Page 288 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 288

‫لا أتفق مع هذا الرأي على‬                            ‫العـدد ‪37‬‬                           ‫‪286‬‬
     ‫الإطلاق‪ ،‬فالشاعر والروائي‬
   ‫هما فنانان ويخضعان مثل كل‬                                                ‫يناير ‪٢٠٢2‬‬  ‫به من أفكار ومعتقدات وميول أو‬
‫المبدعين لقوانين الفن العامة‪ ،‬حتى‬                                                       ‫نزوعات خاصة‪ .‬ويكفي المبدع أن‬
‫لو كان لكل منهما أدواته المختلفة‪،‬‬  ‫سيعجب الآخرين؟ وهل سيعجب‬                             ‫يشير إلى ما يريد‪ ،‬أو أن يعبر عما‬
 ‫وفي رأيي أن الموهبة ليست منحة‬        ‫حبيبتي؟ وهل سيعجب عاطف‬                            ‫يجيش في أعماقه من خلال سياق‬
‫يحصل عليها بعض المبدعين دون‬          ‫عبد العزيز؟ وعندما أكتب يظل‬                        ‫إبداعي يخصه تما ًما بين المبدعين‬
    ‫غيرهم‪ ،‬وليست الموهبة سوى‬
 ‫حماسة المبدع للكتابة‪ ،‬وما يبذله‬    ‫التردد يحاصرني حتى أغرق في‬                                                ‫الآخرين‪.‬‬
 ‫من جهد جهيد لكي يجود إبداعه‬        ‫أعماقي وأظل أشجع نفسي لكي‬
                                   ‫أبدأ‪ .‬وأريد أن أخبرك بأنني أكره‬                             ‫نشرت مؤخ ًرا على‬
       ‫ويرفع من قيمة إنجازاته‪.‬‬       ‫معنيين‪ :‬المعنى الأول هو معنى‬                             ‫الفيسبوك‪« :‬هاعوز‬
                                                                                              ‫إيه من الدنيا تاني؟‬
         ‫سننتقل إلى النقد‬             ‫التواضع‪ ،‬أنا أرفض التواضع‬                              ‫بعد أن وصف شاعر‬
    ‫باعتبارك من المبدعين‬               ‫ولا أريد ان أتعمد التقليل من‬                        ‫مثل عاطف عبد العزيز‬
     ‫الذين أجادوا الكتابة‬          ‫شأن نفسي أو من شأن ما أكتب‪.‬‬                             ‫قصيدتي الأخيرة بأنها‬
‫الشعرية والنقدية‪ ،‬إذ كان‬            ‫والمعنى الثاني هو العبقرية‪ ،‬وأنا‬                     ‫نص رائع؟»‪ ..‬لقد فرحت‬
    ‫الاشتغال بالنقد قدي ًما‬          ‫لا أتعمد تضخيم قيمة ما أكتب‪،‬‬                          ‫بشيء كهذا وأنت أمجد‬
    ‫يلزمه التخصص؛ فإن‬                                                                     ‫ريان الذي يكتب الشعر‬
    ‫العصر الحديث يتميز‬                   ‫ولا أريد لأحد أن يفعل هذا‬                        ‫ويمارس النقد منذ أكثر‬
 ‫بظاهرة «الشاعر الناقد»‪،‬‬            ‫تجاهي‪ ،‬أو يصفني هكذا‪ ،‬وأحب‬                             ‫من خمسين عا ًما‪ ..‬هل‬
  ‫برأيك‪ ،‬ما الأسباب التي‬            ‫كثي ًرا أن أنطلق من كوني إنسا ًنا‬                    ‫هذا تواضع أم أنه فرحة‬
                                      ‫مثل كل البشر أمتلئ بالضعف‬                         ‫الطفل داخلك الذي لا يكبر‬
        ‫أدت إلى ظهورها؟‬             ‫وبالهزائم وبالأحلام‪ ،‬وأمتلئ في‬                       ‫مهما مرت الأيام وكبرت‬
                                   ‫الوقت نفسه بالقوة وبالطموحات‬                               ‫ونضجت تجربتك؟‬
‫اضطر الشاعر في الأزمنة الجديدة‬
                                                  ‫التي لا نهاية لها‪.‬‬                         ‫لقد نسيت أنني أكتب الشعر‬
                                                                                                      ‫وأمارس النقد منذ‬
                                    ‫هل تتفق مع من يرى أن‬                                               ‫أكثر من خمسين‬
                                     ‫الشعر موهبة والرواية‬                                            ‫عا ًما‪ ..‬أنت ذكرتني‬
                                   ‫صناعة؛ فالشاعر يولد أما‬                                             ‫الآن (كنت ناسي‬

                                           ‫الروائي ف ُيصنع؟‬                                        ‫والمسألة مش في بالي‬
                                                                                                     ‫خالص) وأنا ‪-‬مثل‬
                                                                                                    ‫كل الشعراء‪ -‬عندما‬
                                                                                                       ‫أبدأ الكتابة أكون‬
                                                                                                        ‫ممتلئًا بالحيرة‪..‬‬
                                                                                                     ‫وأظل أسأل نفسي‪:‬‬
                                                                                                          ‫ما الذي يمكن‬
                                                                                                         ‫أن أكتبه‪ ..‬وهل‬
   283   284   285   286   287   288   289   290   291   292   293