Page 249 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 249

‫‪247‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

  ‫الشهداء الأحياء‬             ‫تلاحمت المتناقضات في‬                 ‫في رواية “قبل أن أنسى أني كنت هنا”‬
                                                                        ‫الواقع والفانتازيا‪..‬‬
     ‫في الرواية بدا ضمير‬        ‫رواية (قبل أن أنسى أني‬
     ‫السارد منشغ ًل بأمر‬          ‫كنت هنا) للكاتب المبدع‬           ‫د‪.‬علاء نجدي‬
      ‫الشهداء‪ ،‬حزينًا على‬                                          ‫أبو المجد‬
    ‫فقدهم‪ ،‬وقد زاد حزنه‬        ‫إبراهيم عبد المجيد لتشكيل‬
     ‫بسبب عدم القصاص‬                ‫عالم سردي يعبر عن‬
    ‫لدمائهم‪ ،‬ومن ثم نجد‬
 ‫ذكراهم حاضر ًة في ذهنه‪،‬‬         ‫ضمير الثورة‪ ،‬فيستعيد‬
   ‫وكأنهم أحياء يعيشون‬        ‫ذكرياتها‪ ،‬ويبكي لشهدائها‪،‬‬
 ‫بين جنبات وجدانه‪ ،‬فعبَّر‬      ‫وفي الامتزاج بين الواقعية‬
 ‫عن تلك الحياة في الرواية‬
 ‫من خلال عدة شخصيات‬             ‫والفانتازيا‪ ،‬تركيبة عجيبة‬
     ‫ترسم لنا حزن الأهل‬              ‫وخلطة سردية أبدع‬
 ‫والأحبة على فقد أحبائهم؛‬
     ‫بد ًءا من البطل (نور)‬     ‫الكاتب في ح ْب ِكها‪َ ،‬و َم ْز َجها‬
  ‫الحزين على وفاة حبيبته‬      ‫بالحس الإنساني لأشخاص‬
  ‫(نادين) التي استشهدت‬
    ‫في يوم جمعة الغضب‪،‬‬            ‫عاصروا أحداث الثورة‪،‬‬
   ‫والزوجة (نجوان) التي‬          ‫وعاينوا واقعها‪ ،‬وعاشوا‬
‫فقد حبيبها (طارق)‪ ،‬ووالد‬         ‫مرارة الحزن والألم لفقد‬
    ‫الشهيد (سامح بكير)‪،‬‬          ‫الأحبة الذين استشهدوا‪،‬‬
‫و(حسن العبودي)‪ ،‬الرجل‬          ‫فالرواية تعد بمثابة مرثية‪،‬‬
‫الخمسيني الذي فقد ابنته‪،‬‬
 ‫والمرأة الغريبة التي ُقتِلت‬        ‫وبكائية على الشهداء‪،‬‬
 ‫ابنتها‪ ،‬وأجبرتها الشرطة‬          ‫ومن خلال القراءة نجد‬
      ‫أن توقع على شهادة‬        ‫أن الكاتب و َّظف العجائبية‬
 ‫تفيد أن ابنتها ماتت ميتة‬       ‫للتعبير عن فكرة تلح على‬
                               ‫رأسه باعتباره شاه ًدا على‬
                 ‫طبيعية‪.‬‬           ‫زمن الثورة وأحداثها‪،‬‬
  ‫فقضية الشهداء وفقدهم‬          ‫وما دام الثوار قد عجزوا‬

    ‫كانت من أهم القضايا‬             ‫عن الأخذ بالقصاص‪،‬‬
‫المركزية في الرواية‪ ،‬وكأن‬      ‫فالاستنجاد بالقدر والقوى‬

     ‫ثمة رسالة مفادها إن‬              ‫الخارقة التي تنتقم‬
 ‫دماء الشهداء لعنة توشك‬         ‫للشهداء‪ ،‬هو الحل البديل‪،‬‬

   ‫أن تصيب البلاد‪ ،‬يقول‬           ‫يقول الراوي على لسان‬
   ‫الراوي على لسان نور‪:‬‬           ‫إحدى الشخصيات‪« :‬أنا‬
                              ‫لست خائفة الآن‪ ،‬أنا أعرف‬
     ‫«حاصرني من جديد‬          ‫أن هناك انتقا ًما يحدث ممن‬
  ‫هاجس أن كل ذلك يمكن‬           ‫قتلوا أصحابنا‪ .‬أشعر بأن‬
‫أن يرتفع إلى السماء تار ًكا‬       ‫الأمور ستزداد تعقي ًدا‪،‬‬
                              ‫وربما تنتهي مرحلة هروب‬
                              ‫الأشجار إلى هروب الأعمدة‬
                              ‫ثم سقوط البيوت‪ ،‬هل يمكن‬
                                  ‫أن تنهدم البلاد على من‬
                                 ‫فيها؟» (الرواية ص‪.)52‬‬
   244   245   246   247   248   249   250   251   252   253   254