Page 281 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 281

‫‪279‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫شخصيات‬

     ‫أدوا ًرا مهمة في شتى نواحي‬         ‫والأطيان‪ ،‬ورتب لها المرتبات‬      ‫وولولت العربان‪ ،‬كان القاضي‬
  ‫الحياة المصرية‪ .‬وأتاح له وضعه‬     ‫العظيمة والأرزاق الدارة والغلال‪.‬‬   ‫يبكي‪ ،‬والكهنة يرفعون أصواتهم‬
  ‫الوظيفى في الحكومة المصرية أن‬    ‫وحزن إبراهيم بك لموته‪ ،‬وخرج في‬
                                     ‫ذلك اليوم إلى قصر العيني حتى‬          ‫بالعويل‪ ،‬تعالي يا كل الأرامل‬
    ‫يلعب دور الوسيط بين الدولة‬     ‫شاهد جنازته‪ ،‬وهم ذاهبون به إلى‬         ‫وابكي على رجالكن الذي كان‬
‫والكنيسة والمجتمع القبطي بصفته‬      ‫المقبرة‪ ،‬وتأسف على فقده تأس ًف‬         ‫يهتم لكن بالطعام والكسوة‪،‬‬
                                                                        ‫والتموا يا كل الفقراء والمساكين‬
  ‫رئيس للطائفة القبطية‪ ،‬فصدرت‬                               ‫زائدا»‪.‬‬        ‫واصنعوا لكم مناحة على من‬
‫القرارات بترميم المؤسسات الدينية‬       ‫وبعد وفاته واصل أخوه المعلم‬      ‫يباشر أحوالكم كل حين‪ .‬نوحوا‬
                                   ‫جرجس الجوهري الأعمال الخيرية‬       ‫وابكوا أيها الرهبان سكان البراري‬
  ‫المسيحية مثل الأديرة والكنائس‬     ‫التي كان يقوم بها‪ ،‬كما تم تعيينه‬    ‫على من يتفقد كل حالاتكم دائ ًما‪،‬‬
  ‫والمباني الخدمية‪ ،‬ومنحه وضعه‬     ‫مكانه في منصب كبير كتبة مصر‪،‬‬             ‫اجتمعوا ونوحوا أيها الكهنة‬
   ‫المالي بالتبرع بالأوقاف لصالح‬   ‫وتولى منصب رئيس المباشرين في‬         ‫خدام الرب والبسوا مسو ًحا على‬
                                    ‫عهد والي مصر «محمد علي باشا»‬          ‫الذي كان دائ ًما يفتقد الكنائس‬
    ‫الكنيسة ومؤسساتها والفقراء‬         ‫(‪ ،)1848 -1805‬وظل يجاهد‬            ‫بالمحروقات والقرابين‪ .‬نوحوا‬
        ‫والمساكين‪ ،‬وأي ًضا العطاء‬     ‫في الخير والعمل حتى وفاتة في‬     ‫وابكوا يا كل خدام بيت الرب على‬
                                    ‫‪ 25‬توت ‪ 1527‬ش‪ 27 /‬سبتمبر‬            ‫الذي كان مرتص ًدا دائ ًما ليحمل‬
     ‫والعطف والتبرع لكل طوائف‬       ‫‪ ،1810‬ودفن مع أخيه إبراهيم في‬     ‫كل احتياجاتكم»‪ .‬وهكذا يمكننا أن‬
      ‫المصريين بدون تمييز‪ .‬ومن‬          ‫مقبرة العائلة بمصر القديمة‪.‬‬   ‫نقول إن‪ِ « :‬ذ ْكر ُى ال ِّص ِّدي ِق لِ ْل َب َر َك ِة»‬
    ‫خلال مكانته الاجتماعية كون‬          ‫والخلاصة‪ :‬أن المعلم إبراهيم‬
 ‫شبكة علاقات من صفوة المجتمع‬          ‫الجوهري سيرة مصرية وطنيه‬                            ‫(أم ‪.)7 :10‬‬
   ‫خدمت مصالحه الخاصة سواء‬             ‫عاشت في أواخر القرن الثامن‬          ‫كما رثاه المؤرخ الشهير عبد‬
  ‫الاقتصادية أو الاجتماعية‪ ،‬ومن‬       ‫عشر‪ ،‬نجح في أن يرتقي السلم‬          ‫الرحمن الجبرتي قائ ًل‪« :‬مات‬
      ‫ناحية عامة خدمات الكنيسة‬                                           ‫الذمي المعلم إبراهيم الجوهري‪،‬‬
‫والمجتمع المصري‪ .‬ولدوره وعطائه‬           ‫الوظيفي من القاع إلى القمة‪،‬‬       ‫رئيس الكتبة الأقباط بمصر‪.‬‬
    ‫للكل بلا تمييز رثاه المسلمون‬         ‫ويحقق ثروات هائلة‪ ،‬ولعب‬         ‫وأدرك من العظمة ونفاذ الكلمة‬
     ‫والأقباط‪ .‬وتمثل سيرته هذه‬                                        ‫وعظم الصيت والشهرة ‪-‬مع طول‬
 ‫زاوية لإعادة قراءة السير الذاتية‬                                     ‫المدة بمصر‪ -‬ما لم يسبق لمثله من‬
‫لتوظيفها لخدمة التاريخ السياسي‬                                         ‫أبناء جنسه فيما نعلم‪ ..‬وكان من‬
   ‫والاقتصادى والاجتماعي لمصر‬                                          ‫دهاقين العالم ودهاتهم‪ ،‬لا يغرب‬
                                                                       ‫عن ذهنه شىء من دقائق الأمور‪،‬‬
                                                                         ‫ويدارى كل إنسان بما يليق به‬
                                                                           ‫من المداراة‪ ،‬ويحابى ويهادى‬
                                                                        ‫ويواسى ويبعث الهدايا العظيمة‬
                                                                            ‫والشموع إلى بيوت الأمراء‪.‬‬
                                                                            ‫وعند دخول رمضان يرسل‬
                                                                          ‫إلى غالب أرباب المظاهر‪ ،‬ومن‬
                                                                        ‫دونهم‪ ،‬الشموع والهدايا والأرز‬
                                                                        ‫والسكر والكساوي‪ .‬وعمرت في‬
                                                                        ‫أيامه الكنائس وديور النصاري‪،‬‬
                                                                          ‫وأوقف عليها الأوقاف الجليلة‬
   276   277   278   279   280   281   282   283   284   285   286