Page 270 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 270

‫تبلغ سيدتها‪ .‬وقد تملك اليأس‬                                  ‫العـدد ‪37‬‬                           ‫‪268‬‬
 ‫القاتل عمر‪ ،‬وطلب من لوسي أن‬
‫تضربه‪ ،‬وكان دائم البكاء أمامها‪.‬‬                                                 ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬   ‫هو عمر أبو حلاوة‪ ،‬يعمل طاهيًا‬
                                                                                               ‫وممر ًضا وحار ًسا لها‪ ،‬وكانت‬
      ‫ولكن زوجها يشعر بالغيرة‬                          ‫واعترف بولده‪..‬‬                          ‫تكتب عنه إلى زوجها‪ ،‬حتى في‬
   ‫أي ًضا‪ ،‬ولم يعجبه هذا التعاطف‬              ‫إلى هنا والأمر عادي ج ًّدا‪.‬‬                      ‫اللحظات الأخيرة لم تنس عمر‬
    ‫بين زوجته وعمر ومنعها من‬           ‫المشكلة أن عمر كان عمر متزو ًجا‬
   ‫اصطحابه إلى بريطانيا في المرة‬          ‫من زوجة أخرى هي مبروكة‪،‬‬                            ‫هذا‪ .‬وكانت تريد أن تأخذه معها‬
                                       ‫وتركها في الإسكندرية‪ ،‬سالي من‬                         ‫إلى فرنسا‪ ،‬ولكن زوجها رفض‪،‬‬
                        ‫القادمة‪.‬‬        ‫جانبها لم تهتم بما حدث في أول‬                         ‫يبدو أنه شعر بالغيرة من عمر‬
      ‫يبدو أن علاقة لوسي بعمر‬          ‫الأمر‪ ،‬وكانت لا تزال على عقيدتها‬                     ‫من كثرة ما كتبت له زوجته عنه‪.‬‬
   ‫تعدت حدود الخدمة‪ ،‬وفي أثناء‬             ‫المسيحية التي لا تجيز لها أن‬                      ‫ومع طول بقاء سالي مع عمر في‬
   ‫رحلتها في الصيف من الأقصر‬            ‫تتزوج من رجل متزوج‪ ،‬وطلبت‬                             ‫بيت فرنسا الواسع‪ ،‬انفرد عمر‬
  ‫إلى القاهرة في مايو ‪ 1865‬وهي‬           ‫الطلاق‪ ،‬ولكن عقيدتها المسيحية‬                      ‫بالخادمة سالي‪ ،‬وحدث بينهما ما‬
   ‫مارة بمدينة المنيا حيث فاجأها‬
‫التهاب في الغشاء البلوري وكتبت‬                     ‫أي ًضا تحرم الطلاق‪.‬‬                              ‫يحدث بين رجل وامرأة‪.‬‬
‫إلى زوجها‪ :‬وإذا لم أكن قد أحببت‬         ‫كانت لوسي قد أعربت عن نيتها‬                            ‫لم تخبر سالي سيدتها‪ ،‬كما لم‬
   ‫عمر فإنه ينبغي أن أحبه الآن‪،‬‬                                                                 ‫تشعر السيدة بالتغيرات التي‬
  ‫فقد قام بتمريضي خي ًرا من أي‬               ‫في اصطحاب عمر معها إلى‬                             ‫طرأت عليها من جراء الحمل‪،‬‬
    ‫تمريض لقيته من قبل‪ ،‬وكان‬            ‫بريطانيا‪ .‬وأوصت زوجها بذلك‪.‬‬                          ‫وجاء المخاض لسالي فجأة وهي‬
     ‫مطوا ًعا وماه ًرا بقدر ما كان‬       ‫لذا فقد أشارت إحدى السيدات‬                         ‫في الباخرة في طريقها إلى الأقصر‬
 ‫رفي ًقا بي‪ ،‬وأعتقد أنه أنقذ حياتي‬     ‫الإنجليزيات على لوسي بأن تطلب‬
‫حينما عاجلني بكئوس الهواء على‬            ‫من عمر أن يطلق زوجته الأولى‬                             ‫مع سيدتها‪ ،‬ووضعت سالي‬
    ‫الطريقة العربية‪ ،‬مستخد ًما في‬                                                                                   ‫طفلها‪.‬‬
  ‫ذلك كو ًبا كبي ًرا ومشر ًطا قدي ًما‬     ‫مبروكة‪ ،‬لأجل أن يكون أسرة‬
