Page 123 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 123

‫‪121‬‬  ‫تجديد الخطاب‬

    ‫مصرية‪ ،‬وقبل أن ندخل معها في‬          ‫الجزء الخاص بمناقشة مدى إدراك‬           ‫يقوم برسمه منذ الستينيات –أى من‬
     ‫تجربتها ودراستها‪ ،‬تتطرق إلى‬          ‫النخبة لمفهوم السياسات الثقافية‪،‬‬       ‫قيام الوزارة أص ًل‪ -‬الوزير الجالس‬
                                       ‫فيقول «لم تكن النخب المصرية تعتبر‬         ‫على الكرسي لا يتعدى كونها مجرد‬
‫مصطلح آخر مع «الصناعات الثقافية»‬         ‫نفسها جز ًءا من صناعة السياسات‬
   ‫وهو «الصناعات الإبداعية»‪ ،‬فبينما‬       ‫عامة والسياسات الثقافية خاصة‪.‬‬            ‫رؤى ثقافية‪ ،‬ليس فقط لأنها رؤى‬
   ‫انصبت اهتمامات الصناعة الثقافية‬         ‫بل إنها أبدت دو ًما فه ًما للسياسة‬   ‫فردية لم تدخل حيز التنفيذ والتطبيق‬

‫على كونها نابعة من التراث والمعارف‬          ‫الثقافية على أنها السياسة التي‬        ‫ولكنها –الأهم والمحصلة النهائية‪-‬‬
    ‫التقليدية والابتكار‪ ،‬فإن المهتمين‬  ‫بمقتضاها تتولى الدولة رعاية الإبداع‬        ‫لم تقدم حلو ًل أو تساهم في حلول‬
    ‫بالصناعات الإبداعية يؤكدون أن‬                                                 ‫للمشكلات الراهنة‪ ،‬أي أنها لم تر َق‬
   ‫الفرد وابتكاراته ومهارته وموهبته‬        ‫الفني والأدبي وتحديد معايير لما‬
                                         ‫ينبغي للدولة أن تسمح بتمريرة من‬                 ‫لكونها استراتيجية أص ًل‪.‬‬
  ‫هم مصدر ملكيته الفكرية الإبداعية‪،‬‬      ‫منتجات»‪ .‬فالاستشهادات من فتحى‬         ‫يضيف د‪.‬سعيد عكاشة إلى هذه النقطة‬
  ‫ومن خلالها تصبح لدية القدرة على‬         ‫رضوان ود‪.‬ثروت عكاشة وفاروق‬
 ‫تحقيق الثروة وخلق فرص عمل‪ ،‬كلا‬                                                    ‫في جزء هام من بحث موسع عن‬
 ‫المصطلحان يتبنيان فكرة الاستثمار‬           ‫حسنى وهم رجال دولة ووزراء‬          ‫السياسات الثقافية في برامج الحكومة‬
                                        ‫ثقافة لا تكفى‪ ،‬فيقدم استشها ًدا على‬
       ‫في القوى الذهنية المعلوماتية‬      ‫رؤية ك ٍّل من مثقف ينتمى للمعسكر‬        ‫والاحزاب(‪ ،)8‬فقد استرعى انتباهي‬
 ‫للإنسان‪ .‬من المهم وضع هذا الفرق‬
                                           ‫اليساري د‪.‬لويس عوض‪ ،‬ومثقف‬
    ‫في بداية الحديث‪ ،‬لأنه لو اعتبرنا‬      ‫ينتمى للمعسكر الإسلامي محمود‬
    ‫السينما والنشر صناعات ثقافية‪،‬‬         ‫قاعود‪ ،‬ليوضح لنا أن كليهما يقدم‬
   ‫فالتصوير والكتابة ُتعتبر صناعات‬
 ‫إبداعية‪ .‬يقدم لنا ضياء حسنى جولة‬           ‫نزعة إقصائية مرة باسم الثقافة‬
 ‫في بدايات صناعة السينما في مصر‬           ‫الرفيعة عند لويس عوض‪ ،‬والثانية‬
    ‫حتى الآن‪ ،‬تقدم لنا د‪.‬نوال جولة‬       ‫باسم الحفاظ على الهوية الإسلامية‬
  ‫في عمق صناعة النسيج هنا والآن‪،‬‬         ‫عند محمود قاعود‪ ،‬وبالطبع كلاهما‬
     ‫وتطرح إشكاليات حقيقية ترتبط‬        ‫يريد من وزارة الثقافة تطبيق رؤيته‪.‬‬
 ‫بالحرف والفنون التقليدية‪ ،‬منها أنها‬   ‫قد يكون الحديث عن السياسة الثقافية‬
 ‫تهتم بالكيف ولا تهتم بالكم‪ ،‬وهو ما‬       ‫نظري بعض الشيء‪ ،‬ولكن حديثنا‬
 ‫ينبغي لمتخذي القرار الوعى بطبيعة‬          ‫عن الصناعة الثقافية يلقى بنا في‬
  ‫تلك الصناعة الثقافية وعمل ما يلزم‬     ‫جدل ونقاش حقيقي‪ ،‬أسئلة لا ينبغي‬
‫للتخطيط لإدراج هذه الحرف والفنون‬          ‫لها أن تظل معلقة‪ ،‬أو حتى تحتمل‬
     ‫في منظومة الصناعات الثقافية‪.‬‬      ‫عدة أجوبة‪ ،‬عند رسم سياسة ثقافية‪.‬‬
   ‫تأتى أهم مقالات الكتاب في آخره‪،‬‬       ‫يلقى بنا ضياء حسني(‪ )9‬ود‪.‬نوال‬
                                          ‫المسيرى(‪ )10‬في خضم صناعات‬
       ‫بعنوان «بين البعثة والسوق–‬         ‫ثقافية مصرية‪ ،‬فالناقد السينمائى‬
    ‫المؤسسات البولندية الثقافية بعد‬
‫التحول» للصحفي رومان بافلوسكى‪،‬‬             ‫يكتب لنا عن بدايات فنية تحولت‬
   ‫حيث يستعرض التجربة البولندية‬          ‫إلى رأسمالية وبدون استراتيجيات‬
 ‫بعد سقوط الشيوعية خطوة بخطوة‪،‬‬
  ‫ويحكى لنا كيف كانت المسيرة في‬            ‫واضحة‪ ،‬ستلقى صناعة السينما‬
  ‫عملية التحول من المركزية الشديدة‬      ‫المصرية إلى فوضى حقيقية‪ ،‬وتكتب‬
                                        ‫د‪.‬نوال عن أهم صناعة ثقافية تراثية‬
   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128