Page 220 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 220

‫العـدد ‪37‬‬          ‫‪218‬‬

                                                                 ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬   ‫يتطاول‪ ،‬وكلما تطاول ازداد‬
                                                                             ‫طوله هو في حالة من حالات‬
 ‫بزمام الأمور أو تحريكها‪،‬‬       ‫السارد‪ /‬الذات المتأرجحة‬                        ‫العبث والسخرية من الذات‬
      ‫كحلقة ضمن حلقات‬            ‫بين جلد الذات والتماس‬
                                 ‫النقاء‪ /‬التطهر من جهة‪،‬‬                                ‫في النص الروائي‪:‬‬
  ‫متصلة‪ ،‬أم ًرا بالغ الغرابة‬                                                     ‫«كدت أصرخ أني الذي‬
‫والتعقيد‪ ،‬ولاز ًما من لوازم‬          ‫والتمادي في حالات‬                       ‫ح َّرضت المتظاهرين جمي ًعا‪،‬‬
                              ‫استنزاف الفساد التي تمثل‬                       ‫ح َّطم ُت أعمدة النور‪ ،‬خلعت‬
    ‫الحياة التي تريد المزيد‬                                                       ‫بلاط الأرصفة‪ ،‬حرقت‬
 ‫من المال والوجاهة الزائفة‬             ‫جانبًا ماد ًّيا مه ًّما‪.‬‬              ‫المواصلات والملاهي وأقسام‬
 ‫لشخصية تتنامى بداخلها‬                                                           ‫البوليس‪ ،‬إنني لا أقوم‬
                                ‫الصراع الداخلي‪/‬‬                                 ‫بالمظاهرات السلمية كما‬
       ‫صراعاتها النفسية‪،‬‬          ‫السيكوباتي‬                                   ‫يقول إنما أنصب وأحتال‬
  ‫وموقفها من العالم ومن‬                                                      ‫ولم يحدث أن أكملت واحدة‬
 ‫ذاتها الضائعة‪ ،‬وهي تعلن‬       ‫«وكأنني قررت الانتحار‪.‬‬                           ‫منها‪ ..‬لقد قبضوا عل َّي في‬
 ‫وجودها المغاير والمختلف‬        ‫عدد من العمال ينظرون‬                             ‫الفجر بعدد من الجنود‬
  ‫المعايير‪ ،‬والذي يأتي على‬                                                   ‫امتد على السلم من الشارع‬
   ‫أنقاض الزيف والدخول‬            ‫إلينا من خلف النوافذ‬                           ‫حتى السطح ولا أعرف‬
  ‫في الانقسام النفسي بين‬              ‫ويضحكون‪ .‬تكرر‬                            ‫كيف فتحوا باب العمارة‬
  ‫الذات‪ /‬الداخل‪ ،‬والخارج‬                                                          ‫التي لا يسكنها غيري‬
                                 ‫خروجهم معي وهم في‬                            ‫والذي أحرص على إغلاقه‬
    ‫الرافض لهذه الصورة‬             ‫العادة يتولون إقناع‬                        ‫بالمفتاح كل مساء‪ ..‬كظمت‬
    ‫حتى ولو على المستوى‬                                                          ‫غيظي وجنوني‪ .‬أطلقوا‬
  ‫الضمني‪ ،‬بهذا الاعتراف‬        ‫الجدد‪ .‬عدنا من دمنهور‪.‬‬                        ‫سراحي في الفجر أي ًضا»(‪.)4‬‬
‫الذي يأتي كنتيجة للضغط‬           ‫أعطيت كل عامل ثلاثة‬                             ‫يكشف السارد هنا ستر‬
  ‫النفسي الذي يحدثه هذا‬                                                         ‫ممارساته التي جعلت منه‬
   ‫الوجود المغاير في بؤرة‬     ‫جنيهات من الخمسة التي‬                                ‫رم ًزا للفساد الأخلاقي‬
‫جديدة من بؤر التمكن عبر‬          ‫تقررت في هذه المرة‪ .‬في‬                         ‫وخيانة الأمانة‪ ،‬ومتاجرته‬
‫الفساد‪ ،‬وهي التي لا تؤدي‬        ‫الإسكندرية أخذ السائق‬
     ‫إلى التحقق الإنساني‪،‬‬          ‫المعترض المائة جنيه‬                              ‫بالشعارات في مرحلة‬
    ‫وتعمق من أزمة الذات‬         ‫وانصرف ضاح ًكا‪ .‬كنت‬                            ‫سياسية فارقة ومضطربة‬
 ‫مع وجودها المغاير‪ ،‬لتبدو‬                                                       ‫تتداخل مع أحداث الرواية‬
‫دلالات النقص والعجز‪ ،‬من‬       ‫أدرك أنه بينه وبين نفسه‬
  ‫خلال التفاصيل المشتبكة‬           ‫سيقبل ما أعطيته له‬                              ‫لتغطي جانبًا مه ًّما من‬
                                                                                   ‫جوانب توثيق علاقات‬
     ‫بين ظاهر الشخصية‬         ‫وسيفطن أنه لن يستطيع‬                                ‫السارد بالمكان وبالدور‬
 ‫وباطنها وافتقادها للأمان‬             ‫إفشاء سر يستعد‬                              ‫المحوري الذي يقوم على‬
                                                                                ‫إذكاء روح الفساد في ظل‬
    ‫الذي سعت إلى قشرته‬         ‫أربعمائة عامل وسائقان‬                          ‫العديد من المتناقضات‪ ،‬وتلك‬
  ‫الخارجية دونما التماس‬                     ‫لإنكاره»(‪.)5‬‬                        ‫الانعكاسات النفسية التي‬
  ‫للأمان النفسي الذي أثر‬                                                          ‫تأتي على أعقاب أحداث‬
                                    ‫هذه الازدواجية التي‬                           ‫أساسية تعترض سيرة‬
     ‫عليه الزيف والتماس‬          ‫تجعل من عملية التمادي‬
       ‫المكسب من خلاله‪:‬‬          ‫في الفساد المتمثل في أمر‬
                                ‫الإيهام بالعمل الوطني أو‬
   ‫«أنا شجرة محمد علي‬         ‫العامل المظاهر للسلطة دون‬
  ‫الطويل الأسمر صاحب‬            ‫تحقيق أي مكسب معنوي‬
                                 ‫أو دعائي لصالح الرموز‬
     ‫الوجه الخاطف ذي‬
     ‫العينين العسليتين‪،‬‬           ‫التي تقتات على مداهنة‬
                                 ‫الرموز السياسية الأكثر‬
                                  ‫منها قدرة على الإمساك‬
   215   216   217   218   219   220   221   222   223   224   225