Page 283 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 283
281 ثقافات وفنون
حوار
حزنت عليها ،هذه الحياة شجرة حاوره : منذ ستين عا ًما .لذا ذهب ُت معه
كبيرة من الأغصان الخضراء لكل عصر السبت؛ لنجلس م ًعا في
سمر لاشين
منا غصن فيها .كلما ذبل غصن مقهى صغير .طل َب لنفسه فنجان
وجف؛ سقط. ذات التسعة عيون وكان بار ًعا قهوة ُد ْبل وطلب لي «كوكاكولا»،
فيها،؛ فأخبرته أني كن ُت أخسر في
من حديث أمجد ريان تعرف أنه منتصفها دائ ًما ولا أصل أبعد من وصادف أن كان على الطاولة
شخ ٌص ودو ٌد يحب «الونس» في المجاورة يحتفي كاتب مع
العين الرابعة..
الحياة وفي الكتابة؛ يترك باب أنتم مثلي الآن لا تصدقون أن أصدقائه بصدور كتابه الجديد،
غرفته موار ًبا ليأنس بأصوات من يحكي هذا الحكي البسيط الكل يأخذ نسخته التي لن يقرأها،
الناس ،وشباك كلماته مفتو ًحا هو أمجد ريان الشاعر والناقد
ليأنس بصوت القارئ وهو يمر الحاصل على الدكتوراه في الأدب ويلتقطون الصور التذكارية
العربي ،أحد مؤسسي جماعة لنشرها على الفيسبوك؛ ضحك
من أمامها.. «إضاءة »77والذي أصدر سبعة ريان وكأنه يعرف ما أفكر به،
ستشاهد بوضوح وأنت تجلس عشر ديوا ًنا من الشعر أولها «بيضحك على نفسه والا علينا؟»..
معه البيوت التي لا تزال تعوم «أغنيات حب الأرض» عام ،1972
في ذاكرته ،وتلمس حبه لأسطح وأكثر من خمسة عشر كتا ًبا في قلتها وضحك ُت ساخرة.
البيوت المصرية والكراكيب التي النقد ،ونشر منذ عام 1983عد ًدا ولأن الحكي هو الذي ينتشلنا
ضخ ًما من الدراسات والمقالات من متاهة الدنيا كما يقول ريان،
توجد عليها ،والشوارع بكل طلب ُت منه أن يحكي لي عن كل
تفاصيلها الصغيرة ودكاكينها النقدية في المجلات المحكمة التفاصيل التي يراها من خلف
ومقاهيها ،وكيف أن باستطاعته والمجلات الثقافية في مصر
والعالم العربي ،فقد مارس الكتابة «شيش» العالم ،العالم الذي
أن يضمها بيديه ويقبلها.. النقدية دفا ًعا عن تجربته وتجربة تتثائب فيه القطة في الصباح
أنا إذن محظوظة لأن أجلس مع غيره ممن يكتبون النص الجديد، وتغمض عينيها بقوة في ذاك
إنسان يعلمني كيف أرى الحياة والتي حاول أن يقدم فيها نظريته الوقت بالذات ،بينما تمر فتاة
بعي ٍن ميكروسكوبية ،فالأشياء من الخاصة ،مبتع ًدا قدر الإمكان عن نحيفة فجأة؛ فيغمز لها الشارع
حولنا جميعها تتنفس ولها حياتها الأفكار السائدة الجاهزة ،ومارس عينه ويبرم لها شاربه ،ناسيًا
الخاصة ،عالم أمجد ريان متحرك الشعر أي ًضا ببساطة كفعل حياتي البيت الذي مازال مهجو ًرا على
يحدث بشك ٍل تلقائي مثله مثل أن
وكل ما حوله له صوت ،عال ٌم يتنفس مث ًل ،أو أن يبتسم لكل من ناصيته.
بسي ٌط متجس ٌد في شقته أو الغرفة يقابله ويقول مرحبًا بقل ٍب طفولي. على المقهى أكد لي أنه لا يملك ما
حدثني عن موت أغلب الكتاب يحكيه لي سوى بعض الذكريات
المتواجد بها أو الشارع في حيّ ِه الذين عرفهم طوال مشواره الهشة والمضحكة أحيا ًنا ،حكى
أو المقهى الذي نجلس فيه الآن، وحزن بشدة لفراقهم ومن
ففي كل قصائده يعبر عن نفسه بينهم ذكر عناية جابر -الشاعرة عن عزبة «الصفيح» التي أقام
في المكان الذي يتواجد فيه هكذا اللبنانية -أخبرته أني حزنت فيها بعض الوقت في طفولته،
عليها أي ًضا برغم عدم معرفتي وكانت ُتعرف بعزبة الفقراء
ببساطة دون أن يكسبه صفة بها ،لقد كان في عينيها شيء المعدومين؛ حيث جدران البيوت
مجازية كما يفعل بعض الشعراء يشبه الأغاني ،ربما لهذا السبب
لجلب الوطن والقضايا الكونية إلى من صفائح المعدن والورق
وعلب السمن الكبيرة ،وعن
القصيدة.. اليمامة معطوبة الجناح التي
مضى اللقاء خفي ًفا لطي ًفا لدرجة رباها في طفولته وخبأها في درج
أننا تساءلنا ونحن نختم حديثنا، «الشيفونيرة» وكان يطعمها حبات
هل أخذنا لنا صورة تذكارية القمح والسمسم..
لنتأكد أن هذا اللقاء تم أم لا؟! ضحكنا حين ذكر لعبة السيجا
هذا جانب من شخصية أمجد