Page 275 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 275
ترسم الرواية مدخًل تمهيد ًّيا لعالم تحمل مشهد زيارة السارد
بشري غارق في عبثية الفوضى ،هو وأمه للولي الصالح «الشيخ
عالم مدينتي الفيوم وإطسا ،وأطراف البكري» بعد موت الأب ،يقول
من المشهد القاهري الذي تصاحب لهما الولي« :نعم رمضان،
كاميرا سرد ج ّوالة تجوال أبناء عالم الوحيد الذي انخدعت فيه طوال
الفيوم المقيم فيها .وهو عالم يكاد حياتي ،لم أقدره حق قدره ،كان
يتحلل في مجمله تحت وطأة الفساد وت ًدا للأولياء ،ولم نكن نعرف
والانهيار النفسي والأخلاقي ،شوارعه حتى مات ،منذ أن مات وأنا في
رقدتي تلك لا أقوم ،وأسأل الله
تمتلئ بالقمامة ونفوس أبطاله أن يجمعنا في الجنة» .عبر هذا
بالعشوائية والإثم الكشف يزول الغموض ويملك
القاريء مفتا ًحا لتشييد مفاصل
المكاني والزماني الظاهر المحيط، -بهندسته الروحانية المنتظمة في الأحداث وتركيب تداخلاتها
ليعيد اكتشاف صلة الأب الكلية التراتبية الدائرية للنقباء والأبدال وتعشيق علاماتها ،منذ مرض
بالبنية الخفية المتروحنة للمكان، والأوتاد والأقطاب -نظا ًما بدي ًل الأب قرب مفتتح الرواية حتى
موته ،ورحلة بحث ابنه عنه
بداية من أدق إشارات السرد ثابتًا لفوضى وزوال العالم فيما بعد الموت ،تكمن عشرات
كمثل غرام الأب بالنبي وذكره البشري .التصور الصوفي لنظام
كل لحظة والحلم المعذب بزيارته- الإشارات لقاريء «جدار
العالم الروحاني ينتهي -كما الذاكرة» أنه في لقاء مع أب
وليس الحج تحدي ًدا ،سمة هو معروف -بقطب الأقطاب، صالح أو «مبارك» ،ينطق من
تنكشف عن هيام بتوحد الباطن وهو الغوث أو المركز الذي عليه داخله ومن خارجه عالم روحي
مدار العالم ،وله رقائق ممتدة إلى سام ومجهول ومختلف عن
بالظاهر ،وعن حقيقة أن تمني قلوب الخلائق بالخير وبالشر بما عالم شخصياتها الكثيرة ،لكن
زيارة النبي لم تكن غير تمني يضمن تفسي ًرا لمعنى الرذائل في ما ُيعرف -مع نهايتها -هو أن
لحظة الموت .وسمة مثل انكشاف عالمنا ،والقطب هو في نفس الوقت الأب المتوفى كان على صلة وطيدة
الأب الروحاني المفاجئ عن إنشاد باطن النبوة الظاهرة في نبي بعالم المعنى الذي يحمل مفاتيح
سحري في مدح النبي ،وأدى إسباغ النظام الكلي على عالمنا
جمال صوته إلى انبهار القرية الإسلام محمد. الواقعي ذي الفوضى الشاملة،
كلها ،وأدت قوة محبته إلى تأثير مع نهاية كهذه يتمكن القاريء وأن نظام الأب الروحي هو
على القدرة الجنسية للرجال. من إعادة قراءة وتفسير أحداث الانعكاس البشري المتاح للنظام
الهندسي لجغرافيا المكان بأعلامها
وصو ًل إلى «علامات» فعلية الرواية ،من أقرب تفاصيلها الروحانية ،بما في ذلك مفتاح
في سلوكيات شخصية «الأب اللصيقة بشخصية الأب الحياة الذي ترسمه مدينة /قرية
العجيب» ،كإصلاحه بين عائلات إطسا ،مما يمنح للعالم البشري
تطلب الثأر الأبدي ،وكتوقف «رمضان» ،وهو يشكل بوضعه فرصة الكشف عن هندسة
الشجار في مستشفى إطسا في بلدته قطب المركز الذي تمتد مماثلة لكنها دفينة في عمق
صلاته الباطنه بأبعد دوائر المحيط فوضاه الظاهرية الزائلة .العالم
الروحي للمتصوفة الذي يشكل
الأب «وت ًدا» فيه هو ما يشكل