Page 243 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 243

‫‪241‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫قصة أنجيلا التي أعجب‬          ‫وكأنه سيطر وأخذ المكانة‬           ‫التي أكدت على التناقض‬
     ‫بها فور رؤيته لها في‬      ‫التي كان يبتغيها منذ بداية‬         ‫القائم بين الأنا والآخر‪،‬‬
                               ‫الأمر‪ ،‬ونال ما كان يسعى‬             ‫وجدلية العلاقة القائمة‬
‫فرنسا‪ ،‬حينما قابلها خلال‬                                     ‫بينهما منذ القدم‪ ،‬لذلك سوف‬
    ‫مقابلة صديقة مصرية‬                             ‫إليه‪.‬‬     ‫أسلط الضوء على قصة (ليلة‬
    ‫وزوجها؛ ولكنه لم ينل‬       ‫تتطرق قصة (ليلة أنجيلا)‬       ‫أنجيلا) لما فيها من استقطاب‬
                                                                   ‫للأنا العربي‪ ،‬ووضوح‬
  ‫منها غير المتاعب المعتادة‬         ‫بداية من العنوان إلى‬        ‫العلاقات الفارقة بين الأنا‬
     ‫التي دائ ًما تعود علينا‬         ‫مخاطبة الآخر‪ ،‬مهما‬
                                    ‫كان جنس هذا الآخر‬                           ‫والآخر‪.‬‬
  ‫من الغرب‪ ،‬بدأ بالمحاولة‬         ‫أو جنسيته‪ .‬وإلى تقديم‬
‫للنيل منها‪ ،‬وهنا ظهر دور‬            ‫الآخر على الأنا‪ ،‬وهل‬       ‫قصة ليلة أنجيلا‬
                                  ‫هو استقطاب للآخر أم‬
   ‫الغرب (الآخر) الرافض‬              ‫استقطاب للأنا؟ يبدأ‬         ‫عندما نتوقف مع القصة‬
      ‫تما ًما لوجود الشرق‬        ‫الراوي في سرد الأحداث‬       ‫بالدراسة النقدية نجد أنها لم‬
                                 ‫التي توضح لنا كل هذه‬         ‫تكن تغفل مثل هذا الأمر‪ ،‬ألا‬
   ‫(الأنا) متمث ًل في أنجيلا‬     ‫التساؤلات الغامضة‪ ،‬من‬
  ‫التي رواغته‪ ،‬وفي الوقت‬          ‫خلال سبر أغوار النص‬          ‫وهو الانتصار لطرف دون‬
                                  ‫بما يع ّمق معناه ويحقق‬       ‫آخر‪ ،‬ولكن على حساب من‬
    ‫نفسه لم تعطه ما أراد‬        ‫ما يبتغيه الكاتب من وراء‬
‫سواء من علاقات شخصية‬           ‫عمل فني يقصد من خلاله‬                      ‫هذا الانتصار؟!‬
                                ‫رسالة أدبية فكرية ثقافية‬     ‫هل على حساب الذات المتمثلة‬
      ‫أو غيرها‪ ،‬عندما قال‬           ‫حضارية بين الشرق‬
  ‫الراوي‪« :‬طوال الساعات‬        ‫والغرب‪ ،‬والذي سعى كثير‬             ‫في الأنا العربي؟! أم على‬
‫الثلاث التي أمضيتها معها‪،‬‬      ‫من الكتّاب إلى الوقوف على‬           ‫حساب الآخر الغربي؟!‬
   ‫صنعت لي الشاي ثلاث‬          ‫جدلية هذه العلاقة القائمة‬        ‫لذلك سأركز الدراسة على‬
 ‫مرات‪ ،‬ولم توافق أب ًدا على‬      ‫بين الشرق والغرب وما‬            ‫قصة (ليلة أنجيلا للكاتب‬
‫أن تعطيني نفسها! قاومت‬           ‫زالت‪ .‬حتى قصد الكاتب‬             ‫إبراهيم عبد المجيد)‪ ،‬من‬
   ‫بشدة في كل مرة ظننت‬           ‫كتابة الأسماء بالحروف‬          ‫حيث مكوناتها الأدبية‪ ،‬بل‬
 ‫أنها لانت‪ ،‬ووجدتها قوية‬        ‫العربية كمحافظة منه على‬          ‫والنقدية التي ساهمت في‬
                                   ‫ال ُهوية العربية من قبّل‬      ‫طرح هذه القضية‪ ،‬ولكن‬
                 ‫ج ًّدا»(‪.)15‬‬      ‫الكاتب وهو الراوي في‬         ‫بشكل مختلف حتى تغاير‬
  ‫يبدو أن الغرب فهم مراد‬          ‫الوقت نفسه‪ ،‬ومن هذه‬           ‫بقية القضايا التي ُطرحت‬
                                    ‫الكلمات‪( :‬بون سوار‬           ‫على الساحة وعالجت هذا‬
    ‫الشرق؛ فبدأ بالمراوغة‬       ‫أنجيلا‪ ،‬أوريفوار‪ ..‬أو دي‬
  ‫وعدم الإفصاح عما يكنه‬          ‫ما‪ ،‬الجاردان دي بلانت‪،‬‬                ‫الموضوع من قبل‪.‬‬
                                    ‫نو‪ ..‬نو‪ ..‬نو‪ ،‬بوليفار‬           ‫ومن خلال التعريفات‬
      ‫له من حقد وكراهية‬                                      ‫السابقة والمقتضبة التي تؤكد‬
    ‫وضغينة‪ ،‬إلا أن أنجيلا‬                     ‫راسباي)‪.‬‬        ‫على الاختلافية والمقابلة بين‬
     ‫أرادت أن توهمه فقط‬        ‫بدأ الرواي القصة بإعجاب‬       ‫الأنا والآخر لغة واصطلا ًحا‪،‬‬
   ‫بسهولة حصوله على ما‬          ‫بالآخر متمث ًل في شخص‬             ‫تطرقنا بالدراسة لقصة‬
  ‫يريد؛ ولكنها لم تعطه في‬      ‫(أنجيلا) الفرنسية‪ ،‬وبدأت‬           ‫مثيرة تعالج قضية الأنا‬
    ‫حقيقة الأمر أي شيء‪،‬‬                                        ‫والآخر على أسلوب الكاتب‬
  ‫وإن كانت القصة توحي‬            ‫القصة على لسان الراوي‬           ‫الكبير إبراهيم عبد المجيد‬
    ‫بالرومانسية والعلاقة‬          ‫الشرقي المصري تسرد‬          ‫ألا وهي قصة (ليلة أنجيلا)‬
                                                             ‫التي تبدأ من العنوان بالآخر‪،‬‬
       ‫العابرة بين الراوي‬
        ‫وأنجيلا إلا إنها في‬
 ‫محتواها عميقة‪ ،‬بل تنحى‬
‫إلى الجانب السياسي الذي‬
     ‫يغفله كثير من القراء‪،‬‬
   ‫ولا يغيب عن الكاتب أن‬
   238   239   240   241   242   243   244   245   246   247   248