Page 87 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 87
85 إبداع ومبدعون
قصــة
“الست نصرة” على السلم ،واندهشت من هذا العدد
الكبير من الجنود الذي جاء للقبض على رجل عجوز
لا يملك شيئًا في حياته غير نصرة “ماعت” .طلبت من
الضابط أن يدخل ويشرب القهوة ،وأصرت.
دخل الضابط الشاب مذهو ًل إلى صالة البيت ،وجلس
على أحد المقاعد متوت ًرا .ظلت تحدثه من المطبخ وهي
تعد له فنجان القهوة .سألته عن زوجته وعن عملها
وأسرتها وأبنائه ،ونصحته أن يعامل زوجته جي ًدا،
وتحدثت معه أثناء شرب القهوة عن أنوع لم يسمع
بها من طرق طبخ العدس والقرنبيط .كان الجنود قد
جلسوا على سلم البيت القديم حتى ينهي الضابط
الضيافة الإجبارية من سيدة لا تكسر إرادتها.
عاد أستاذ التاريخ من اليابان ولم يجدها ،فقد ماتت
بعد حضور الأمن للقبض عليه بعد أيام .ومنذ ذلك
اليوم بدأ عقله يختل .كان يلقي محاضرات في
المدارس والجامعات متطو ًعا حتى يعيد التوازن الذي
اختل برحيلها .لكنه في آخر محاضرة قال لأحد
تلاميذه“ :التوازن لا بد أن يحدث .الريشة لا بد أن
تستقر” .كان يظن أن موته هو الشيء الوحيد التي
يصنع استقرار الريشة في تلك الحياة التي غادرتها
“ماعت”.
ظل الجريدة
تجلس الست “عايدة” ،على مقعد بجانب الشرفة.
تتابع ضوء الشمس ينسحب عن العمارة المواجهة.
تنتظر ظهور ظل الجريدة على زجاج شراعة الباب قبل
أن تغرب الشمس.
كان زوجها يعمل موظ ًفا في بنك التسليف الزراعي.
أراد أن يخفف وحدتها أثناء وجوده في العمل ،فتخلي
عن حمل الجريدة معه مثل باقي الموظفين ،وأوصى
“عم سعد” بائع الجرائد أن يتركها في شراعة الباب
كل صباح.
تصحو من الفجر وتظل تعمل في البيت حتى تتعب.
بعد نزول زوجها إلى العمل ،تتمدد قلي ًل على سرير
غرفة الضيوف ،وتقوم بعد غفوة قصيرة متوجهة