Page 251 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 251

‫‪249‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

   ‫التي سقطت‪ ،‬فكانت كل‬             ‫شرطة‪« :‬سيارة شرطة‬                  ‫على الأرض‪ ،‬ثم طيرانها‬      ‫رد اللي‬
   ‫شجرة تسقط ترمز إلى‬              ‫كانت تجري في الشارع‬                ‫في السماء‪ ،‬من الفانتازيا‬     ‫ح في‬
    ‫روح شهيد أو شهيدة‬             ‫الخالي‪ ،‬نزل منها ضابط‬                ‫والأمور العجائبية التي‬       ‫ين‬
                                  ‫شاب‪ ،‬ينظر إلى الشجرة‬                                               ‫صر‬
          ‫ارتقى في يناير‪.‬‬                                              ‫اشتملت عليها الرواية‪،‬‬
‫وتتصاعد الأحداث‪ ،‬ويزداد‬               ‫ويقول‪ :‬أخي ًرا وقعت‬         ‫وهي ظاهرة يمكن تفسيرها‬
                               ‫الشجرة الملعونة‪ .‬نظرت إليه‬
 ‫عدد الأشجار التي ُت ْقل َتع‪،‬‬                                         ‫في إطار حالة الحزن على‬
    ‫وبد ًل من السقوط على‬          ‫منده ًشا‪ .‬قلت‪ :‬لا بد أنها‬        ‫مصير الثورة‪ ،‬وعدم الأخذ‬
   ‫الأرض‪ ،‬إذا بها تطير في‬                  ‫شجرة عجوز‪.‬‬
                                                                     ‫بالقصاص للشهداء‪ ،‬ففي‬
‫الجو‪ ،‬فتزيد أحداث الرواية‬             ‫‪ -‬ربما‪ ،‬لكنها كانت‬            ‫معركة الحرية‪ ،‬وفي خضم‬
  ‫توت ًرا واشتعا ًل‪ ،‬وتشعر‬      ‫مسحورة‪ .‬بعد أن ينتصف‬              ‫الصراع بين الثورة والثورة‬
     ‫الشخصيات بالخوف‬                                                 ‫المضادة‪ ،‬بدت القوى غير‬
     ‫والرعب والاضطراب‪،‬‬            ‫الليل كل ليلة يسمع منها‬
  ‫وكما طارت الأشجار في‬         ‫الناس صوت بكاء‪ .‬هل ترى‬                  ‫متوازنة‪ ،‬بين شباب لا‬
    ‫القاهرة‪ ،‬فإن الأشجار‬                                         ‫يملكون سوى حناجرهم التي‬
                                        ‫هذه المياه حولها؟‬
‫أي ًضا طارت في الإسكندرية‬                     ‫‪ -‬إنه ندی‪.‬‬           ‫يهتفون بها‪ ،‬وسلطة تمتلك‬
 ‫وطنطا والجيزة‪ ،‬ومختلف‬                                             ‫أسباب القوة الغاشمة‪ ،‬وقد‬
                               ‫‪ -‬لا ليس ندى‪ .‬إنها دموع”‬             ‫بدا السارد وكأنه يستنجد‬
    ‫ربوع البلاد (ص‪-73‬‬                     ‫(الرواية ص‪.)6‬‬           ‫بالقوى الخارقة والفانتازيا‪،‬‬
                  ‫‪.)123‬‬
                                 ‫لقد كثرت أحاديث الناس‪،‬‬                ‫للتعبير عن العجز أمام‬
  ‫فبكاء الأشجار وطيرانها‬          ‫وتواترت الروايات حول‬               ‫الواقع‪ ،‬فالأشجار في هذا‬
   ‫صورة تعبر عن الحس‬              ‫الشجر الذي يبكي ويئن‬               ‫الإطار رمز للخطر الداهم‬
                               ‫على الشهداء‪ ،‬ثم ما تلبث أن‬
      ‫الفانتازي العجائبي؛‬        ‫تقع متهاوية على الأرض‪،‬‬                 ‫الذي قد يحل بالبلاد‪.‬‬
  ‫لتعكس الواقع السياسي‬              ‫«هذا ما قاله أي ًضا أحد‬      ‫وقد تخيل الكات ُب الشهدا َء في‬
                                 ‫الشبان للناس‪ ،‬كان هناك‬           ‫صورة أشجار ُتسقط الندى‬
     ‫المشحون‪ ،‬واستشهاد‬           ‫من السكان من يريد خلع‬
       ‫الأبرياء بدون ذنب‬          ‫الشجرة‪ ،‬لكن تصدى له‬                ‫على العابرين أسفل منها‪،‬‬
      ‫اقترفوه‪« ،‬وصرخت‬            ‫أكثر من رجل وامرأة بعد‬             ‫والندى الذي تخيله ما هو‬
                                   ‫أن سمعوا كلام الشاب‪.‬‬            ‫إلا دموع الشهداء وأنينهم‪،‬‬
    ‫امرأة‪ :‬إلى أين ستذهب‬           ‫قالوا لن يقطع الشجرة‬
   ‫هذه الأشجار؟ فأجابتها‬          ‫أحد‪ ،‬هذه الشجرة تبكي‬                ‫وشكواهم بسبب ضياع‬
   ‫امرأة أخرى تبكي وهي‬            ‫على أولادهم الذين قتلهم‬           ‫حقوقهم‪ ،‬يقول الراوي في‬
                                   ‫البوليس يوم ‪ 28‬يناير‪.‬‬             ‫حوار بين (نور) وضابط‬
      ‫تجيب‪ :‬إلى الله‪ ،‬حيث‬       ‫أجل‪ ،‬هكذا سمعت أن أمين‬
    ‫يعيش الأطهار‪ ،‬وتزداد‬         ‫شرطة حصل على البراءة‬        ‫ثورة يناير ‪2011‬‬
  ‫بكاء‪ ،‬وهي تقول‪ :‬يا رب‬          ‫من المحكمة‪ ،‬وكان قد قتل‬
   ‫كنا ننتظر رحمتك بيننا‬         ‫العديد من الشباب في هذا‬
  ‫من زمان‪ ،‬ماتخليش على‬         ‫الشارع!» (الرواية ص‪.)28‬‬
   ‫الأرض ظالم؛ بنتي مش‬          ‫والملاحظ في هذا المقطع أن‬
‫قادرة أنساها‪ ،‬بنتي أخذتها‬        ‫الراوي ربط بين الأشجار‬
    ‫من المشرحة مضروبة‬            ‫المتهاوية وأرواح الشهداء‬

      ‫بالرصاص وخلوني‬
‫أمضي على إقرار إنها موتة‬

      ‫طبيعية» (ص‪.)124‬‬
   246   247   248   249   250   251   252   253   254   255   256