Page 284 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 284

‫العـدد ‪37‬‬                          ‫‪282‬‬

                                    ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬

   ‫اللفظ العامي للقصيدة‬             ‫أصدقاءه الشعراء‪ ،‬ومحبي الشعر‬           ‫ريان العامة‪ ،‬في الحوار التالي‬
‫الفصحى‪ ..‬أين وجد أمجد‬                  ‫في حجرة الصالون في بيتنا في‬         ‫سنتعرف على مبدع جمع بين‬
                                                                         ‫العمليتين النقدية والإبداعية على‬
    ‫ريان نفسه في كل تلك‬             ‫منشية البكري‪ ،‬في سهرات ممتدة‪،‬‬        ‫مدار خمسين عا ًما‪ ،‬وقدم رؤيته‬
                 ‫المراحل؟‬            ‫فيقرؤون قصائدهم‪ ،‬ويتناقشون‬        ‫الخاصة والفريدة وتجربته الجادة‬

  ‫كان لا بد أن أجد نفسي في كل‬            ‫حولها‪ ،‬وكنت أنا أسعد حين‬                 ‫التي ستعيش طوي ًل‪..‬‬
    ‫مرحلة كنت أحاول اجتيازها‪،‬‬           ‫أتسلل إلى مقعد خلفي‪ ،‬فأتابع‬
     ‫وإذا لم أجد نفسي فلا معنى‬        ‫ما يدور في هذه الندوة العامرة‪،‬‬        ‫بدأت قا ًّصا ثم خطفك‬
    ‫للكتابة أص ًل‪ ،‬كنت رومانسيًّا‬   ‫ورغم أنني كنت لا أفهم إلا القليل‬    ‫الشعر إلى عالمه‪ ،‬ما الذي‬
  ‫بحق في ديواني الأول‪( :‬أغنيات‬         ‫ج ًّدا مما يقولونه في قصائدهم‬
    ‫حب للأرض) الذي صدر عام‬           ‫وأحاديثهم‪ ،‬ولكنني كنت أستمتع‬           ‫قدمه لك الشعر حتى‬
‫‪ 1973‬فى القرن الماضي من خلال‬          ‫كثي ًرا بتأمل لحظات الإعجاب في‬     ‫تدخل أرضه بكل ما فيك‬
     ‫قصائدي العاطفية والوطنية‬          ‫عيونهم حين يقرأ أحدهم ن ًّصا‬
                                      ‫يروق للآخرين‪ .‬حتى أن أحدهم‬          ‫وتقدم كل ما لديك ح ًّبا‬
                       ‫الواقعية‪.‬‬                                          ‫وتقر ًبا له؛ فهو لا يقبل‬
      ‫وفي أواسط هذا العقد حتى‬             ‫قد يندفع في التصفيق حين‬
       ‫نهاياته تلقفت فكر الحداثة‬       ‫يعجبه شيء مما يقال‪ ..‬وظلت‬                   ‫بأقل من ذلك؟‬
    ‫متحم ًسا‪ ،‬حتى أصدرنا مجلة‬        ‫هذه الصورة متشبثة بذهني على‬
      ‫«إضاءة ‪ ،»77‬وظللت حتى‬         ‫امتداد العمر‪ .‬وحاولت الكتابة وأنا‬     ‫انضممت في مرحلة مبكرة من‬
  ‫أواسط الثمانينيات مشدو ًدا إلى‬      ‫في المرحلة الثانوية‪ ،‬وتمكنت من‬    ‫شبابي إلى نادي أدب قصر ثقافة‬
 ‫الحداثة بكل ما أملك من حماسة‬       ‫نشر قصيدة في مجلة سنابل التي‬
‫وطاقة من خلال الكتابة والطباعة‬       ‫كان يشرف عليها الشاعر الكبير‬        ‫الريحاني قا ًّصا‪ ،‬وكان المشرف‬
‫والمشاركة في الندوات والمؤتمرات‬          ‫«محمد عفيفي مطر»‪ .‬وظللت‬          ‫على هذا النادي الروائي الكبير‬
‫على امتداد مصر من شمالها حتى‬         ‫أتذبذب بين القصة والشعر فترة‬        ‫«إبراهيم عبد المجيد» أمد الله في‬
   ‫جنوبها‪ ،‬في الجامعات وقصور‬        ‫طويلة‪ ،‬حتى تم الاستقرار النهائي‬    ‫عمره‪ ،‬وكان يتفق في كل شهر مع‬
 ‫الثقافة والنوادي الأدبية المختلفة‬     ‫في سكة التعبير عن نفسي من‬         ‫ناقد كبير ليحضر مقيِّ ًما كتابات‬

                ‫في أماكن عديدة‪.‬‬               ‫خلال الكتابة الشعرية‪.‬‬          ‫أعضاء النادي‪ ،‬وعندما وقع‬
   ‫وبداية من مرحلة التسعينيات‪،‬‬                                             ‫الاختيار علىَّ في إحدى المرات‪،‬‬
   ‫بدأنا ننتقل إلى دنيا جديدة‪ ،‬في‬      ‫في البداية كتبت الشعر‬               ‫اتفق مع الناقد الكبير «سامي‬
   ‫عالم الإعلام والإعلان والتقنية‬     ‫الرومانسي والوطني ثم‬               ‫خشبة» لينقد أعمالي القصصية‪،‬‬
  ‫والنزعات الاستهلاكية‪ .‬وأصبح‬         ‫كتبت شعر الحداثة بكل‬                 ‫وليلتها قال عني الناقد كلا ًما‬
                                     ‫تعقيداته وقيمه الجمالية‬           ‫أخجل أن أردده الآن‪ ،‬وقال أي ًضا‪:‬‬
      ‫الفكر الجديد يناقش تحطم‬        ‫المتعددة وكثافته اللغوية‬             ‫إنني سأصبح في ذات يوم أحد‬
   ‫الكيانات الكبرى‪ ،‬وتحولها إلى‬     ‫حتى جاءت مرحلة النص‬
   ‫كيانات أصغر فأصغر إلى مالا‬        ‫الجديد التي حولت اللغة‬                 ‫كبار كتاب القصة في مصر‪.‬‬
  ‫نهاية‪ :‬فأصبحت الظاهرة تتسع‬          ‫الرمزية إلى لغة واقعية‬               ‫وكما قلت في مرة سابقة فهذا‬
   ‫حتى ينفجر إطارها الخارجي‪،‬‬                                              ‫المعنى أسعدني لدرجة أنني لم‬
    ‫وتخرج مكوناتها‪ ،‬وكل مكون‬            ‫تقدم المعيش واليومي‬              ‫أنم ليلتها‪ .‬أما حكاية الشعر فقد‬
   ‫يظل يتسع بدوره حتى ينفجر‬               ‫بشكل يسمح بتعدد‬                   ‫بدأت في مرحلة مبكرة للغاية‬
‫إطاره الخارجي‪ ،‬وتخرج مكوناته‪،‬‬                                           ‫حين كنت في التاسعة من عمري‬
                                      ‫مستويات اللغة وادخال‬                 ‫على وجه التقريب‪ .‬كان والدي‬
                                                                         ‫يدرس اللغة العربية في المدارس‬
                                                                            ‫الثانوية‪ ،‬وكان شاع ًرا يجمع‬
   279   280   281   282   283   284   285   286   287   288   289