Page 286 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 286

‫الكبرى الملقاة على عاتقه‪ ،‬فالمبدع‬                            ‫العـدد ‪37‬‬                           ‫‪284‬‬
 ‫ينبغي أن يكون في ركاب الطليعة‬
                                                                              ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬   ‫وكان لنا مجلة غير دورية تعبر‬
   ‫الثقافية في كل مجتمع‪ ،‬وفي كل‬                                                               ‫عن توجهنا‪ ،‬وكنا نرفض على‬
   ‫زمن‪ ،‬وكذلك من المهم أن يقوم‬      ‫‪ -‬استخدام كل الظواهر في الشعر‬
 ‫النقد بدور كبير وأساسي لتنوير‬            ‫مثل الظواهر الفنية‪ :‬القص‪،‬‬                         ‫المنصة التي نتحدث من خلالها‬
‫المبدعين من جهة‪ ،‬وتنوير جمهور‬                                                                 ‫أو نلقي شعرنا على الجمهور‬
   ‫الشعر من جهة أخرى ليتعرف‬          ‫السيناريو‪ ،‬الحوار وكل ما يمكن‬
    ‫على الفرق بين الغث والثمين‪،‬‬           ‫أن يفيد النص ويؤكد رؤاه‪.‬‬                          ‫أن يكون معنا أي شاعر ينتمى‬
    ‫لأن لجمهور الشعر دور كبير‬                                                              ‫لأي تيار شعري آخر‪ ،‬والتيارات‬
   ‫في التفاعل مع الثقافة والكتابة‬    ‫استسهال النص الشعري‬
                                     ‫الحديث وكتابة نصوص‬                                       ‫الأخرى كانت ترفضنا بالمثل‬
    ‫ونهضة الإبداع الحقيقي غير‬                                                               ‫أي ًضا‪ ،‬رفض متبادل نهائي‪ .‬أما‬
                        ‫الزائف‪.‬‬         ‫تفتقر الصدق الجمالي‬
                                     ‫في إنتاجها‪ ،‬برأيك ما هي‬                                 ‫اليوم فعلى المنصة الواحدة أو‬
       ‫إذن ستكون بالتأكيد هناك‬                                                             ‫في الندوة الواحدة يوجد شعراء‬
 ‫كتابة كاذبة وكتابة صادقة‪ ،‬وأنا‬         ‫الأسباب التي أدت إلى‬                              ‫يمثلون كل الاتجاهات‪ ،‬والجمهور‬
                                        ‫ذلك؟ وهل غياب النقد‬
   ‫بعد معايشتي الطويلة للكتابة‪،‬‬     ‫الموازي للنصوص هو من‬                                      ‫بعد كل نص يقوم بالتشجيع‬
      ‫أصبحت قاد ًرا بالتأكيد على‬       ‫خلق هذه الحالة؟ وهل‬                                   ‫وبالتصفيق‪ ،‬أي يوجد اعتراف‬
     ‫تصنيف الكتابة بين الصدق‬        ‫هناك كتابة كاذبة وكتابة‬
                                    ‫صادقة؟ وهل أنت كشاعر‬                                       ‫ضمني بكل التيارات‪ ،‬وهذه‬
   ‫والكذب منذ السطور الأولى في‬       ‫وكناقد تستطيع أن ترى‬                                      ‫القضية أنا مهتم بها للغاية‪.‬‬
     ‫أي نص‪ ،‬وليست هذه القدرة‬           ‫هذا الصدق في أي نص‬                                    ‫ويمكننا أن نتابع بشكل محدد‬
                                    ‫تقع عليه عيناك أم أنه أمر‬                               ‫ملامح قصيدة النثر التي تكتب‬
  ‫على الاكتشاف تخصني وحدي‪،‬‬             ‫نسبي ولا يعيب النص‬                                  ‫اليوم‪ ،‬وقد اهتممت بها كثي ًرا في‬
   ‫ولكن كل من تمرس في متابعة‬                                                                    ‫دراساتي النقدية الأخيرة‪:‬‬
 ‫النصوص الشعرية وتأمل قيمها‬                ‫كونه غير موجود؟‬                                  ‫‪ -‬التمحور حول الذات بالمعنى‬
‫الجمالية وفعالياتها‪ ،‬سيكون قاد ًرا‬                                                              ‫الشخصاني‪ :‬العام الخاص‬
   ‫أي ًضا على التفريق بين الصادق‬         ‫ادعاء الشاعرية‪ ،‬واستسهال‬                         ‫والتفاصيل والمعطيات الشخصية‪.‬‬
                                          ‫الكتابة بدون صدق فني أو‬                         ‫‪ -‬التركيز على التفاصيل الجزئية‬
                       ‫والمزيف‪.‬‬      ‫جمالي‪ ،‬ليس ظاهرة معاصرة بل‬                                  ‫الصغيرة اليومية المعيشة‪،‬‬
                                      ‫هي حالة مرتبطة بتاريخ الشعر‬                           ‫والأحداث الصغيرة‪ ،‬والبعد عن‬
      ‫هل وسائل التواصل‬                ‫كله‪ ،‬وفي كل مرحلة من مراحله‬
    ‫الاجتماعي كانت سب ًبا‬                 ‫كان هناك شعراء صادقون‬                                           ‫المعاني الكبرى‪.‬‬
                                          ‫وشعراء كاذبون‪ .‬والشاعر‬                            ‫‪ -‬التجاور بين معطيات عديدة‬
     ‫رئيس ًّيا في استسهال‬                  ‫الصادق دائ ًما يبذل جهو ًدا‬                       ‫في الوقت نفسه حتى لو كانت‬
  ‫البعض للنص الشعري‬                  ‫مضاعفة لفهم خصوصية الكتابة‬
                                          ‫ومعناها وأساليب توصيلها‬                                               ‫متضادة‪.‬‬
                 ‫الحديث؟‬              ‫لقضايا كبيرة تساهم في تدعيم‬                          ‫‪ -‬النوستالجيا‪ :‬الحنين للماضي‬
                                                                                            ‫القريب أو البعيد (الحاضر أليم‬
 ‫نعم وسائل التواصل الاجتماعي‬                          ‫الحياة نفسها‪.‬‬                       ‫والمستقبل غامض‪ ،‬لذا يلجأ بعض‬
 ‫كانت سببًا من أسباب استسهال‬               ‫وهناك أسباب عديدة لهذا‬
                                        ‫الاستسهال على مدى التاريخ‬                              ‫الشعراء للماضي وللذاكرة‪.‬‬
   ‫الكتابة‪ ،‬ولكن لا ننسي أن هذا‬     ‫منها عدم شعور المبدع بالمسئولية‬                                 ‫‪ -‬تغيير العالم‪ :‬رفض‬
 ‫الاستسهال كان مصاحبًا لتاريخ‬                                                                      ‫الأيديولوجيات السائدة‬
  ‫الإبداع كله‪ ،‬وعندما يفقد الكاتب‬
                                                                                           ‫والفلسفات الشائعة‪ ،‬إعادة رسم‬
     ‫شعوره بالمسئولية‪ ،‬فإن هذا‬                                                                 ‫المدينة والجغرافيا والجسد‪.‬‬
                                                                                                 ‫‪ -‬شيوع الحس الإنساني‬
                                                                                                        ‫الكوزموبولوتاني‪.‬‬
   281   282   283   284   285   286   287   288   289   290   291