Page 239 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 239
237 الملف الثقـافي
سنوات ،بين البحث والمحلات بالنهار والليل لم تنخفض في المقاهي ،لقد
والقراءة ،والسفر أي ًضا .صارت الإسكندرية بدا للجميع أن السماء تغسل
مدينة من فضة تسري فيها
والترحال في الصحراء المدينة .لقد كانت السحب
الغربية ،لزيارة أماكن عروق من ذهب». عالية وبيضاء وتلك كانت
الحرب ،مشي حافيًا في إنها رؤية فنية رآها عبد معجزة ،فمن أين ح ًّقا يأتي
الرمال ،وزارها صي ًفا المجيد في خياله الإبداعي، كل هذا المطر ،وعندما جاءت
وشتاء كي يعايش التجربة موجة من السحب السود
كاملة ،وكله انصب في وأمل حارق يحدوه أن
قالبه الروائي البديع، يرى مدينته مدينة الفضة واستقرت فوق المدينة،
نسي عامل محطة الكهرباء
بعدما خاض بروح والذهب ،هكذا يحلم
المغامرة تجربته الفنية الفنان ابن الإسكندرية الرئيسية في كرموز أن
والشخصية لتولد هذه بأيام طاهرة تغسل فيها يقطع الكهرباء عن مصابيح
الرواية من رحم الإخلاص عروس البحر المتوسط من
أدران الفساد ،والتعصب، الشوارع بالنهار ،فظلت
والدقة والعمل. والهمجية ،لتعود لشبابها المدينة مضاءة بالنهار والليل.
إن الألم هو الشعور القادر الأول «مدينة من فضة
على إبداع الفنون والآداب، تسري فيها عروق من كان الناس قد أزالوا اللون
الأزرق من فوق نوافذ
وإبراهيم عبد المجيد أحد ذهب».
من يتألمون لجراح هذا استغرق لكتابتها ست البيوت وواجهات المحلات،
وكشافات السيارات ،وترك
الوطن ،وينقلون نبضات
قلوبهم الموجوعة على الجميع النور في البيوت
الورق لتعبر عليها أجيال
الحلم والأمل ،خمسون
سنة قضاها أديبنا مهمو ًما
ولولا الهم ما أبدع ،وفي
خلال السنوات تغير كل
شيء -للأسف -للأسوأ،
وبقي إبراهيم عبد المجيد
قيمة يجب الاحتفاء بها،
وإعادة اكتشافها وتقديمها
لأجيال أصبح الإبداع
لديها سرا ًبا يسوقها إلى
مشارب سامة ،متغافلين
عن حقيقة الأدب الذي
يمثله إبراهيم عبد المجيد
مع أقرانه من القامات
السامقة في تاريخ الأدب
العربي.
إن هذا الأديب يريد
استرجاع الفردوس المفقود