Page 290 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 290
في نفس السياق هل العـدد 37 288
يمكن أن نعرف طبيعة
يناير ٢٠٢2 القصيدة ،وعمل الناقد هو تقديم
شعر شاعر من خلال التحليل النقدي لرؤية النص
قصيدة أو نص واحد؟ في تصوري هي طبيعة الكتابة وتقنياته.
أم المبدع قد يتفاوت في الشعرية الحقيقية ،وطبيعة الإبداع
جودة وشاعرية نصوصه في الكتابة النقدية
فيكون من الظلم الحكم الصادق بشكل عام. التي تقدمها للنصوص
من خلال نص واحد قد
يكون ضعي ًفا في تجربة هل يمكنك كشاعر أو ًل والأعمال الإبداعية
وكناقد ثان ًيا أن تعرف المختلفة ..هل هناك
قوية؟ وتميز تجربة شاعر معين معايير نقدية تتبعها أو
دون أن ترى اسمه؟ وما مدرسة نقدية معينة أم
أنا في كتابتي الشعرية أعطي الذي يحتاجه المبدع لكي أنك تقدم هذه القراءات
القارئ فرصة أكيدة أن يعرف تتميز تجربته بسمات وفق مدرسة لا تتبع
معظم الطبيعة الفنية التي تميز إبداعية تميزه عن غيره؟ أح ًدا أو هي محصلة لكل
كتابتي ،وإذا قرأ ِت أية قصيدة لي تلك المدارس والتيارات
في المرحلة الأخيرة ستتمكنين من نعم أستطيع أن أعرف وأميز
معرفة منطق كتابتي وتصرفاتي تجربة شاعر معين دون أن أرى النقدية؟
الأسلوبية التي تخصني وحدي اسمه ،ولكن بشرط أن تكون هذه
بين زملائي الشعراء .وكذلك كل أهم ما يهمني حين أحاول أن أنقد
قصيدة تنتمي لأية مرحلة سابقة التجربة قد مرت عليَّ من قبل، ن ًّصا هو أن أنطلق من داخل هذا
وأن أكون قد أحببت هذه التجربة النص ،ومن طبيعته الخصوصية،
لد َّي يمكنك أن تستشفي من
خلالها طبيعة هذه المرحلة السابقة وعكفت على دراستها ،وتأمل مبتع ًدا قدر ما أستطيع عن الأفكار
أساليبها ،وسيكون من السهل عليَّ السابقة السائدة الجاهزة ،وإذا
بكاملها. بعد ذلك أن أميزها ،وأحيا ًنا أنجح ابتسم صاحب النص وأنا أقرأ
ولكن هذا لا ينطبق بالضرورة
في تمييزها بعد قراءة السطر عملي النقدي ،إذا ابتسم معب ًرا عن
على باقي الكتابات الشعرية الأول أو السطور الأولى. شعوره بأنني اقتربت بالفعل من
للآخرين ،فهناك تنوعات كثيرة، روح نصه ،فإن السعادة تغمرني،
أما أهم ما يحتاجه المبدع لكي وأحس بالفعل بأنني اقتربت من
ويمكن أن يدخل شاعر ما في تتميز تجربته بسمات ابداعية العمل الذي أسعى لنقده .وهذا هو
مرحلة مختلفة في كل نص جديد، يعرف بها لدى رفقائه المبدعين، أهم معيار نقدي أعمل على تطبيقه
ويمكن أن يكون هناك شاعر آخر ولدى نقاد النص ولدى القراء،
يمزج بين طرائق كتابته السابقة فهي حالة الصدق الفني ،وهذا في كل محاولة نقدية أقوم بها.
وبين طريقته النهائية في كل نص ما يصل إليه كل مبدع بعد أن ولعل هذا المعيار يكون محصلة
يخوض غمار التجربة ،ويعاود
جديد ،وهكذا .وستظل الكتابات مستفيدة من كل المدارس
الشعرية تحمل تنوعات بعدد الكتابة مستم ًرا في التأمل والتيارات النقدية السابقة .وأنا
والاختبار والمقارنة مع كافة
الشعراء ،أي تنوعات لا نهائية. نصوصه السابقة ونصوص أحاول بالفعل أن أطرح كتابة
زملائه المبدعين الآخرين ،كما شعرية تخصني وحدي ولا
نقد النقد الذي مارسته ينبغي لكل شاعر أن يكون قاد ًرا تتشابه مع أية تجربة أخري،
مع نقاد كبار أمثال صلاح على متابعة تاريخ الكتابة الشعرية وأرى أن على كل شاعر أن
كله ،وأن يتمكن من معرفة يفعل الشيء نفسه ،لأن هذه
طبيعة التغيرات في كل مرحلة من
مراحلها السابقة.