Page 232 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 232

‫العـدد ‪37‬‬          ‫‪230‬‬

                                                               ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬     ‫من عاملة بائعة سمك إلى‬
                                                                           ‫بغاء في المدينة‪ ،‬من محتشمة‬
                ‫ص‪.214‬‬              ‫للعودة للهوية المسلوبة‬
 ‫سعاد لم تطأ المدينة لكنها‬         ‫منها‪ .‬لا ننسى أم جابر‬                     ‫إلى عارية‪ ،‬وهذه التحولات‬
 ‫لمست شيئًا من تحولاتها‪،‬‬       ‫التي ارتبطت بزينب‪ ،‬عاشت‬                      ‫هي ظاهرة اجتماعية سائدة‬
                                    ‫معها بنفس المصير في‬                      ‫لها أسباب عديدة من بينها‬
    ‫فقد كانت بانتظار علي‬       ‫المدينة‪ ،‬فكانت هي المسوؤلة‬                  ‫الفقر والحاجة وفقدان المعيل‬
    ‫الطفل الذي صار شا ًّبا‬     ‫عن ترتيب مواعد زينب مع‬
                               ‫الزبائن وعن تربية أطفالها‪.‬‬                     ‫الرجل‪ ،‬عدا أن المرأة ذاتها‬
       ‫ورحل‪ ،‬ف ّظل ْت بحلم‬                                                  ‫تفتقر للوعي العالي والتعليم‬
 ‫الانتظار‪ ،‬وقد كانت تخفي‬              ‫فحتى المرأة العجوز‬
                                    ‫انجرفت مع التحولات‬                       ‫الذي من الممكن أن يؤهلها‬
   ‫ال ّسر الكبير التي تنوي‬        ‫الاجتماعية للمدينة‪ .‬عاد‬                   ‫لعمل فيه حفظ لذاتها‪ ،‬لكنها‬
‫البوح به لعلي لكنها فشلت‪،‬‬          ‫علي إلى بلدته هار ًبا من‬                ‫رأت أن العمل بالجسد أفضل‬
                                ‫المدينة فوجد البلدة امتلأت‬                 ‫وسيلة رابحة ماد ًّيا‪ .‬يظهر في‬
   ‫فذهب جمالها وشبابها‬             ‫بالبنايات والعمران ولم‬                  ‫الرواية الجانب المسكوت عنه‬
  ‫وحتى روحها‪ ،‬وقد تبدو‬           ‫يب َق فيها إلا القليل وناظر‬                 ‫في المجتمع‪ ،‬هو المرأة البغاة‬
                                 ‫القطار الذي صار مؤر ًخا‬                    ‫والراقصة‪ ،‬كما أن البغاء قد‬
    ‫سعاد رم ًزا عن الحياة‬        ‫للأحداث الماضية‪ .‬وسعاد‬                     ‫يكون بدي ًل رمز ًّيا لاستعادة‬
   ‫وتقلباتها‪ ،‬فالحياة أنثى‬     ‫البطلة التي لم تغادر البلدة‪،‬‬
‫يلاحقها القدر ويشد ذيلها‬       ‫فوجدها كائنًا قبي ًحا‪« :‬تمنَّى‬                  ‫الهوية الأنثوية المسلوبة‬
 ‫الأمل‪ .‬الرواية خرجت من‬         ‫علي ‪-‬لأول مرة‪ -‬لو صار‬                       ‫منها؛ فممارسة البغاء تعود‬
 ‫المحلية فهي تعالج قضايا‬        ‫مثل سعاد‪ .‬شيئًا قبي ًحا لا‬                   ‫إلى بدايات الحضارات‪ ،‬فقد‬
  ‫اجتماعية‪ ،‬وقيم إنسانية‪،‬‬        ‫ينظر إليه أحد‪ .‬لو تضاءل‬
  ‫كما أنها لا ت ّدعي المثالية‬      ‫وتضاءل حتى اختفى»‬                          ‫مارست ننليل البغاء التي‬
                                                                                 ‫ضاجعت الب ّواب للعالم‬
      ‫ولا تجاهر بالتشائم‬
  ‫بقدر ما تصارح الإنسان‬                                                     ‫السفلي ورجل النهر وأنليل‪،‬‬
                                                                               ‫فكان البغاء بدي ًل رمز ًّيا‬
                ‫بالحقائق‬

‫* ناقدة وأكاديمية عراقية‪.‬‬
   227   228   229   230   231   232   233   234   235   236   237