Page 274 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 274
العـدد 37 272
يناير ٢٠٢2
أن يمثل دور النبي ربما تصيبه القاريء نظا ًما إلا في شيء واحد ،قاد إلى تلمس صدع اجتماعي
لعنة»! والنبي يبدو لمخيال الأخوة أعقد وأعمق على مستوى قرية هو هندسة العالم المكانية التي
أنفسهم على هيئة الخال «جمعة»:
تصفها عينا دكتور محمد ،الطبيب «العتامنة” الملاصقة لإطسا:
«معل ًما ،بشو ًشا ،صوته رقيق، (المهاجر حسب وصفه لنفسه) “القرية على صغرها مقسمة إلى
واثق ،واضح الكلمات ،شعره من مركز ناصر ببني سويف
ناعم ونظرته ناعمة ،يغضب بحري وقبلي :بحري يقولون
للحق ،يأتي إليه الوحي ،طالما إلى مركز إطسا بالفيوم ،وهو
تخيلت إطسا كمكة بلد تتحكم عن قبلي إنهم لا يعلمون شيئًا
فيها التجارة ،أهلها متنافرون، من حلم والده بأن يكون طبيبا عن الحضارة ولا التقدم ،وقبلي
إلا من بعض العائلات الكبيرة، «مثل الدكتور ميشيل والدكتور يقولون عن بحري إنهم أفندية
لا يستجيبون لدعوته ،يحاولون بطرس» ،يقول في وصف بنية
قتله ،فيهاجر إلى العتامنة /المدينة، تركوا الأصالة ومرفهين ،في قبلي
إطسا« :انظر إلى تصميمها على العمدة وفي بحري شيخ البلد ،في
فيقابله أبي». شكل مفتاح الحياة لدى الفراعنة قبلي الجرار وفي بحري الراديو،
بهذا الشكل المعقد تتفاعل قسمات (المصريين القدماء) ،شارع طويل في قبلي النجار وفي بحري الحلاق،
يقابله شارع قصير عرضي،
الجغرافيا التاريخية للمكان مع في قبلي يكثر ع ّمال المعمار وفي والبحر (الترعة) الذي يخترقها
عوامل الفوضى الاجتماعية بحري يكثر المتعلمون وموظفو وجماله ،اسمه الشاعري «بحر
والعشوائية الشاملة في إنتاج الحكومة» ،ولا يدخل التليفزيون عروس» ،أجمل من اسم النيل
لأول مرة قبلي إلا بعد أن يقال:
تكرارية أزلية للمخيال الديني، «وهي بحري فيها راجل يعرف ذاته».
وإن كان هذا المخيال ذاته جز ًءا يجيب تليفزيون»! والتليفزيون وصف البنية الهندسية للمكان
بدوره منقسم في نظر أهل البلدة تقود السرد إلى اكتشاف سر
من عشوائية الواقع في أبنية بين ما به من “فساد” وما به أساسي من أسرار الفوضى،
الرواية ،أما مركز الثقل الحقيقي من تفسير الشعراوي! والسارد من طريق وصف آخر لهندسة
الذي انعكس فيه النظام الروحي يسأل أخاه -الذي يملك الإجابات
للمكان الروائي على الشخوص، (نظام) الملابس« :هي على
دائ ًما -عن سر عدم ظهور جمالها بين بين ،كانت بالأساس
فهو يأتي في موقع مختلف النبي الذي توقع ظهوره في
ومحتجب ،يكشف عن نفسه فيلم الشيماء فيجيب« :إن ظهور قرية ،وفرض عليها أن تتمدن،
تدريجيًّا خلال تنامي السرد ،لكنه الأنبياء حرام ،ومن يجرؤ على وموظفوها أغلبهم فلاحون في
لا يسفر إلا مع السطور الأخيرة
في الرواية ،إنه الأب «رمضان» الأصل ،ويذهبون إلى العمل
الفلاح والتاجر البسيط كما يبدو، بالجلباب ،وجلبابهم ليس الجلباب
هو من يضفي النظام من خلال
بنية عالمه الروحي -الموازية البلدي ذا الأكمام الواسعة ،ولا
لبنية المكان -على عالم الفوضى
والزوال ،الأب «رمضان» وليس الجلباب الخليجي ذا الأساور،
الخال «جمعه» هو النبي إذن.
إنما هو تركيب ،فهو ضيق له
عالم النظام الروحي
الموازي ياقة مثل ياقة القميص ،وله أكمام
الصفحات الأخيرة من الرواية متوسطة الاتساع ،وتطول الأزرار
لتصل إلى منتصف البطن،
ومن يراهم وهم جلوس
على المكاتب يعتقد أنهم
يلبسون قمصا ًنا ،إذا قاموا
انكشف أمرهم!»..
سر الفوضى المدنية
عصام كمال هذا -إن صح التعبير-