Page 217 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 217

‫‪215‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

‫الموضوعية‪ ،‬كونه قد أحالنا‬          ‫كان عائ ًدا ماد ًّيا أو جوائز‬     ‫أساسي على قيمة الأعمال‬
   ‫على أهم الإشكالات التي‬         ‫مرموقة‪ -‬لمساره الطبيعي‪،‬‬         ‫الروائية ومدى تمثلها للحياة‬
    ‫تواجه الكتابة الروائية‬          ‫فالرجل لم ينخرط بشكل‬
 ‫العربية‪ ،‬ويظهر مما سبق‬                                               ‫والواقع وإعادة تشكيلها‬
      ‫أنه قد تمهر كثي ًرا في‬         ‫صارخ في دائرة الكتابة‬             ‫بطريقة سردية متميزة‪،‬‬
     ‫معرفة خصائص هذه‬                 ‫من أجل العائدات المادية‬        ‫مع مراعاة فكرة أن يصعد‬
  ‫العملية‪ ،‬فهو ليس بصدد‬           ‫أو الشهرة المزيفة‪ ،‬بقدر ما‬       ‫القارئ إليها وليس أن تنزل‬
  ‫ممارسة الكتابة بعي ًدا عن‬       ‫تبنى مبدأً راس ًخا قائ ًل بأن‬         ‫إليه‪ .‬وهي الصفة التي‬
 ‫الوعي النقدي ‪-‬حتى وإن‬             ‫الكتابة وسيلة للتعبير عن‬         ‫تتصف بها كتابات إبراهيم‬
  ‫لم يكن وعيًا متخص ًصا‪-‬‬          ‫آمال مجتمعه وآلامه‪ ،‬وعن‬          ‫عبد المجيد التي تشتغل على‬
      ‫إلا أن فيه الكثير من‬        ‫هزائمه وأحلامه‪ ،‬إن الكتابة‬       ‫القضايا المختلفة خاصة تلك‬
      ‫النضج والجدية‪ .‬مما‬         ‫عنده وسيلة وغاية في الوقت‬            ‫التي تخص تاريخ مصر‬
  ‫ساعده كثي ًرا على التنويع‬       ‫نفسه‪ .‬وكلما تحقق له ذلك‬              ‫وحاضرها ومستقبلها‪.‬‬
    ‫في الكتابة‪ ،‬وكذا الكثرة‬       ‫تحققت له المتعة الكاملة كما‬       ‫ولعل ما يجسد ذلك هو ما‬
   ‫الإيجابية التي تجعله في‬                                         ‫صرح به إبراهيم عبد المجيد‬
                                       ‫عبر ‪-‬هو‪ -‬عن نفسه‪.‬‬           ‫في قوله‪« :‬وأخي ًرا فإنني منذ‬
‫أحايين كثيرة لا يعيد نفسه‬          ‫يختم الروائي إبراهيم عبد‬       ‫أول رواية وحتى الآن أشعر‬
              ‫في كل مرة‪.‬‬          ‫المجيد شهادته قائ ًل «أنا في‬     ‫بأن مهمتي فقط هي الكتابة‪،‬‬
                                   ‫غاية الرضا لأنني ما زلت‬           ‫وفيها المتعة الكاملة‪ ،‬لذلك‬
‫من جهة أخرى يجد المتأمل‬          ‫أكتب‪ ،‬وإن كانت الكتابة هي‬        ‫حققت تواص ًل مع القراء غير‬
 ‫لأعمال إبراهيم عبد المجيد‬        ‫نتاج القلق‪ ..‬أن تكتب يعني‬         ‫منكور‪ ،‬تشهد عليه مبيعات‬
‫الروائية الكثيرة جه ًدا كبي ًرا‬    ‫أن تحصل على متعة إلهية‬          ‫أعمالي‪ ،‬كما حدث مع النقاد‬
                                  ‫ليست ميسرة لكل البشر»‪.‬‬            ‫ودوائر العلم»‪( .‬ص‪)358‬‬
       ‫في البحث والتنقيب‬                                              ‫يحمل الروائي على عاتقه‬
             ‫واستحضار‬                            ‫(ص‪)358‬‬
                                    ‫يبدو أن الروائي قد حقق‬                ‫مهمة الكتابة وفقط‪،‬‬
       ‫اللحظات التاريخية‬                                                     ‫بمعنى أنه ملتزم‬
          ‫الفارقة في حياة‬             ‫هذه الغاية‪ ،‬انطلا ًقا من‬             ‫بفكرة «الكتابة من‬
         ‫شعبه‪ ،‬وكيف أنه‬             ‫الأعمال الكثيرة والمتنوعة‬
                                                                          ‫أجل الكتابة»‪ ،‬تار ًكا‬
    ‫استطاع أن يشكل منها‬               ‫التي قدمها عبر مساره‬               ‫قضية المقابل ‪-‬سواء‬
 ‫فضا ًء واس ًعا وشخصيات‬          ‫الطويل والثري الذي يتجاوز‬
 ‫متخيلة لها علاقة بالمرجع‬
                                     ‫خمسة عقود‪ ،‬مما جعله‬
      ‫دون التطابق معه أو‬         ‫يتبوأ مكانة متميزة في قائمة‬
     ‫الذوبان فيه‪ .‬من جهة‬
    ‫أخرى فإن الروائي قد‬             ‫أبرز الأسماء الروائية في‬
   ‫عايش المحطات المفصلية‬            ‫مصر وفي العالم العربي‪.‬‬
 ‫في تاريخ مصر في العقود‬
   ‫الستة الأخيرة‪ ،‬لينخرط‬               ‫تركيب‪:‬‬
 ‫فيها ويتأثر بها‪ ،‬وتنعكس‬
‫بعد ذلك في كتاباته الروائية‬       ‫رغم أن الحديث عن النفس‬
    ‫وفي مواقفه السياسية‪.‬‬             ‫من أصعب الأمور‪ ،‬فإن‬
  ‫ومهما حاول التخفف من‬              ‫الروائي المصري إبراهيم‬
  ‫وطأة ذلك فنيًّا فإنه يبقى‬         ‫عبد المجيد قد وفق كثي ًرا‬
                                     ‫في تقديم كثير من الآراء‬
                ‫متأث ًرا به‬           ‫النقدية التي تجمع بين‬

                                   ‫قليل من الذاتية وكثير من‬
   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221   222