Page 120 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 120
العـدد 21 118
سبتمبر ٢٠٢٠
شكل يحاول أن يرمم .مرة تأخذ شك ًل حسن حنفى جورج طرابيشى إدموند هوسرل
تعظيميًّا للذات وتراثها ،ومرة أخرى
تأخذ شك ًل نقد ًّيا .ليرى طرابيشي أصول الدين وبين الدين نفسه .بل حيوية الاعتزال في مواجهة حنفي مع
“أن اللحظة الإبداعية في كتابات ويماهي بين الأشعرية وبين الإسلام، التراث الأشعري ،ورغم أن طرابيشي
صاحب مشروع التراث والتجديد هي فإن نقد علم العقائد عند حنفي في يرى أن كل جهود علم الكلام بكل
اللحظة النقدية ..فأجمل الصفحات نظر طرابيشي تحول إلى نقد للعقائد مدارسها تؤدي إلى نفس النتيجة،
وأعمق الصفحات وأكثر الصفحات ذاتها .ورغم ذلك يرى طرابيشي؛ أن وأن الاختلافات بينها اختلافات في
أصالة هي تلك التي خطها وهو الدرجة ،فحنفي في نظر طرابيشي
تحول حنفي إلى «نقد منهج النص يغالي في مدح الاعتزال ،ويغالي في
يمارس تجاه التراث والذات الوظيفة والمرجعية النصية؛ يمثل انقلا ًبا التقليل من جهد الأشاعرة .فالمعتزلة
النقدية» .بخلاف تلك الصفحات التي «والأشاعرة على حد سواء يمثلون
كوبرنيكيًّا حقيقيًّا في تفكير حسن أهل الوسط بين اليسار الذي يمثله
دبجها حنفي «في تعظيم التراث حنفي» .ويرى طرابيشي أن «إعادة الفلاسفة أصحاب العقل ،وبين اليمين
والذات هي من أكثرها ضحالة بناء البعد التاريخي -ينتقد طرابيشي الذي يمثله الفقهاء أصحاب النقل» ،بل
وابتذال وتقلي ًدا» ،ففي نظر طرابيش نقد حنفي للمنهج التاريخي -تنضم يضع طرابيشي «الماتريدية كوسط
أن خطاب حسن حنفي كلما ح َّوم مع إعادة بناء البعد الإنساني ،فالتاريخ
نحو الواقع كلما كان الخلق والإبداع في قبالة الوحي ،هو هو الإنسان في الوسط بين الجميع.
والوحدة ،من موقع نقدي ،يتصف قبالة الله» وبهذا يتم إحياء التعددية. وتحت عنوان« :الترميم النرجسي»،
بالشمول والعمق وبالجرأة النظرية ينتقد جورج طرابيشي تحميل حسن
ليختم جورج طرابيشي دراسته
والعملية. لخطاب حسن حنفي بخاتمة تحت حنفي عبء التخلف على المذهب
النقطة الثانية التي يحاول أن يوضحها عنوان «نحو نهاية بعيدة الاحتمال الأشعري في العقائد وسيادته .واعتبر
لرقصة المتناقضات؟» المتناقضات
طرابيشي أن ما يسميها «اللحظة التي يراها طرابيشي تأخذ ثنائيات طرابيشي هذه مجرد «تكئة» من
الهذائية» :حينما يهذي خطاب حسن تتناوب ،فمرة تأخذ شكل هذيان حنفي ،حيث إن حنفي يوازي بين علم
منفصل عن الواقع ومرة أخرى تأخذ
حنفي بعي ًدا عن الواقع ،وتعظيمه
للذات وللتراث كانت مجرد «مظلة
الحماية» التي استظل بها خطاب حسن
حنفي ليستطيع أن «يمضي في نزعته
النقدية ،إلى ذلك الحد الذي مضى
إليه ،والذي لا يجاريه فيه أحد ممن
تصدوا لنقد العقل العربي» -والجملة
الأخيرة موجهة ضمنيًّا لخطاب محمد
عابد الجابري عام تسعين ،-فاقتران
النزعة النقدية عند حسن حنفي
بالنزعة التعظيمية كانت هي الحماية
لخطابه من سلطات الرقابة العربية.
بهذا الانتقال بين اللحظتين تحافظ ذات
حسن حنفي على وحدتها من خطر
الانشطار