Page 266 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 266

‫أولئك الأوروبيين الذين لا وازع‬                                ‫العـدد ‪37‬‬                           ‫‪264‬‬
 ‫عندهم من خلق‪ ،‬ولا من دين؟(‪.)3‬‬
                                                                               ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬      ‫جزء منه مقابل معبد الأقصر‬
     ‫اندمجت لوسي في حياة أهل‬                                                                ‫والجزء الآخر فوق سطح الهيكل‬
 ‫الأقصر وبدأت تتفاعل مع بعض‬              ‫جالسة ذات صباح‪ ،‬وشاهدت‬
                                          ‫إليونانيون وهم ينفذون بكل‬                           ‫في الطرف الجنوبي من المعبد‪،‬‬
    ‫الشخصيات المؤثرة في القرية‬         ‫حماس أوامر ال َد ْين عندهم التي‬                       ‫البيت له مكانته في التاريخ لأنه‬
  ‫وعلى رأسهم الشيخ يوسف أبو‬           ‫تحرضهم على تخريب المصريين!‬                           ‫في سنة ‪ 1829‬أقام فيه شامبليون‬
   ‫الحجاج الذي لم يتعد الثلاثين‬       ‫وتقول‪ :‬منذ ثمانية شهور مضت‬                             ‫وروسيليني م ًعا للقيام بعملهما‬
  ‫من العمر‪ ،‬أحد مجاوري الأزهر‬              ‫هبط القرية شخص يوناني‬
   ‫الشريف‪ .‬بعد أن أكمل دراسته‬              ‫وأشترى القمح جميعه وهو‬                              ‫خلال جزء من فترة إقامتهما‬
   ‫في الأزهر عاد إلى القرية وعمل‬         ‫أخضر لم ينضج بعد‪ ،‬اشتراه‬                             ‫الطويلة في الأقصر‪ .‬وقد اعتادا‬
  ‫كاتبًا في القنصلية الإنجليزية في‬    ‫بسعر الأردب ستين قر ًشا بثمن‬                            ‫الجلوس فيه أثناء الليل لقسمة‬
                                          ‫بخس‪ ،‬واليوناني يتبع جابي‬
    ‫الأقصر‪ .‬يبدو أنها أعجبت به‬                                                                 ‫عمل اليوم‪ ،‬وأقام فيه ضباط‬
   ‫وبثقافته الدينية وفهمه العميق‬            ‫الضرائب القبطي كما تتبع‬                           ‫البحرية الذين أرسلتهم فرنسا‬
  ‫لروح الإسلام‪ .‬طلبت أن يعلمها‬            ‫الصقور الغربان‪ .‬والآن فقد‬                           ‫سنة ‪ 1831‬لنقل المسلة القائمة‬
                                      ‫أصبح سعر الأردب ‪ 170‬قر ًشا‪،‬‬
      ‫اللغة العربية‪ ،‬تجادلا كثي ًرا‬     ‫وقد دفع الفلاح ثلاثة ونصف‬                                 ‫الآن في ميدان الكونكورد‪.‬‬
      ‫وبهرها بطريقته في الجدال‬          ‫في المائة شهر ًّيا مما استلمه من‬                    ‫تحكي إيميليا أنها شاهدت المنزل‬
   ‫والحوار‪ ،‬وربما بهرها شبابه‪،‬‬        ‫ثمن البيع أي من قروشه الستين‬
 ‫مما دعاها لأنه تصفه بأنه «أحلي‬         ‫كضرائب‪ .‬ولك الآن أن تحسب‬                              ‫وكانت حالته سيئة‪ ،‬وشاهدت‬
    ‫مخلوق رأيته من حيث الهيئة‬           ‫التي عادت على إليوناني‪ .‬تقول‬                            ‫إيميليا إدواردز أريكة لوسي‬
  ‫والرقة والبساطة»‪ .‬واستطردت‬           ‫لوسي إنها تعرف رجلين أفلسا‬                           ‫وسجادتها وكرسيها الذي يمكن‬
‫تصف كل شيء في الشيخ يوسف‬                ‫بهذه الطريقة وباعا كل ما كانا‬                       ‫طيه‪ ،‬وكانت جدران المنزل مزينة‬
