Page 242 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 242

‫العـدد ‪37‬‬         ‫‪240‬‬

                                                                                    ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬  ‫ديكارت بالتفكير والوجود‬
                                                                                                ‫في قوله‪« :‬أنا أفكر إذن أنا‬
   ‫عنها‪ ،‬وفي تاريخ الفكر‪،‬‬         ‫ِمن َش َها َد ِت ِه َما َو َما ا ْع َت َد ْي َنا‬
  ‫كما في العلوم الإنسانية‪،‬‬           ‫إِ َّنا إِ ًذا َّلِ َن ال َّظا ِلِي َن»(‪.)11‬‬                            ‫موجود»(‪.)7‬‬
  ‫احت َلّت موضوعات الآخر‬              ‫فالآخر في القرآن هو‬
  ‫‪-‬ولا تزال‪ -‬مكانة بارزة‬                                                                        ‫الآخر لغة‬
                                ‫الطرف الآخر المقابل للطرف‬
    ‫نظ ًرا لارتباطها الجدلي‬                         ‫الأول‪.‬‬                                      ‫وردت كلمة «الآخر» في لسان‬
     ‫بموضوعات أساسية‬
    ‫ملازمة‪ :‬الأنا‪ -‬الذات‪-‬‬         ‫الآخر اصطلا ًحا‬                                               ‫العرب بمعنى‪« :‬أحد الشيئين‬
     ‫الهو َّية‪ ،‬فيصير الآخر‬
‫بالمفرد والجمع الذي نعيش‬         ‫يعرف الآخر اصطلا ًحا في‬                                        ‫وهو اسم على أفعل‪ ،‬والآخر‬
     ‫معه تجارب كالقرابة‬             ‫قول أحد الباحثين‪« :‬إ َّن‬
    ‫والصداقة والجوار‪ ،‬أو‬                                                                        ‫بمعنى غير‪ ،‬كقولك رجل آخر‬
     ‫كالمنافسة والخصومة‬          ‫الآخر في أبسط صوره هو‬
   ‫والعداء‪ .‬وهذه التجارب‬          ‫نقيض «الذات» أو (الأنا)‪،‬‬                                      ‫وثوب آخر‪ ،‬وأصله أفعل من‬
    ‫وسواها تح ِّدد بتنوعها‬                                                                      ‫التأ ّخر‪ ،‬فلما اجتمعت همزتان‬
‫واختلافها طبيعة العلاقات‬            ‫«والآخر في أكثر معانيه‬                                      ‫في حرف واحد استثق َلتا‬
  ‫ودرجتها‪ ،‬إ َّما على صعيد‬       ‫شيو ًعا يعني شخ ًصا آخر‬
 ‫الوعي أو في حقل السلوك‬                                                                         ‫فأبدلت الثانية أل ًفا لسكوتها‬
    ‫والفعل»(‪ .)13‬ويستكمل‬            ‫أو مجموعة مغايرة من‬
‫تعريف الآخر اصطلا ًحا في‬          ‫البشر ذات ُهوية موحدة‪،‬‬                                        ‫وانفتاح الأولى قبلها‪،‬‬
 ‫قول أحد الباحثين‪« :‬نحن‬         ‫وبالمقاربة مع ذاك الشخص‬                                         ‫وتصغير «آخر» أُويخر‪،‬‬
‫إ ًذا‪ ،‬إزاء سياقين رئيسيّين‬
‫في تحديد دلالات «الآخر»‪،‬‬            ‫أو المجموعة أستطيع أو‬                                       ‫والجمع آخرون‪ ،‬ويقال هذا‬
      ‫السياق الأول معرفي‬         ‫نستطيع تحديد اختلافي أو‬
 ‫وعلى ضوئه يبدو «الآخر»‬         ‫اختلافنا عنها‪ ،‬وفي مثل هذه‬                                      ‫آخر وهذه أخرى في التذكير‬
   ‫مفهو ًما تكوينيًّا أساسيًّا‬  ‫الضدية ينطوي هذا التحديد‬
    ‫لل ُهو َّية‪ ،‬أي للذات وهي‬   ‫على التقليل من قيمة الآخر‪،‬‬                                      ‫والتأنيث»(‪.)8‬‬
   ‫تح ِّدد هويتها‪ ،‬فلا هو َّية‬
  ‫بدون «آخر»‪ .‬أ َّما السياق‬           ‫وإعلاء قيمة الذات أو‬                                      ‫وفي معجم الوسيط‪:‬‬
    ‫الثاني‪ ،‬فسياق قيمي‪-‬‬          ‫الهوية»(‪ .)12‬في حين يعرف‬
  ‫أخلاقي يكتسب «الآخر»‬                                                                          ‫«الآخر»‪( :‬تأخر) عنه جاء‬
  ‫من خلاله قيمة أو موق ًعا‬          ‫الآخر «إ َّن الآخر هو كل‬
  ‫في سلم تراتبي يكون من‬              ‫ما كان موجو ًدا خارج‬                                       ‫بعده‪ ،‬وتقهقر عنه لم يصل‬
‫خلاله مقبو ًل أو مرفو ًضا‪،‬‬          ‫الذات المدركة ومستق ًل‬
‫طيِّبًا أو سيئًا‪ .‬وبالطبع فإن‬                                                                   ‫إليه‪ ،‬والآخر أحد الشيئين‪،‬‬
   ‫هذين السياقين غالبًا ما‬
  ‫يجتمعان‪ ،‬فيكون تحديد‬                                                                          ‫ويكونان من جنس واحد»(‪.)9‬‬
   ‫الهو َّية جز ًءا من موقف‬
 ‫قيمي أو أخلاقي»(‪ .)14‬من‬                                                                        ‫أما في قاموس المحيط فـ‪:‬‬
  ‫خلال التعريفات السابقة‬
                                                                                                ‫«الآخر في الأصل الأشد‬

                                                                                                 ‫تأخ ًرا في الذكر ثم أجري‬
                                                                                                ‫مجرى غير‪ ،‬ومدلول الآخر‬

                                                                                                ‫وأخر معه لم يكن الآخر إلا‬

                                                                                                ‫من جنس ما قلته‪ ،‬وقولهم‬

                                                                                                ‫جاءني في أخريات الناس‬

                                                                                                ‫وخرج في أوليات الليل يعنون‬

                                                                                                ‫به‪ :‬الأواخر والأوائل»(‪.)10‬‬

                                                                                                ‫وجاءت لفظة آخر في القرآن‬
                                                                                                ‫الكريم في قوله تعالى‪َ « :‬فإِ ْن‬
                                                                                                ‫ََأي َّنُق ُهو ََمماا اِن ْسَمَت َق َاح َمَّقاُهإَِم ْاث ًماِم َن‬  ‫ُعثِ َر َع َ ٰل‬
                                                                                                                                                                   ‫َفآ َخ َرا ِن‬
                                                                                                ‫اَفلَّ ُي ِذ ْقي َِنس َاما ْ ِسن َت ِبَاحلََّّقلِ َ َعل َل َْيش ِهَه ُما َدا ُْت ََلناْو ََأل َيَاح ُِّنق‬
   237   238   239   240   241   242   243   244   245   246   247