Page 247 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 247

‫‪245‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫من الآخر الغربي في ظل‬                         ‫أنا»(‪.)24‬‬           ‫ذلك مع أنجيلا»(‪.)23‬‬
    ‫التعاملات القائمة بين‬       ‫تتضح الأنانية والكراهية‬         ‫هنا أتي دور الأنا العربي‬
    ‫الطرفين‪ .‬أو حتى عقد‬        ‫وتفضيل الذات عند الغرب‬       ‫الشرقي الكريم الشجاع الذي‬
   ‫صداقات عابرة بينهما‪.‬‬           ‫في قول أنجيلا (أبدأ بي‬    ‫يتحمل الصعاب أمام النساء‪،‬‬
                                 ‫أنا)‪ ،‬حتي تنجو بنفسها‬         ‫وخاصة النساء الجميلات‬
  ‫كانت النهاية المؤلمة التي‬   ‫سالمة غانمة‪ ،‬ومن ثم تنجو‬          ‫الراغب فيهن‪ ،‬وفي إظهار‬
 ‫انتظرت العربي في حبسه‬           ‫صديقتها الداعمة لها في‬     ‫البطولات أمامهن‪ .‬حتى يظهر‬
                              ‫موقفها‪ ،‬ويبقي هذا العربي‬        ‫بمظهر القوي العظيم‪ ،‬الذي‬
   ‫داخل حديقة الحيوانات‬           ‫لا يستطيع الخروج من‬          ‫يعتمد عليه‪ ،‬والمنقذ الشهم‬
    ‫الفرنسية‪ ،‬وعجزه عن‬                                      ‫الذي يؤتمن له‪ .‬ولكن بالطبع‬
 ‫التصرف في الغرب وأمام‬            ‫الحديقة في جو شديدة‬
                               ‫البرودة والقسوة‪ ،‬وفي ظل‬           ‫كان ضرور ًّيا أن تفشل‬
      ‫من يمثل الغرب‪ ،‬في‬                                       ‫الخطة المعدة للإنقاذ‪ ،‬لأنها‬
  ‫قوله‪« :‬أوقفتها بمساعدة‬         ‫تساقط الأمطار‪ ،‬إذن هي‬        ‫خطة عشوائية لا تستند إلى‬
   ‫ميليسا التي تألمت ج ًّدا‪،‬‬     ‫نية شريرة مبيّتة لإيذاء‬
                                ‫الأنا أو للتخلص منه مرة‬          ‫قواعد وأسس تؤدي إلى‬
       ‫ثم غمغمت ضاحكة‬                                                          ‫نجاحها‪.‬‬
    ‫وأسندتها عليَّ‪ ،‬وتحت‬            ‫واحدة‪ .‬ومع ذلك نفذ‬
‫الشجرة الكبيرة التي كانت‬        ‫العربي كلام أنجيلا وبدأ‬        ‫وهذا ما حدث مع الرواي‬
    ‫قد اقترحت ميليسا أن‬                                      ‫وأنجيلا وميليسا‪ ،‬فقد تع ّمد‬
   ‫أتسلقها جلسنا‪ ،‬أنجيلا‬           ‫بإنقاذها أو ًل في قوله‪:‬‬     ‫الكاتب أن يضعهم في سلة‬
 ‫ترتاح على صدري ويدي‬            ‫«حملتها إلى أعلى وتعلقت‬      ‫واحدة أو في حديقة واحدة‪،‬‬
 ‫تمشي تمسح على ظهرها‬           ‫فعلا بالسور ورحت أرفع‬          ‫ويضع أمامهم كل العوائق‬
  ‫بحنان‪ ،‬وميليسا أسندت‬                                        ‫حتى لا يستطيعوا الخروج‬
  ‫رأسها بدورها على كتفي‬           ‫يدي وهي تحاول بقوة‬          ‫منها‪ .‬وبدأت معاناة الراوي‬
    ‫ونامت‪ ،‬وازداد هطول‬        ‫وتدوس على السور بقدميها‬
    ‫المطر فازداد اقترابهما‬    ‫حيث سقط حذاؤها لكن بلا‬            ‫مع البرد والمطر‪ ،‬ولكنهم‬
                              ‫فائدة‪ ..‬سقطت على الأرض‬        ‫وجدوا شجرة كبيرة استظلوا‬
       ‫مني‪ ،‬وصار صوت‬          ‫وبان ألم شديد على وجهها؛‬
  ‫اصطدام المطر بالأشجار‬                                      ‫بظلها من رذاذ المطر‪ .‬وتبوء‬
                                  ‫لقد التوى كاحلها»(‪.)25‬‬       ‫الخطة المعدة سل ًفا للإنقاد‬
    ‫والأرض صاخبًا‪ ،‬لكن‬        ‫وهنا فشل في انقاذها فش ًل‬          ‫من حديقة الحيوانات في‬
     ‫كان يبدو أن الشجرة‬                                        ‫هذا الجو القاسي بالفشل‬
   ‫تستطيع أن تحجبه عنا‬          ‫ذري ًعا‪ ،‬ولم يستطع تقديم‬          ‫الذريع‪ ،‬مثلما حدث مع‬
   ‫مهما يطول الوقت‪ ،‬لكن‬       ‫أكثر من هذا‪ ،‬وتسلل اليأس‬
 ‫ما لم تحجز الشجرة كان‬                                      ‫الرواي في قوله‪« :‬كان السور‬
   ‫أصوات الحيوانات التي‬            ‫إلى عقله وقلبه وسأل‬            ‫منخف ًضا بعض الشيء‬
   ‫ازدادت وملأت الفضاء‪،‬‬          ‫نفسه‪ :‬ماذا أفعل في هذا‬
  ‫وميزت من بينها أصوا ًتا‬      ‫الموقف؟! ما المصير المنتظر‬      ‫هنا بسبب ارتفاع الأرض‪،‬‬
    ‫صادرة لأسود ونمور‬           ‫في مثل هذا المكان؟! كيف‬         ‫لكن كان ما تقوله صعبًا‪،‬‬
‫وقردة وأفيال وحتي وحيد‬        ‫أنقذ نفسي وأنقذهما معي؟‬          ‫وبالنسبة لي كانت المسافة‬
                                  ‫بات متأك ًدا من كونه لا‬      ‫بين الشجرة والسور أكثر‬
              ‫القرن»(‪.)26‬‬        ‫يستطيع تغيير ما حدث‬        ‫من مترين‪ ..‬وافقت وفي نيتي‬
   ‫في اللحظة الحاسمة قام‬      ‫رغم أنه لم يكن مخطئًا مثل‬     ‫أنه إذا نجحنا في القفز خارج‬
    ‫العربي بحمايتهما‪ ،‬بل‬        ‫المرات السابقة التي كانت‬    ‫الحديقة أظل أنا داخلها‪ .‬المهم‬
                                  ‫أنجيلا مصد ًرا للإزعاج‬      ‫أن أنقذهما من الرعب الذي‬
     ‫ومعاملتهما بكل رفق‬                                        ‫يمكن أن ينتابهما إذا تقدم‬
   ‫وحنان‪ ،‬في وقت الأزمة‬             ‫والقلق والتوتر وعدم‬      ‫الليل‪ ،‬قالت أنجيلا‪« :‬ابدأ بي‬
    ‫المفتعلة من قبل الآخر‪،‬‬       ‫الأمان‪ ،‬هكذا هو الغرب‪،‬‬
                                ‫وهذا ما ناله الأنا العربي‬
   242   243   244   245   246   247   248   249   250   251   252