايرة من جديد‪ ،‬ويبدو‬
    ‫الواقع وتوقفه عند حد‬     ‫أكثر من مرة‪ ،‬أرى الناس‬                   ‫الأثر الانفعالي لتلك العلاقة‬
 ‫التسجيل‪ ،‬وتوجب الولوج‬        ‫تفعل مثلي فيبدو لي أننا‬                 ‫الجديدة مع المكان الجديد‪/‬‬
‫إلى مسارات جديدة للتغلب‬
                                 ‫نستيقظ لنبدأ يومنا‬                       ‫شاطئ البحر‪ ،‬بطبيعته‬
      ‫عليه والتماس أدوار‬              ‫كالحشرات»(‪.)11‬‬                   ‫الصخرية العنيدة المغايرة‬
 ‫تكون في وضوح الشمس‬
                                ‫تؤكد هذه المشهدية على‬                    ‫والتي تعبر عن مواجهة‬
     ‫ونصاعتها في مجتمع‬       ‫الدور الذي يلعبه الوصف‬                      ‫جديدة مع الطبيعة ومع‬
‫عمالي يمثل مرآة للمجتمع‪،‬‬     ‫الدال على حالة من حالات‬                    ‫معادلات الوجود في بيئة‬
‫وربما كان نموذ ًجا مصغ ًرا‬                                          ‫تتجاور فيها الأماكن المتباينة‪،‬‬
                               ‫التحول والانغماس فيما‬                ‫وتصبح معادلات موضوعية‬
                    ‫منه‪:‬‬         ‫يدخل السارد في غمار‬                 ‫لما يختلج بالنفس ويتشاجر‬
           ‫«اقترب موعد‬         ‫محاولة التماس التطهر‪،‬‬                ‫فيها؛ فالقوة النفسية الداخلية‬
     ‫الانتخابات‪ ..‬لم يعد‬        ‫أو مبدئيًا رغبة الخروج‬               ‫المتوترة تشتبك وتتماس مع‬
     ‫يهمني إلا أن تنتهي‬        ‫من ربقة الحالة المعنوية‬                 ‫القوة الخارجية التي تمثل‬
   ‫فأستريح‪ ،‬أنفقت حتى‬             ‫الصعبة التي يحدثها‬                ‫الشراسة فيها الأثر الانفعالي‬
     ‫الآن مائتي جنيه في‬                                                  ‫الموازي لتصير علاقات‬
 ‫الدعاية‪ ،‬لم يعد يمكنني‬     ‫سقوط الأمطار الهاطلة التي‬               ‫الداخل وتأثيرها على علاقات‬
     ‫التراجع‪ .‬تعمدت في‬         ‫تحول المكان إلى مستنقع‬                ‫الخارج المرئي والمشبع بتلك‬
   ‫جولاتي ألا أقترب أب ًدا‬      ‫يتكون من ناتج غسيل‬                   ‫النتائج‪ ،‬والتي تمثل النقيض‬
      ‫من البحر‪ ..‬لا أريد‬       ‫المطر لأدران هذا الجو‪/‬‬                  ‫لمشهد الصفاء مع الشارع‬
     ‫أن أرى إمبابي هذا‪.‬‬       ‫الواقع‪ ،‬ومخلفات ذلك من‬                  ‫المفتوح في محطة الرمل في‬
    ‫الحقيقة أني كثي ًرا ما‬
  ‫شعرت بالحماسة رغم‬         ‫أوحال متسخة يخشى منها‬                                ‫بدايات السرد‪:‬‬
    ‫الجو الكسول حولي‪..‬‬         ‫ويعمل السارد‪ /‬المجتمع‬                   ‫«انفتحت بوابات السماء‬
    ‫اجتاحتني الرغبة في‬
  ‫الفوز لفكرة لا أستطيع‬      ‫على تفاديها‪ ،‬والاحتماء من‬                    ‫عن المطر المدخر الذي‬
      ‫أن أصرح بها لأحد‬         ‫أثر هذا الاغتسال بالبعد‬                  ‫لم يكن منه بد‪ ،‬تكورت‬
                                 ‫عن المزاييب التي تلقي‬                ‫الإسكندرية في الليل الذي‬
                ‫الآن»(‪.)12‬‬     ‫بناتج جرف المتكلس على‬                 ‫تمدد فوق النهار‪ ،‬ونسيت‬
 ‫تمثل عملية التعلق بحيازة‬                                             ‫حسنين وزيارته‪ ..‬صرت‬
                            ‫وجه العالم تحت تأثير قوة‬                 ‫أخرج في السادسة صبا ًحا‬
   ‫الوجاهة الاجتماعية من‬        ‫الماء‪ ،‬ليتشبه المجموع‪/‬‬                 ‫كأنني أخرج في منتصف‬
  ‫خلال الفوز في انتخابات‬        ‫الناس نهاي ًة بالحشرات‬              ‫الليل‪ .‬أمشي جوار الجدران‬
   ‫العمل النقابي ‪-‬كتجربة‬                                              ‫باع ًدا بقدمي ما استطعت‬
                              ‫حال استيقاظها ونفورها‬                     ‫عن الأوحال‪ ..‬تطاردني‬
    ‫جديدة مغايرة‪ -‬ملم ًحا‬      ‫من مكامنها‪ ،‬وهي إحالة‬
 ‫جدي ًدا وصورة من صور‬          ‫مهمة يلقيها السارد على‬
                                ‫ما آل إليه تمكن الزيف‬
      ‫التمادي في الظهور‪،‬‬    ‫والفساد في هذه البيئة‪ ،‬وما‬
  ‫والتحول في ذات السارد‬        ‫استتبع ذلك من تحولات‬
   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228   229