Page 229 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 229

‫‪227‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

    ‫والإخلاص‪ ،‬ثم تصبح‬        ‫ضي ًقا قالت له‪ .‬ولا أستطيع‬         ‫للتمرد والظفر بحريتها‬
       ‫شخ ًصا بشخصين‬             ‫المجامعة‪ .‬إن عرفت ذلك‬     ‫وهويتها الأنثوية‪ .‬لكن الشابة‬

 ‫(رجل وامرأة)‪ ،‬فمن جهة‬       ‫أمي تعاقبني‪ ،‬إن عرف ذلك‬         ‫لم تح َظ بممارسة الح ّب مع‬
     ‫إعالة الأطفال والعمل‬       ‫أبي ينبذني‪ ،‬وصديقاتي‬         ‫زوجها‪ ،‬ظلت تنتظر الربيب‬
                                  ‫يستهزئن بي»‪ .‬فطقس‬
 ‫بنفس الوقت‪ .‬تأخذ المرأة‬         ‫الاغتصاب لا يفرق عن‬            ‫(علي) أن يكبر‪ ،‬واتهمت‬
     ‫الدورين في آن واحد‪،‬‬                                      ‫بأنها عشيقة الشاب فريد‬
    ‫وهذا المشهد حتى وإن‬       ‫مشهد الرواية‪ ،‬فهو حتمي‬          ‫المثقف‪ ،‬فتتصادم الأحداث‬
                                  ‫وليس مشه ًدا عرضيًّا‪،‬‬      ‫حتى تصل إلى موت الشيخ‬
‫كان خيا ًل‪ ،‬لكنه منطلق من‬
 ‫رؤية اجتماعية‪ ،‬فالروائي‬       ‫ويمكن عده فقدان رمزي‬              ‫مسعود‪« :‬وذات صباح‬
                                   ‫لمركزية الأنثى والمرأة‬    ‫وجدوا الشيخ مسعود ميتًا‬
     ‫جعل زينب لا تستلم‬                                     ‫وحي ًدا في الجامع وطينًا كثي ًرا‬
‫لمصيرها وإنما تتمرد عليه‪،‬‬       ‫سيما سعاد وليلى اللاتي‬
                              ‫فقدن مركزيتهن فيما بعد‪،‬‬          ‫في فمه وآثا ًرا سوداء على‬
          ‫نوضحه لاح ًقا‪.‬‬                                     ‫وجهه» ص‪ .45‬وقبل موته‬
     ‫تتصدر المرأة العجوز‬           ‫وفقدن الهوية الأثوية‬      ‫بدأت سعاد ترى قدرها في‬
    ‫في المجتمع التي تكون‬       ‫المستقلة‪ .‬وتأتي شخصية‬       ‫المنام‪ ،‬وهذا بمثابة استشراف‬
     ‫مركزية‪ ،‬لكنها هنا في‬                                    ‫بالمستقبل‪ ،‬فجاء عن طريق‬
                                ‫زينب زوجة حامد الذي‬         ‫الاستباق الزمني في رؤيتها‬
       ‫الرواية سلبت منها‬       ‫رحل عنها هار ًبا مع جابر‬       ‫بالمنام‪« :‬كانت ترى نفسها‬
      ‫الصدارة‪ ،‬وأم جابر‬         ‫إلى المدينة‪ ،‬لكنهما يمران‬    ‫محمولة على براق‪ ،‬وأنزلها‬
     ‫تشترك بنفس مصير‬           ‫في الصحراء وينهي القدر‬         ‫البراق وسط بلاد جميلة‪..‬‬
 ‫العذاب مع زينب‪ ،‬فولدها‬                                    ‫لكن حاكمها كان قاسيًا‪ ،‬كان‬
      ‫خرج مع حامد زوج‬             ‫مصيرهما بعد أن فقدا‬      ‫يغتصب كل امرأة تفد‪ .‬حينما‬
   ‫زينب ولم يعد فاحتفت‬       ‫بوصلة الحياة للوصول إلى‬
    ‫بطقوس الغياب بعذاب‬                                          ‫اقتربت منه هربت لكنها‬
 ‫شديد «ومنذ اختفى ابنها‬         ‫المدينة‪ .‬ولجأت زينب إلى‬       ‫كانت تصرخ تحته‪ ،‬نظرت‬
    ‫عرفت الصمت‪ .‬تحدث‬           ‫العمل والاهتمام بالأطفال‬      ‫خلفها وهي تهرب فوجدت‬
 ‫الناس عن حزنها المكتوم‪،‬‬        ‫فظلت لعنة المكان تعذبها‬      ‫ليلى هي تصرخ تحت حكم‬
  ‫ثم قالوا إن جنًّا تلبسها‪،‬‬
     ‫وإنها لا تعيش معهم‪.‬‬         ‫و»حتى السماء لا تحنو‬           ‫الحاكم» ص‪ .43‬مشهد‬
   ‫وأيدوا قولهم بنشاطها‬       ‫عليها‪ .‬تركتني ليالي طويلة‬      ‫الحلم يحيلنا إلى أول طقس‬
   ‫القديم في عمل الأحجبة‬
     ‫والتعاويذ للنساء بعد‬       ‫التهب اليأس والضجر»‪،‬‬            ‫اغتصاب حدث في بداية‬
  ‫اختفاء القطار» ص‪.102‬‬          ‫«هل تعرف يا حامد أني‬          ‫الحضارات‪ ،‬ويكشف عنه‬
  ‫ارتبطت مركزية أم جابر‬        ‫عرفت الطريق إلى الجسر‬         ‫المتن السومري مع (ننليل)‬
     ‫بالابن‪ ،‬وحين اختفى‬                                      ‫الأنثى التي اغتصبها السيّد‬
‫تحولت إلى هامش‪ ،‬فالنص‬             ‫الذي رقيته أنت كثي ًرا‬        ‫(أنليل) وقد ورد بالمتن‪:‬‬
  ‫يحمل رؤية اجتماعية أن‬         ‫في ليالي العتمة والقمر؟»‬     ‫«استحمت ننليل في مجرى‬
‫الهوية الأنثوية لم تشأ أن‬      ‫ص‪ .68‬لم تكت ِف بالعتب‪:‬‬
‫تكون مستقلة‪ ،‬فعند غياب‬         ‫«وقامت زينب لتنام فهي‬             ‫الماء الصافي‪ ،‬استحمت‬
‫الرجل ُتسلب منها الهوية‪،‬‬        ‫تعرف ماذا ستفعل غ ًدا‪،‬‬          ‫والسيد ذو النظر البراق‬
  ‫وهذا يجلعنا ننبّه القارئ‬   ‫منذ الصباح استعدت لرؤية‬        ‫أنليل سلط عليها عينه‪ ..‬أريد‬
                              ‫صورة زوجها‪ ،‬واستعدت‬             ‫أن اضاجعكـ قال لها الإله‬
                                                            ‫لكنها رفضت‪ .‬لا يزال مهبلي‬
                                    ‫لطردها هذه المرة «‪.‬‬
                                   ‫في مجتمعاتنا العربية‬
                              ‫عندما يغادر الزوج تعيش‬
                              ‫الزوجة على لهب الانتظار‪،‬‬
   224   225   226   227   228   229   230   231   232   233   234