    ‫حتى مشيته بأنها «في رشاقة‬           ‫يملكان‪ .‬وقد اضطرهما طاعون‬                          ‫ببعض الصور القليلة والرخيصة‬
                                         ‫الماشية إلى أن يقترضا بفائدة‬                      ‫وزوج من الشمعدانات المصنوعة‬
                       ‫الغزال»‪.‬‬        ‫فاحشة‪ .‬ولكن وا حسرتاه! فإن‬                           ‫من القصدير‪ ،‬وعندما استفسرت‬
    ‫كما تحكي لوسي عن سماحة‬               ‫النيل يتسكع في فيضانه‪ ،‬ولم‬                           ‫الإنجليزية من القنصل العربي‬
   ‫المصريين التي تجلت في أروع‬         ‫يرتفع كما كان مأمو ًل‪ ،‬ولا يزال‬                         ‫عن حالة المنزل وقت أن كانت‬
                                      ‫الناس يشفقون من ذلك‪ .‬يالمصر‬                             ‫فيه السيدة الفرنسية فأخبرها‬
        ‫صورها عندما مات رجل‬           ‫المسكينة وياللمصريين المساكين‪.‬‬                        ‫القنصل بأنها كان لديها منضدة‬
    ‫إنجليزي صغير السن في أول‬         ‫لست بالطبع في حاجة إلى أن أقول‬
‫رمضان ودفن في مقبرة الأجانب‪،‬‬         ‫إن الذين يسمحون لهؤلاء الأروام‬                                         ‫وبعض الكتب‪.‬‬
 ‫وتقول لوسي‪« :‬تعاون المسلمون‬             ‫أن يعروهم من كل شيء‪ ،‬ولا‬                               ‫رحب أهالي الأقصر بالوافدة‬
                                     ‫تجود بخاطرهم فكرة الادخار من‬
        ‫والأقباط في حمل الغريب‬       ‫أجل المستقبل‪ .‬وبيت مصطفي أغا‬                                  ‫المريضة لوسي وسموها‬
   ‫المسكين‪ ،‬وكان منظ ًرا يدعو إلى‬     ‫مثال لذلك‪ .‬فهو مثال للاضطراب‬                           ‫الشيخة‪ .‬ولما رأت هذا التعاطف‬
  ‫أشد ما تكون الروعة‪ ،‬وسار في‬              ‫من هذه الناحية‪ :‬إسراف في‬                          ‫من جانب جيرانها كتبت تقول‪:‬‬
                                       ‫الجود والكرم‪ ،‬وإفراط في الشح‬                          ‫«إنني أتعاطف مع العرب‪ ،‬وهم‬
    ‫الجنازة عدد من الفلاحين في‬        ‫والبخل‪ .‬ولكن ما عسى أن نفعل‬                             ‫متعاطفون معي‪ ،‬وأميل إلى أن‬
  ‫قمصانهم السمر‪ ،‬وجمع كثيف‬             ‫مع هؤلاء القوم الذين لم يعرفوا‬
    ‫من الأطفال العبابده عراة كما‬     ‫المدنية قط‪ .‬ويعيشون في عزلة عن‬                              ‫أرى أفضالهم‪ ،‬أما سيئاتهم‬
   ‫ولدتهم أمهاتهم‪ ،‬ولكنهم كانوا‬      ‫العالم‪ .‬وماذا عسى أن يفعلوا أمام‬                         ‫فإنني قد عميت عنها‪ ،‬مع أنها‬
‫يظهرون الأدب الجم‪ ،‬وقد حركت‬                                                                 ‫تبدو واضحة كل الوضوح لأقل‬
‫ملامحهم التي تنبئ عن الأسى ما‬
  ‫حركت بنفسي من الشجن أكثر‬                                                                       ‫المسافرين ح ًّظا من الخبر»‪.‬‬
                                                                                                   ‫تحكي لوسي عما يعانيه‬
                                                                                                  ‫الفلاحون على أيدي رجال‬

                                                                                                ‫السلطة‪ .‬فكتبت أنها‪« :‬كانت‬
   261   262   263   264   265   266   267   268   269   270   271