Page 236 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 236

‫العـدد ‪37‬‬          ‫‪234‬‬

                                                        ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬       ‫ومونتجومري! أي قدر‬
                                                                     ‫عجيب تكتبه الحياة لأطفالها‬
    ‫جو لا يعرف التعصب‬          ‫في الفن الروائي‪ ،‬يصعب‬
    ‫ولا التعالي‪ ،‬فالتطرف‬       ‫تصنيف «لا أحد ينام في‬                                 ‫الضائعين!‬
  ‫عمو ًما يحمل في جوهره‬                                                 ‫السرد يتوازي بين ثلاثة‬
      ‫الخبيث‪ ،‬أن شخ ًصا‬           ‫الإسكندرية»‪ ،‬هل هي‬
    ‫أفضل من الآخر وفئة‬         ‫رواية عن الحرب؟ مرثية‬                                 ‫مستويات‪:‬‬
    ‫تتميز عن فئة وحقيقة‬                                               ‫‪ -1‬مجريات الحرب العالمية‬
  ‫واحدة والأخرى مزيفة‪،‬‬             ‫للإسكندرية؟ أم هي‬
    ‫ودوجماطيقية مدمرة‬            ‫ذكريات الكاتب وتأثير‬                    ‫الثانية وأحداثها المهولة‪،‬‬
   ‫للأفراد والمجتمعات‪ ،‬قد‬   ‫حكايات أبيه في فترة مبكرة‬               ‫نتابع أهم تقلباتها وأخبارها‪.‬‬
  ‫يمكن تفهم تلك الآفة في‬     ‫طفت على السطح وخرجت‬
   ‫دول أخرى‪ ،‬أما مصر‪..‬‬                                                  ‫‪ -2‬الحالة العامة المحلية‬
 ‫مصر بتاريخها المتسامح‬            ‫بصورة عمل روائي‪،‬‬                     ‫في ذلك الوقت من حوادث‬
 ‫الحاضن لكل أمم الأرض‬            ‫وخاصة أن مجد الدين‬                    ‫وسينما وفنون وإعلانات‪،‬‬
    ‫وأديانه‪ ،‬وموقعها بين‬      ‫سيعمل في السكة الحديد‪،‬‬
‫العالم وقربها من الجميع‪،‬‬       ‫وسيذهب إلى العلمين مع‬                      ‫كما جاءت في الصحف‬
‫فكارثة أن ينتشر فيها ذلك‬       ‫صديقه دميان ويشهدان‬                     ‫وإدراجها في المتن الروائي‬
   ‫الفكر الغبي‪ ،‬فمعتنقوه‬     ‫المعركة الطاحنة وهو نفس‬
  ‫يعيشون هنا بأجسادهم‬            ‫ما مر به والد المؤلف؟‬                   ‫مثي ًرا البسمة والأحزان‪.‬‬
     ‫فحسب‪ ،‬أما أرواحهم‬           ‫إنها كل ذلك اجتمع له‬                 ‫‪ -3‬الأحداث التي يواجهها‬
‫وعقولهم ففي دول أخرى‬           ‫الصفة السردية المناسبة‬               ‫شخوص الرواية‪ :‬مجد الدين‪،‬‬
  ‫وعصور أخرى انساقت‬          ‫ليحتل مكانه في ترتيب أهم‬
   ‫إلى تلك الأفكار السامة‪،‬‬     ‫‪ 100‬رواية‪ ،‬يضم الحس‬                       ‫زهرة‪ ،‬أم حميدو‪ ،‬الست‬
 ‫يحاربون طواحين الهواء‬        ‫الكوني والاهتمام بمصير‬                 ‫لولا والست مريم‪ ،‬الأسطي‬
  ‫كالحمقى‪ ،‬ويحرمون كل‬         ‫الجنس البشري‪ ،‬متضمنًا‬                 ‫غبريال‪ ،‬الصافي نعيم‪ ،‬بريكة‪،‬‬
  ‫شيء وينغلقون على كل‬           ‫تفاصيل الحياة في ذلك‬
                                 ‫العهد ببناء فني زادته‬                   ‫البهي‪ ،‬حمزة‪ ،‬ديمتري‪،‬‬
                  ‫شيء‪.‬‬       ‫شخصياته المميزة العصية‬                    ‫رشدي وكاميليا في الحياة‬
 ‫بالفن يوضح لنا إبراهيم‬      ‫على النسيان سب ًكا وروعة‪.‬‬                  ‫الشخصية من حب وفقر‬
  ‫عبد المجيد معني العيش‬        ‫مجد الدين وزهرة اللذان‬                ‫وبحث عن عمل جيد‪ ،‬وتأثير‬
  ‫في مصر بين المصريين‪،‬‬        ‫قدما للإسكندرية أغراب‪،‬‬                   ‫الحرب العالمية على سكان‬

     ‫ووحدة النص الديني‬            ‫وما لبثا أن‬                                       ‫المدينة ككل‪.‬‬
  ‫وتقارب الروح البشرية‪،‬‬         ‫اندمجا في جو‬                             ‫وكعادة الأعمال الجميلة‬
                            ‫المدينة‪ ،‬وعلاقتهما‬
    ‫وسط طلعات طائرات‬        ‫مع أسرة ديمتري‬
  ‫جيوش المحور والأرض‬           ‫وزوجته مريم‬
   ‫تهتز والسماء مشتعلة‪:‬‬        ‫وابنتيه كاميليا‬
   ‫«قال الشيخ مجد الدين‬      ‫وإيفون‪ ،‬وصداقة‬
   ‫وأعاد (وجعلنا من بين‬         ‫دميان النادرة‬
  ‫أيديهم س ًّدا ومن خلفهم‬   ‫بمجد الدين‪ ،‬مثال‬
   ‫س ًّدا فأغشيناهم فهم لا‬  ‫واقعي غير متكلف‬
‫يبصرون)‪ ،‬ويعيد ويرتفع‬           ‫لما كان يكتنف‬
                              ‫الإسكندرية من‬
   231   232   233   234   235   236   237   238   239   240   241