                                         ‫إنجليزية‪ ،‬ولكن لوسي رفضت‬                                 ‫اعترف عمر بالذنب‪ ،‬وأخبر‬
                ‫من أمواسك»(‪.)9‬‬          ‫هذا الحل على أساس أن مبروكة‬                          ‫سيدته أن سالي هي التي راودته‬
     ‫كما تحكي لزوجها عن عناية‬
‫أصدقائها المصريين أثناء محنتها‪،‬‬                  ‫لا ذنب لها فيما حدث‪.‬‬                           ‫عن نفسه‪ ،‬وأسرع إلى الشيخ‬
     ‫فقد قرأوا القرآن الكريم من‬           ‫على كل حال فقد أرسل الطفل‬                            ‫يوسف ليزوجه من سالي‪ ،‬كما‬
    ‫أجلها‪ ،‬وأوقدوا الشموع نيابة‬          ‫الذي وضعته سالي إلى مبروكة‬
  ‫عن أم هاشم‪ ،‬ودعا المصلون في‬          ‫لترعاه‪ ،‬وطلقت سالي من زوجها‪،‬‬                              ‫يفعل التائبون عما يرتكبون‬
‫المسجد ليجزيني الله على ما قدمت‬             ‫والتحقت بخدمة جانيت ابنة‬                            ‫من الإثم‪ ،‬أنب الشيخ يوسف‬
   ‫من فضل إليهم‪ ،‬وعندما كشف‬                                                                      ‫عمر تأنيبًا شدي ًدا‪ ،‬وقال له‪:‬‬
  ‫عليها طبيبها الإنجليزي أخبرها‬                     ‫لوسي في بريطانيا‪.‬‬                         ‫لقد سودت وجوه المسلمين بما‬
     ‫أن الرئة اليسرى السليمة قد‬         ‫كانت لوسي حانقة على خادمتها‬                           ‫اقترفته في حق نساء كان يجب‬
‫أصيبت بالالتهاب‪ ،‬وأن علاج عمر‬          ‫سالي من عدة جوانب‪ ،‬فمن ناحية‬
                                       ‫أنها أخفت عنها حملها‪ ،‬وفاجأتها‬                                ‫عليك أن تدافع عنهن(‪.)8‬‬
         ‫قد أنقذ رئتها من التلف‪.‬‬        ‫بالولادة‪ .‬أما الجانب المهم فيبدو‬                       ‫وبالفعل عقد قرانه عليها أمام‬
    ‫وتشعر لوسي بقرب نهايتها‪،‬‬                                                                 ‫الشيخ يوسف‪ ،‬وقالت لوسي إن‬
    ‫وتكتب إلى زوجها أنها تنتظر‬             ‫أن لوسي دوف جوردون قد‬                               ‫الشيخ يوسف أخذ الطفل بين‬
                                           ‫أحبت عمر‪ .‬وشعرت بالغيرة‪،‬‬                          ‫يديه‪ ،‬وتسجل لوسي في خطابها‬
       ‫نهايتها صابرة وسط قوم‬                                                                   ‫إلى زوجها أنها رأت في الشيخ‬
 ‫يشفقون عليها ويحبونها فتشعر‬                 ‫لأجل هذا حنقت على سالي‪،‬‬                        ‫يوسف منظ ًرا من مناظر الإنجيل‪،‬‬
                                         ‫وكتبت إلى زوجها تشرح له ما‬                            ‫حيث كان المسيح عليه السلام‬

                                            ‫حدث‪ ،‬وتقول إن عمر حاول‬                                   ‫يأخذ الأطفال بين يديه‪.‬‬
                                             ‫جهده أن يقاومها‪ ،‬وأنه بعد‬                        ‫المهم أن عمر حلاوة عمل كل ما‬
                                        ‫الأسابيع الأولي حاول أن يفصح‬
                                       ‫لها عن الأمر‪ ،‬ولكن سالي رفضت‬                             ‫استطاع حتى يبيض وجهها‪،‬‬
                                           ‫فكرة الزواج‪ ،‬كما رفضت أن‬
   265   266   267   268   269   270   271   272   273   274   275