Page 252 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 252

‫العـدد ‪37‬‬          ‫‪250‬‬

                                                            ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬  ‫الرسومات التي تعاود‬
                                                                               ‫الظهور‬
    ‫العجائبية؛ حيث هربت‬          ‫على الجدران‪ ،‬يتبين لنا‬
     ‫الحيوانات من حديقة‬           ‫أنها تشير ‪-‬رم ًزا‪ -‬إلى‬                ‫اللوحات الزيتية (الجرافيتي)‬
 ‫الحيوان بالجيزة‪ ،‬الأسود‬        ‫روح الثورة الكامنة التي‬                 ‫التي رسمها فنانو الثورة على‬
‫والنمور والذئاب والثعالب‬        ‫تخشاها السلطة‪ ،‬و َت ْح َذر‬
   ‫والزرافات‪ ،‬وغيرها من‬        ‫أن تعود مرة أخرى‪ ،‬وقد‬                      ‫الجدران أثناء أحداث يناير‪،‬‬
    ‫الحيوانات‪ ،‬ف َّرت كلها‪،‬‬        ‫أبدع الكاتب في رسم‬                   ‫من أهم الملامح التي ارتسمت‬
     ‫وانطلقت في الشوارع‬        ‫هذه الصورة؛ فهي تظهر‬
     ‫ومحطات المترو‪ ،‬مما‬      ‫وتختفي‪ ،‬في البداية لا يراها‬                      ‫في وعي الثوار‪ ،‬فكانت‬
  ‫أدى إلى انتشار الخوف‪،‬‬      ‫إلا رجال الشرطة‪ ،‬أما غالب‬                     ‫بمثابة الحلم والأمل الذي‬
 ‫وامتلأت القلوب بالرعب‪،‬‬           ‫الناس فلا يرونها أول‬                      ‫يرسم على وجه المستقبل‬
 ‫وتستمر العجائبية‪ ،‬فنجد‬         ‫الأمر‪ ،‬وكأن روح الثورة‬                     ‫الذي يتمناه الثوار‪ ،‬بيد أن‬
      ‫غزالة تقف في وسط‬         ‫أمر وعته السلطة وتخافه‬                      ‫هذه اللوحات والرسومات‬
  ‫الشارع‪ ،‬فيفتح لها عامل‬     ‫وتحذر منه‪ ،‬فهي تعمل على‬
‫المقهى الباب‪ ،‬ويتقدم إليها‪،‬‬     ‫عدم تكراره مرة أخرى‪،‬‬                           ‫تم إزالتها بعد الثورة‪،‬‬
    ‫ويمسكها من قرونها‪،‬‬       ‫أما معظم الشعب فلا يرون‬                          ‫ومن الأمور العجائبية‬
‫فتطيعه‪ ،‬وتتقدم معه‪ ،‬دون‬       ‫هذه اللوحات المرسومة في‬                       ‫التي رسمها إبراهيم عبد‬
  ‫خوف أو محاولة الهرب‪.‬‬       ‫البداية‪ ،‬وكأنها قد غفلت عن‬                    ‫المجيد في الرواية أننا نجد‬
   ‫ومن خلال القراءة نجد‬       ‫ثورتها وحلمها في التغيير‪.‬‬                     ‫هذه الرسومات قد عادت‬
   ‫أن الحيوانات المفترسة‬                                                     ‫إلى الظهور على الجدران‬
‫(الأسود والنمور والفهود)‬     ‫الحيوانات المفترسة‪/‬‬                               ‫وارتسمت بفعل فاعل‬
     ‫التي ظهرت في ميدان‬           ‫المستأنسة‬                             ‫مجهول‪ ،‬يقول الراوي واص ًفا‬
 ‫التحرير وقتلها القناصة‪،‬‬                                                      ‫ظهور هذه الرسومات‪:‬‬
    ‫لم تؤذ الناس‪ ،‬أو تفتك‬          ‫لقد زاد توتر الرواية‬                     ‫«أنا الآن في شارع محمد‬
‫بهم‪ ،‬بل إن الأسد استجاب‬      ‫وتصاعدت الأحداث‪ ،‬وزادت‬                      ‫محمود‪ ،‬الشارع تقريبا خا ٍل‬
                             ‫الأمور الفانتازية وتصاعدت‬                     ‫من السيارات المارة‪ ،‬لكني‬
       ‫للمرأة ومشى معها‬                                                     ‫رأيت رسومات الجرافيك‬
  ‫مسالمًا‪ ،‬ويمكن القول إن‬                                                ‫التي مسحتها المحافظة كلها‬
                                                                         ‫مرسومة على حائط الجامعة‬
    ‫هذه الأسود تعد رم ًزا‬                                                     ‫الأمريكية‪ .‬نفس وجوه‬
 ‫لجموع الشباب الثائرين‪،‬‬                                                  ‫الشهداء القديمة‪ ،‬لقد اقتربت‬
   ‫الذين خرجوا في أحداث‬                                                   ‫منها فلم أجد شيئًا‪ ،‬ابتعدت‬
  ‫الثورة وامتلأ بهم ميدان‬                                                 ‫إلى الرصيف الآخر فرأيتها‬
                                                                          ‫تعود» (ص‪ .)21‬وكما رأى‬
   ‫التحرير‪ ،‬بيد أن النظام‬                                                ‫نور هذه الرسومات قبل أن‬
  ‫قام بترويضهم بعد قتل‬                                                      ‫تختفي‪ ،‬فإن والد الشهيد‬
  ‫بعضهم بشكل عشوائي‬                                                          ‫(سامح بكير) رأى هذه‬
‫من قبل القناصة؛ نستجلي‬                                                    ‫الرسومات أي ًضا تظهر مرة‬

     ‫ذلك من تساؤل بطل‬                                                              ‫أخرى (ص‪.)33‬‬
     ‫الرواية‪« :‬لماذا إذن تم‬                                                ‫من خلال القراءة المتعمقة‬
   ‫قتل الحيوانات ما دامت‬                                                ‫لرمزية هذه الصور المرسومة‬
 ‫مسالمة؟ سألت نفسي‪ :‬ألم‬
   ‫ير القناصة المرأة وهي‬
   247   248   249   250   251   252   253   254   255   256   257