Page 289 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 289

‫‪287‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫حوار‬

     ‫وليم غاس‬                      ‫سامي خشبة‬                          ‫إلى ممارسة الكتابة النقدية دفا ًعا‬
                                                                          ‫عن تجربته‪ ،‬أو عن تصوراته‬
‫جمالية في غاية الأهمية‪ ،‬ولكن هذا‬    ‫مع مقولة‪« :‬أن كل شاعر‬                 ‫النظرية‪ ،‬على عكس ما كان في‬
 ‫لا يغنينا عن عمل الناقد ودوره‪.‬‬      ‫ناقد بينما كل ناقد ليس‬                ‫العصور السابقة‪ ،‬فلم يكتب‬
   ‫وسوف تظل للناقد المتخصص‬                                               ‫الشاعر «أبو تمام» ن ًّصا نقد ًّيا‪،‬‬
  ‫مكانته وقدرته على إلقاء الضوء‬          ‫شاع ًرا بالضرورة»؟‬
      ‫على النص‪ ،‬وإبراز كل القيم‬                                       ‫ولم يكتب الناقد «ابن قتيبة» ن ًّصا‬
   ‫الكامنة فيه‪ ،‬لأن هذا هو مجاله‬    ‫في تصوري أن الشاعر إذا درس‬            ‫شعر ًّيا‪ ،‬وهكذا‪ ..‬وهناك أمثلة‬
   ‫الذي يفني حياته فيه‪ ،‬ولا شك‬     ‫النقد ومارسه وتعمق فيه فسوف‬
   ‫أن للعمل المنظم المستمر فائدة‬    ‫يساعده هذا كثي ًرا في إثراء نصه‪،‬‬    ‫عديدة توضح لجوء الشاعر في‬
    ‫خطيرة في تمكينه من معالجة‬                                              ‫الأزمنة الجديدة إلى ممارسة‬
   ‫الإبداع وتوجيه الحياة الثقافية‬     ‫وإنضاج رؤيته‪ ،‬ويمكن تعميم‬
                    ‫بشكل عام‪.‬‬         ‫هذا التصور‪ ،‬فنقول إن الشاعر‬     ‫الكتابة النقدية‪ ،‬وعلى سبيل المثال‬
      ‫أما المقولة التي أوردتها في‬  ‫إذا اتسعت ثقافته في كل المجالات‪،‬‬     ‫عندما شاع الحس الرومانسي‪،‬‬
   ‫آخر حديثك‪ ،‬فأنا لا أوافق على‬     ‫في الفن‪ ،‬وفي الفكر‪ ،‬بل وفي العلم‬     ‫وكتب خليل مطران نصوصه‪،‬‬
  ‫الجزء الأول فيها وهو‪« :‬أن كل‬       ‫والتكنولوجيا وطبيعة التقنيات‪،‬‬           ‫ومن بعده مدرسة المهجر‪،‬‬
  ‫شاعر ناقد» فهذا ليس صحي ًحا‬      ‫وفي مختلف التخصصات‪ ،‬فسوف‬                ‫ثم مدرسة الديوان‪ ،‬لم يهتم‬
‫بالضرورة‪ ،‬ورأيي «أن كل شاعر‬          ‫تتسع رؤاه‪ ،‬ومعارفه‪ ،‬وسيقدم‬           ‫النقاد بهذه الكتابات الجديدة‪،‬‬
      ‫شاعر» وأن بعض الشعراء‬            ‫بالضرورة ن ًّصا راقيًا يختلف‬      ‫بل وهاجمها بعضهم‪ ،‬فاضطر‬
‫يقومون بجهود نقدية قد تصيب‪،‬‬           ‫كثي ًرا عما لو كان لم يتوسع في‬
    ‫في بعض الأحيان‪ ،‬أو حتى قد‬      ‫إدراك هذه القضايا الأساسية لدى‬     ‫الشاعر الرومانسي «عبد الرحمن‬
     ‫تتفوق‪ ،‬ولكن يظل في النهاية‬      ‫كل مثقف كبير‪ .‬وعندما يحاول‬          ‫شكري»‪ ،‬أن ين ِّظر بكتابة النقد‬
 ‫عمل الشاعر الأساسي هو كتابة‬         ‫الشاعر أن يكتب بعض المقالات‬
                                     ‫النقدية فنحن نشكره على جهده‬      ‫للدفاع عن نصوصه‪ ،‬وعن النظرة‬
                                   ‫الذي يطرح في بعض الأحيان قي ًما‬       ‫الشعرية الجديدة‪ ،‬وبالمثل فعل‬
                                                                           ‫تلميذاه «العقاد» و»المازني»‪.‬‬
                                                                          ‫وهناك مثال آخر بارز هو ما‬
                                                                        ‫فعله شعراء السبعينيات‪ ،‬عندما‬
                                                                          ‫هوجموا بشدة من قبل النقاد‬
                                                                             ‫السابقين من ذوي النظرة‬

                                                                      ‫المحافظة المتشددة‪ ،‬فكتب معظمهم‬
                                                                      ‫النقد وتعمقوا دراسته حيث قاموا‬

                                                                       ‫بالدفاع المجيد عن تجربتهم غير‬
                                                                                            ‫المسبوقة‪.‬‬

                                                                           ‫هل ترى أن المبدع لو‬
                                                                         ‫مارس العملية النقدية‬
                                                                       ‫هو أقرب إلى روح النص‬
                                                                        ‫وأقدر من المتخصص في‬
                                                                        ‫قراءته أم أن هذا المجال‬
                                                                         ‫يلزمه الناقد الأكاديمي‬
                                                                         ‫المتخصص؟ وهل تتفق‬
   284   285   286   287   288   289   290   291   292   293   294