Page 233 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 233

‫‪231‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

     ‫في مصر»‪ ،‬أو ربما لم‬     ‫الإسكندرية من المدن‬          ‫زمن البهجة والجراح‬
    ‫يعرفوا طه حسين من‬
    ‫الأساس‪ ،‬بل استمعوا‬        ‫المنذورة للبهجة والجراح‪،‬‬    ‫محمود قدري‬
  ‫إلى أدعياء التدين وتجار‬    ‫انقضى زمن البهجة وأيام‬
   ‫الدين ينادون بما يخدم‬       ‫اللوحة الكوزموبوليتانية‬
‫أهدافهم الخبيثة‪ ..‬والثمن؟‬
  ‫ندفعة يوميًّا من أعمارنا‬          ‫الخالدة في الضمير‬
 ‫وأحلامنا وطموحنا لدولة‬       ‫البشري‪ ،‬وما كانت تمثلة‬
‫مدنية حديثة‪ ،‬العلم قوامها‬
 ‫‪-‬وحديث التعلي في مصر‬            ‫الإسكندرية من معا ٍن‬
  ‫يثيرالحزن والبكاء المر‪-‬‬        ‫للتعايش وتقبل الآخر‬
‫والحرية الفكرية ساحاتها‬     ‫وانصهار الكل في واحد بين‬
‫السامقة تتجول فيها عقول‬     ‫ذراعي حاضنة كبري‪ ،‬تحط‬
‫المواطنين حرة من كل قيد‪.‬‬    ‫عليها الطيور من كل أرجاء‬
 ‫عن زمن البهجة والجراح‬        ‫العالم فيجدون فيها متعة‬
                            ‫الروح والقلب‪ ،‬وابتدأ عصر‬
      ‫يكتب الأديب الكبير‬        ‫الجراح بتلاشي الوجه‬
  ‫ثلاثيته عن الإسكندرية‪،‬‬     ‫الجميل لمشروع الإسكندر‬
‫كأحد أبنائها الذين سمعوا‬      ‫الأكبر القديم‪ ،‬واستعلان‬
                               ‫القبح واستيلاء التطرف‬
     ‫ذكرياتها العذبة وهي‬     ‫على براح التنوع الإنساني‬
      ‫لا تزال طازجة تحيا‬       ‫وروعة الوحدة البشرية‪.‬‬
    ‫في قصص كبار السن‪،‬‬       ‫لقد فتنت الإسكندرية أدباء‬
       ‫وحضروا السنوات‬        ‫العالم ومثقفية من العصر‬
      ‫الأخيرة من عظمتها‬         ‫الهيلليني حتى النصف‬
‫الغابرة‪ ،‬وعاشوا سنواتهم‬      ‫الأول من القرن العشرين‪،‬‬
 ‫التالية يشاهدون الانهيار‬       ‫رحلت الذكريات ورحل‬
   ‫التدريجي لمدينتهم التي‬      ‫مواطنوها ذوو الأصول‬
  ‫يباهون بها‪ ،‬كما انهارت‬    ‫المختلفة والديانات المتعددة‪،‬‬
‫أشياء عدة وأصبحنا عرايا‬       ‫ولم يبق فيها سوي جيل‬
  ‫مما كان قبل عقود خلت‬          ‫جديد نما وسط التشوه‬
   ‫يزغلل عين الرائين من‬       ‫الذي أصاب مدينتهم الأم‬
                            ‫بطريقة مفزعة‪ ،‬بعدما ُقطع‬
                   ‫الألق‪.‬‬        ‫الطريق إلى عالم البحر‬
                            ‫المتوسط الفسيح بحضارته‬
        ‫‪-1‬‬
                                   ‫المبهرة‪ ،‬وشق أعداء‬
          ‫«لا أحد ينام في‬    ‫الجمال سرداب خانق قتل‬
  ‫الإسكندرية» درة أعمال‬      ‫الإسكندرية التي أحببناها‬
  ‫إبراهيم عبد المجيد‪ ،‬عمل‬   ‫وتحولت إلى ذكري‪ ،‬منفذين‬
  ‫مشحون بالقصص التي‬           ‫بالضبط الاتجاه المعاكس‬
    ‫انسابت لوعيه من أبيه‬
                                 ‫لما نادي به العميد طه‬
                            ‫حسين في «مستقبل الثقافة‬
   228   229   230   231   232   233   234   235   236   237   238