Page 279 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 279

‫‪277‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫شخصيات‬

‫والأموال عليها‪ ،‬حتى بلغ ما أوقفه‬         ‫سألته عن رغباته في طلب أي‬     ‫بإعطائهم ما يقتاتون به‪ ،‬وشهد له‬
  ‫نحو (‪ )238‬وقفية‪ ،‬وإذا جاز لنا‬     ‫خدمة‪ ،‬التمس منها السعي لإصدار‬       ‫الأنبا «يوساب ابن الأبح» أسقف‬
  ‫التعبير كان بمثابة وزارة أوقاف‬    ‫فرمان سلطاني بالترخيص بإنشاء‬       ‫جرجا وأخميم ووصفه قائ ًل‪« :‬إِ َّن ُه‬
                ‫للكنيسة القبطية‪.‬‬                                        ‫كان أعظم أهل زمانه‪ ،‬وكان محبًّا‬
    ‫وقدم الجوهري خدمات جليلة‬          ‫كنيسة بذات المنطقة محل سكنه‬       ‫لله‪ ،‬وكان يوزع كل ما يقتنيه على‬
‫للكنيسة القبطية نذكر منها‪ :‬إثبات‬    ‫بالأزبكية‪ ،‬ورفع الجزية عن رجال‬         ‫الفقراء والمساكين‪ ،‬وكان دائ ًما‬

‫حق دير (شعران)‪ ،‬وإنشاء كنيسة‬            ‫الكهنوت من الكهنة والرهبان‪،‬‬    ‫مهت ًّما بعمارة الكنائس‪ ،‬وليس ذلك‬
     ‫الشهيد العظيم (مرقوريوس‬              ‫فأصدر السلطان أم ًرا بذلك‪،‬‬    ‫فقط لكنه بنى كنائس كثيرة ج ًّدا‪.‬‬
                                                                          ‫كما عمر البراري وبنى الديورة‬
   ‫أبى سيفين ‪ 1490‬ش‪)1774 /‬‬            ‫وبعدها اشترى المعلم الجوهري‬
 ‫والتي زينت بالقناديل والأيقونات‬      ‫محلات وهدمها وبدأ البناء فيها‬       ‫واهتم بالرهبان الساكنين فيها‪،‬‬
                                     ‫ووضع الأساسات‪ ،‬ولكن عاجلته‬        ‫وف َّرق قرابينه والوقود والمحرقات‬
     ‫الأثرية‪ ،‬وقام بتجهيز وإعداد‬    ‫المنية قبل الشروع في بناء الكنيسة‬
      ‫الميرون ومواده على حسابه‬                                              ‫أي ًضا على كل كنيسة في كامل‬
 ‫الخاص‪ ،‬وشيد مقصورة الشهيد‬               ‫المرقسية‪ ،‬فأتمها أخوه المعلم‬    ‫الأقطار المصرية‪ ،‬وجميع الفقراء‬
    ‫مار مينا بكنيسة مار مينا بفم‬     ‫«جرجس الجوهري» (ت‪.)1810:‬‬            ‫والمساكين في كل موضع‪ ،‬واهتم‬
‫الخليج‪ ،‬وقام ببناء السور البحري‬        ‫وفي يوم ‪ 15‬سبتمبر ‪ 1800‬قام‬       ‫بهم بإطعامهم وكسوتهم‪ .‬وأخرج‬
    ‫لدير (الأنبا أنطونيوس ‪1499‬‬                                         ‫للأرامل والمساكين الذين ليس لهم‬
‫ش‪ )1782 /‬الذي يعرف بـ»سور‬               ‫البابا مرقس الثامن‪ ،‬البطريرك‬      ‫من يهتم بهم كل شهر ما يقوم‬
‫الجوهري»‪ ،‬وحفر ساقية في الدير‪،‬‬       ‫رقم ‪ )1809 -1796( 108‬ومعه‬         ‫بكفايتهم‪ ،‬حيث صار عينًا للأعمى‬
‫ورمم كنيسة العذراء المغيثة بحارة‬     ‫لفيف من الآباء الأساقفة والكهنة‬      ‫ورج ًل للأعرج وزو ًجا للأرملة‬
   ‫الروم‪ ،‬كما شيد كنيسة الشهيد‬      ‫والشعب‪ ،‬وممثلو الدولة بتدشينها‪،‬‬
‫أبى سيفين بدير الأنبا بولا بالبرية‬                                         ‫ورئي ًسا مهت ًّما بكافة الديورة‪،‬‬
                                         ‫ونقل الدار البطريركية إليها‪.‬‬        ‫ومدب ًرا لكل الكنائس‪ ..‬وكان‬
                                        ‫ويشهد التاريخ للجوهري على‬       ‫محبًّا لكافة الطوائف‪ ،‬يسالم الكل‬
                                    ‫محبته في تعمير الكنائس والأديرة‪،‬‬      ‫ويحب الجميع ويقضي حوائج‬
                                      ‫وإصلاح وترميم وتشييد بعض‬         ‫الكافة‪ ،‬ولا يميز واح ًدا عن آخر في‬
                                        ‫مباني الخدمات بشتى كنائس‬        ‫قضاء الحق‪ ،‬فلم تكن لديه تفرقة‬
                                       ‫وأديرة مصر من شمالها حتى‬           ‫بين الناس على أساس الأعراق‪،‬‬
                                                                          ‫فليس عنده شعوبي أو يوناني‬
                                            ‫جنوبها‪ ،‬عن طريق علاقته‬      ‫أو عجمي أو يهودي أو رومي أو‬
                                          ‫المتواصلة بالحكام المسلمين‬      ‫قبطي‪ ،‬فكلهم خليقة الله‪ .‬وبكل‬
                                      ‫لطبيعة عمله‪ ،‬ووقف الأملاك من‬       ‫تأكيد شاركته زوجته وساعدته‬
                                        ‫الأراضي والعقارات والمحلات‬     ‫في أعمال البر والإحسان وشجعته‬
                                                                          ‫على تعمير بيوت الناس وبيوت‬

                                                                                               ‫العبادة‪.‬‬
                                                                       ‫ويرجع الفضل للجوهري في أنشاء‬
                                                                        ‫الكنيسة المرقسية بالأزبكية‪ ،‬حيث‬
                                                                       ‫انتهز فرصة قدوم إحدى الأميرات‬

                                                                             ‫العثمانيات لزيارة مصر‪ ،‬في‬
                                                                        ‫طريقها لإداء مناسك الحج‪ ،‬فأدى‬
                                                                        ‫لها خدمات جليلة بنفسه‪ ،‬وعندما‬
   274   275   276   277   278   279   280   281   282   283   284