Page 260 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 260

‫العـدد ‪37‬‬          ‫‪258‬‬

                                                              ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬  ‫الإسكندرية» للأديب الروائي‬
                                                                            ‫المصري إبراهيم عبد المجيد‬
       ‫خلفه‪ ،‬كان يفكر لو‬          ‫بتهوفن الحزينة تصل‬                         ‫حسب ما ورد في تصريح‬
‫يستطيع أن يمسك برئيس‬             ‫أنغامها الآذان والأفئدة‬                  ‫تلفزي أنها قد استعرقت منه‬
                                 ‫والعقول‪ ،‬تخاطب إرادة‬                         ‫ما يربو عن ست سنوات‬
    ‫حكومة بولندا يعصره‬        ‫الألمان وكبرياء العالم الذي‬                     ‫قضاها عاك ًفا على القراءة‬
               ‫عص ًرا»(‪.)11‬‬   ‫يخشى خيال هتلر‪ ،‬والذي‬                        ‫والكتابة والسفر والمشي في‬
                                 ‫كان يمثل شبح الخوف‬                          ‫الصحراء الغربية للوقوف‬
     ‫لا ريب أن هتلر ليس‬       ‫والرعب للعالم في الحربين‬                         ‫على أماكن الحرب‪ ،‬حتى‬
     ‫شخ ًصا عاد ًّيا‪ ،‬بل هو‬                                                   ‫وصل به الأمر إلى المشى‬
‫أسطورة عظمى في التاريخ‬                       ‫الكونيتين‪.‬‬                        ‫حافيًا في الرمل‪ ،‬وتلمس‬
  ‫العالمي وإلى حدود اليوم‪،‬‬      ‫هيمنت على العالم برمته‬                       ‫الشمس‪ ،‬وزيارة المكان في‬
 ‫والخطير في الأمر أن هتلر‬         ‫والألمان خاصة صورة‬                           ‫الصيف والشتاء ليشعر‬
   ‫فكرة تجول وتصول في‬          ‫وظل وشبح هتلر المرعب‪،‬‬                          ‫بتغير المناخ والتضاريس‬
    ‫أذهان أحبائه وأعدائه‪،‬‬      ‫ولعل ما يبرز هذا الخوف‬
‫ينغص على العالم النوم‪ ،‬في‬      ‫والصدى الذي تركه هتلر‬                      ‫وحياة الناس في الإسكندرية‪،‬‬
‫حضرة هتلر لا ينام العالم‬      ‫في الناس هو قول السارد‪:‬‬                      ‫ولعل الهدف من كل ذلك هو‬
    ‫وليس الإسكندرية كما‬      ‫«كان هتلر يدور حول مبنى‬
  ‫عنون إبراهيم عبد المجيد‬    ‫المستشارية في برلين‪ ،‬عاق ًدا‬                   ‫خدمة أبطال عالمه الروائي‪.‬‬
   ‫روايته التي بين أيدينا‪،‬‬      ‫يديه خلف ظهره‪ ،‬محنيًّا‬
     ‫خطابات هتلر وأفكار‬      ‫قلي ًل إلى الأمام‪ ،‬في حالة من‬                   ‫جبروت هتلر في‬
    ‫هتلر مظهره مفاجآته‪،‬‬        ‫التأمل العميق‪ .‬لكنه أي ًضا‬                    ‫«لا أحد ينام في‬
 ‫كلها تجليات تؤرق تفكير‬       ‫زم شفتيه مما أبرز شاربه‬                         ‫الإسكندرية»‬
‫العالمين‪ .‬فالرجل من صنع‬        ‫مح َّد ًبا قلي ًل‪ ،‬وفتح عينيه‬
   ‫الآلهة وهو بشر ساحر‬         ‫في غضب أزاد لمعانيها‪ .‬في‬                      ‫تنهض رواية «لا أحد ينام‬
  ‫ماكر مهيمن متسلط على‬        ‫الحقيقة كاد صدره ينفجر‬                        ‫في الإسكندرية» على خلفية‬
 ‫العالم‪ ،‬لا يؤمن بالضعفاء‬       ‫ورأسه‪ ،‬وهو ذاهل تما ًما‬
   ‫والبسطاء السذج‪ ،‬عالمه‬      ‫عن حراس المبنى الواقفين‪،‬‬                        ‫تاريخية تتأطر في سياق‬
‫وضعي لا طبيعي‪ ،‬ويخرق‬         ‫وحراسه هو الذين يدورون‬                           ‫الحربين الكونيتين الأولى‬
 ‫الطبيعة البشرية خر ًقا‪ ،‬إذ‬                                                    ‫والثانية‪ ،‬حيث بنى عالمه‬
‫المرضى وذوي الاحتياجات‬                                                       ‫التخييلي على أساس المناخ‬
‫الخاصة مصيرهم جهنمي‬
    ‫عندهم والموت حليفهم‬                                                         ‫الذي عاشت فيه الدول‬
‫الأبدي‪ ،‬وعوض وأد البنات‬                                                       ‫العالمية ومعاناة وظروف‬
  ‫كما في العصور الجاهلية‬                                                      ‫الحرب بدمارها وخرابها‬
   ‫صار لنا أن نتحدث عن‬                                                     ‫الفتاك‪ ،‬فلا صوت يعلو فوق‬
 ‫ذوي الاحتياجات الخاصة‬                                                        ‫الرئيس الواحد والشعب‬
   ‫في ظل حكم الإمبراطور‬                                                       ‫الواحد والسلطة الواحدة‬
                                                                           ‫للزعيم والإمبراطور أدولف‬
                   ‫هتلر‪.‬‬                                                       ‫هتلر وما أدراك ما هتلر‬
   ‫إنه كنار الهشيم تحرق‬                                                   ‫آنذاك‪ .‬فالأصوات لا تستطيع‬
  ‫العالم وتستعبد المطيعين‬                                                 ‫حتى الهمس في حضرة القائد‬
                                                                          ‫العظيم‪ ،‬فخطاباته كموسيقى‬
      ‫بمسمى الهيمنة على‬
    ‫العالم والإيمان بالقوة‬
   255   256   257   258   259   260   261   262   263   264   265