Page 110 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 110

‫العـدد ‪21‬‬    ‫‪108‬‬

                                                              ‫سبتمبر ‪٢٠٢٠‬‬

                                ‫من نص (قرابين)‪.‬‬                  ‫والطريق الثاني‪ :‬عبر الدهشة التي تصنعها المفردات‬
        ‫«ثمة شعو ٌر أن لسانك يلتف كثعبا ٍن إلى الداخل‪،‬‬          ‫المتزامنة مع غائية وجودها كمفرد ٍة لها لونها وذوقها‬

                             ‫وأنك كلما بحثت هناك‬                         ‫وثوبها ورقصها وبكائها وحتى سخريتها‪.‬‬
                                       ‫في العمق‬
                                                                 ‫والطريق الثالث‪ :‬انتهاج أسلوب المناوبة ما بين العام‬
                                    ‫هالك الفراغ»‪.‬‬
                               ‫من نص (غموض)‪.‬‬                       ‫والخاص عبر مفردات لا تذهب بعي ًدا في بلاغتها‪.‬‬
‫بمعنى أنها تلجأ إلى استخدام ما هو قريب للمتل ّقي لتستل‬          ‫وبهذا تكون بنية الكتابة في هذه المجموعة تعتمد على‬
 ‫من واقعها‪ /‬واقعه‪ ،‬وتعيد ترتيب الأشياء اليومية بطريق ٍة‬
 ‫شعرية‪ ..‬فهي لا تجعل من بنيتها الكتابية تعتمد على لغ ٍة‬                                  ‫ثلاث حركات رئيسية‪:‬‬
    ‫بلاغي ٍة‪ ،‬كما في النصوص الشعرية الأكثر شيو ًعا بين‬        ‫الحركة الأولى‪ :‬طريقة تسويق العنوان الخاص بك ّل نص‬
    ‫الشعراء‪ ،‬ولا تريد أن تجعل لغتها وكأنها عملية ض ّخ‬
  ‫لفكر ٍة هائم ٍة‪ ،‬بل تركت لبنائيتها أن تكون مرادف ًة للحياة‬  ‫عبر تشكيله اللغوي المرتبط بالعام ضمن الطريق الثالث‪.‬‬
‫اليومية‪ ،‬وهو ما يعني أنها تكتب وكأنها تتح ّدث‪ ،‬مثلما هي‬
 ‫تتحدث وكأنها تكتب‪ ..‬وهي تكتب وكأنها تصرخ صامتة‪،‬‬                ‫الحركة الثانية‪ :‬المحافظة على تدوينية الروح الشعرية‬
 ‫أو صامت ًة بصرا ٍخ عال‪ ..‬لذا تكون لغتها اليومية المعاشة‬       ‫وب ّث الشاعرية في الن ّص‪ ،‬من خلال استغلال ما تمنحه‬
              ‫واحدة من علامات التدوين الخاصة بها‪:‬‬               ‫المفردة من عمليات مداهمة فكرية وصناعة الدهشة‪..‬‬

                                         ‫«»يا الله‬                                        ‫ضمن الطريق الثاني‪.‬‬
                                       ‫ماذا بعد؟»‬
                    ‫حين أتى غراب ونقر إحدى عينيه‬               ‫الحركة الثالثة‪ :‬تشكيل الجسد الكامل للنص عبر التأمل‬
                                       ‫«لا بأس‪..‬‬
                     ‫عين واحدة تكفي لكشف الوجع»‬                 ‫لماهية الفكرة وكيفية حصاد المعنى‪ ،‬وبالتالي تسويق‬
                       ‫من نص (بحثًا عن العلامات)‪.‬‬
                                                                  ‫التأويل على أنه الهدف الأسمى عبر الطريق الأول‪.‬‬
                   ‫الخلاصة‬
  ‫يمكن أن نستخلص بشيء مبسط‪ ،‬ويمكن أن نكتشف أو‬                                ‫اليومي المعاش‬
‫نشير أو نؤ ّشر بشك ٍل مختصر‪ ،‬أن البنية الكتابية في هذه‬
‫المجموعة التي انتهجتها الشاعرة أخذت من طرق المعادلة‬           ‫ما يميز المجموعة الشعرية أن أفكارها ذات طابع يومي‪،‬‬
 ‫ما يجعلها تحتوي على كمية كبيرة من الشاعرية‪ ،‬رغم ما‬             ‫معاش‪ ،‬وربما يتلمس المتل ّقي حقيقة الحياة وصورتها‬
‫شاب البعض منها من أغلا ٍط إملائي ٍة بسيطة‪ ،‬ورغم ما كان‬         ‫أمامه‪ ..‬بمعنى أن الكلمات اليومية أنتجت صو ًرا واقعي ًة‬
   ‫في الكثير من النصوص من إلحا ٍح على اليومي والتمطيط‬          ‫وإن كانت متخيّلة‪ ،‬فلم تكن لغتها ابنة التمويه‪ ،‬بل كانت‬
   ‫بالفكرة‪ ،‬إ ّل إن الأمر في نهايته كان مجد ًيا حتى في روح‬      ‫ابنة الن ّص الواقعي المستل من وقائع يومية‪ ،‬حتى في‬

   ‫الإلحاح ذاته‪ ،‬كونها هي التي ترى ما لا نراه في التدوين‬      ‫تلك النصوص النثرية المشيّدة كلوحا ٍت فني ٍة على جدران‬
                                ‫والغايات والمقاصد‬                                                     ‫السرد‪.‬‬

  ‫ولذا فان المعادلة النهائية للمجموعة ككل تأتي على الشكل‬             ‫ويمكن تلقف المفردة اليومية عبر ثلاث علامات‪:‬‬
                                          ‫التالي‪:‬‬
                                                              ‫العلامة الأولى‪ :‬هي أخذ الجانب الأكثر سوداوية بطريقة‬
    ‫العنوان الرئيس = العنوان الفرعي للنص = المستويات‬
 ‫البنائية ‪ +‬اللغة اليومية المعاشة ‪ +‬الحبكة التدوينية = نص‬                   ‫السخرية والنقد والتعنيف وجلد الذات‪.‬‬

                                                               ‫العلامة الثانية‪ :‬هي السوداوية التي تمنح البعد العاطفي‬

                                                                                        ‫تواجده في عملية التلقي‪.‬‬

                                                                 ‫العلامة الثالثة‪ :‬هي تغليف المقصود باطنًا عبر ملمح‬
                                                                             ‫ظاهري للكشف عن مدلولاته البطانية‪.‬‬

                                                                                               ‫«منذ قتل ُت أخي‬
                                                                                            ‫وأنا تقتلني الوحدة‪،‬‬

                                                                             ‫لم أقصد أن أستأثر وحدي بح ّب الله‪،‬‬
                                                                                    ‫لك ّن قرابيني كلها ذهب ْت هبا ًء»‬
   105   106   107   108   109   110   111   112   113   114   115