Page 261 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 261

‫‪259‬‬    ‫الملف الثقـافي‬

‫بلزاك‬  ‫إدرجار موران‬           ‫أدولف هتلر‬                         ‫وعدم الرضى بالضعف‬
                                                               ‫الذي يعتبر جز ًءا لا يتجزأ‬
  ‫الأحيان‪ ،‬وآن الأوان لكي‬      ‫فهو أمضى عشرين سنة‬              ‫من الطبيعة البشرية‪ ،‬قوة‬
  ‫يحصد ثمار كفاحه‪ ،‬منذ‬          ‫في المستشفى بعد أن كاد‬          ‫هتلر جعلت النمسا تقدم‬
   ‫انضم إلى (حزب العمال‬       ‫يفقد بصره في الحرب التي‬          ‫له نفسها ببساطة وإيهام‬
‫الألمان) إلى تكوينه (للحزب‬     ‫انتهت بكارثة مروعة على‬        ‫عاهرة‪ ،‬وهو الذي قام بغزو‬
  ‫الاشتراكي الوطني)‪ ،‬إلى‬                                     ‫تشيكوسلوفاكيا وهي كانت‬
 ‫سجنه‪ ،‬إلى تكوينه لكتائب‬         ‫الأمة الألمانية‪ ،‬ويوضح‬
   ‫الصاعقة‪ ،‬ونضاله ضد‬         ‫المقطع السردي هذا بقوله‪:‬‬           ‫مدججة بالسلاح‪ ،‬لكنها‬
  ‫الشيوعيين‪ ،‬حتى وثوبه‬        ‫«البولنديون فقط يعاندونه‪،‬‬      ‫أمام جبروت هتلر لم تقاوم‪،‬‬

     ‫إلى الحكم وذبجه كل‬            ‫لا يريدون أن يعيدوا‬          ‫ويوضح المقطع السردي‬
   ‫أعدائه والشيوعيين من‬          ‫لألمانيا ما أعطتهم زو ًرا‬   ‫التالي هذه القوة والجبروت‬
 ‫قبلهم‪ .‬لقد سانده الشعب‬        ‫معاهدة فرساي‪ .‬وهو لن‬          ‫النافذ‪ ،‬يقول السارد‪« :‬اليوم‬
  ‫الألماني وهتف له فأدرك‬        ‫يرضى إلا بكل ما ضاع‬          ‫هو الخامس والعشرون من‬
    ‫أنه المبعوث المنتظر من‬      ‫من ألمانيا‪ .‬هذا هو الوقت‬      ‫أغسطس‪ ،‬الجو صحو فوق‬
 ‫السماء لكرامة ألمانيا‪ ،‬لكنه‬   ‫المناسب تما ًما‪ ،‬لقد مضت‬     ‫برلين‪ ،‬فكر هتلر في الحروب‬
                                ‫عشرون سنة على الوقت‬         ‫قدي ًما حين كانت تبدأ بمنازلة‬
     ‫لا يريد إعلان الحرب‬      ‫الذي أمضاه في المستشفى‬
   ‫مبك ًرا هكذا‪ ،‬البولنديون‬      ‫بعد أن كاد يفقد بصره‬              ‫بين القائدين‪ ،‬وتنتهي‬
‫بعنادهم يجبرونه على ذلك‪،‬‬           ‫في الحرب التي انتهت‬         ‫بهزيمة أحدهما فيستسلم‬
  ‫فليندفع إذن داخل مبنى‬        ‫بكارثة على الأمة الألمانية‪،‬‬    ‫هو وجيشه للمنتصر‪ .‬لكنه‬
                                  ‫ومرارة البؤس القديم‬         ‫لا يستطيع أن يغامر بذلك‪،‬‬
          ‫المستشارية»(‪.)13‬‬     ‫تتجسد أمامه في كثير من‬
                                                                 ‫يعرف جي ًدا مدى ضآلة‬
                                                              ‫جسده‪ ،‬على الرغم من أنه‪،‬‬
                                                                ‫هو نفسه‪ ،‬الذي قدمت له‬

                                                                  ‫النمسا نفسها في العام‬
                                                                 ‫الماضي ببساطة عاهرة‬
                                                             ‫مدربة‪ .‬وهو نفسه لم يتردد‬
                                                                ‫في غزو تشيكوسلوفاكيا‬
                                                            ‫المسلحة جي ًدا فلم تقاوم»(‪.)12‬‬
                                                            ‫لعل مساندة الشعب والإرادة‬
                                                             ‫الألمانية لهتلر هي ما منحته‬
                                                             ‫الجبروت كي يشكل لوحده‬
                                                                ‫العالم برمته‪ ،‬حتى أدرك‬
                                                            ‫إدرا ًكا يقينيًّا أنه ذلك المبعوث‬
                                                            ‫من عالم السماء دفا ًعا بطوليًّا‬
                                                               ‫عن كرامة ألمانيا التاريخية‬
                                                             ‫والحضارية‪ ،‬لكن هتلر ُبعث‬
                                                             ‫مثل طائر الفنيق من رماده‪،‬‬
                                                              ‫فالرصاصات التي لم تقتله‬
                                                              ‫أحيته نحو المجد والعظمة‪،‬‬
   256   257   258   259   260   261   262   263   264   265   266