Page 283 - merit 43- july 2022
P. 283
281 ثقافات وفنون
حوار
بالصيرورة والتجدد ،وبوعي تجد ما ُيحيل على تاريخ ما لا لأنني وجدت فيه ما يقول
الاختراقات ،وما تقترحه من أفكار ُتص ِّد ْقه ،ولا تعتبره هو ذلك الأشياء بطريقة ُمغا ِي َرة ،فيها
التاريخ الذي تعرفه .في ال ِّشعر، كثافة وغموض ،وفيها ،أي ًضا،
وصيغ فنية جمالية. كل شيء مشكوك فيه ،وعلينا أن دهشة واكتشاف .ال ِّش ْعر صعب،
نختبر السياقات الفنية الجمالية لا يمكن بلوغه بمجرد كتابته،
في« حداثة الكتابة» كيف لهذا ال ِّشعر أو ًل ،وسياقاته فهو عمر من العمل والبحث
يصبح ال ّنص الدلالية ،لنفهم معنى وجود والتقصي ،وعمر من الإنصات
التاريخ أو الأسطورة في النص والتعلُّم والحوار ،بل هو تعلُّم
مفتو ًحا /منفت ًحا؟ أو العمل ،فهي ليست إسقا ًطا، وحوار دائمان ،حتَّى ونحن نبلغ
أو وجو ًدا بنفس ما كانت عليه من العمر ما يجعلنا نسير نحو
حداثة الكتابة ،هذا مفهوم ع َّو ْض ُت في الأصل .وهذه إحدى أسرار ال ِه َرم أو الشيخوخة .فنحن نبقى
به مفهوم« القصيدة» التي هي ال ِّشعر ،وما يتميَّز به من كثافة مدفوعين إلى ال ِّش ْعر ،مهما راكمنا
غير ال ِّش ْعر .فهي نوع من أنواع وغموض ،ومن حفز على المعرفة من تجارب وأعمال ،لأن ال ِّش ْعر لا
ال ِّش ْعر ،وال ِّشعر جامع أنواع ،لا ُي ْس َت ْن َفذ ،وهذا هو جوهره و ِس ُّره.
والاكتشاف.
يمكن أن ُن َس ِّمي ال ُكل بالجزء ،أو صحيح أنني درست التاريخ في البدء كان التاريخ،
نجعل الجزء ينوب عن الكل .ثم القديم ،وأنا من ُق َّراء التاريخ ،وأن أنت خريج جامعة
إن« القصيدة» لها بناؤها ،وهو التاريخ فتح لي آفا ًقا في المعرفة، بغداد( تخصص
وفي اكتشاف ثروات الماضي،
بناء مسكونُ ،مح َّدد ومعلوم، وهو ما س َّهل عليَّ المعرفة بالتراث، التاريخ) ،وشعرك يطفح
بناء مكتمل و ُم ْغ َلق ،وبنيتها الأم وبالماضي ،وأتاح لي أن أعرف بكل ما هو تاريخ ٌّي،
هي الصوت والشفاهة والإنشاد، بعض أسرار ال ِّشعر القديم، إلى أي ح ٍّد يمكننا
وحداثة الكتابة هي ن ٌّص ،أو هي وما يحفل به من معطيات ،لا
عمل شعري ،يتَّ ِسم ببناء شبكي يمكن الوصول إليها دون معرفة الحديث عن« القصيدة
بتاريخها .التاريخ الذي أعمل التاريخية» في شعرك،
ُمر َّكب ،مفتوح على الأشكال عليه شعر ًّيا ،هو التاريخ الجمالي، تماش ًيا مع ما تشهده
والأجناس والأنواع ،ما يسمح
تاريخ ال ِّشعر وهو يتأ َّمل، الساحة العربية من
بالبناء الملحمي فيه ،وبتع ُّدد ويتع َّقب ،ويتر َّصد ،و َي ْس َت ِشف، شيوع مصطلح« الرواية
الأصوات ،وتعويض فراغات ويكتشف أي ًضا ،وليس التاريخ
اللغة ،أو ما يمكن أن يحدث فيها بمعناه الحرفي الذي يذهب إليه التاريخية»؟
من عجز في التعبير ،بالصمت الجميع ،فالشعر يشبه تاريخه
والبياض ،أو بالرسوم والأشكال ال ِّشعر ليس تاري ًخا ،وأرسطو من
الهندسية ،أو التعبيرات السميائية بنفسه ،يختلقه ويبتدعه. قبل ميَّز بين التاريخ وال ِّشعر،
التي ُتو ِّسع اللغة نفسها .فنحن ثم إ َّن مفهوم القصيدة الذي وح َسم ،في تصوري هذا الأمر
ننسى أو لا نعلم بحكم النسيان، س َّم ْي ُت به التاريخ ،أنا لا أستعمله،
أن الصمت هو جزء من اللغة، وهو لم يعد يليق بما يكتبه عدد بطريقة ذكية وجيِّدة .ما أكتبه لا
محدود من ال ُّشعراء اليوم في علاقة له بالتاريخ ،بل هو تاريخ
وكذلك الإشارة والرمز. العالم العربيُ ،ق َّراؤهم محدودون، الذات ال َّشاعرة وهي ُت ِعيد كتابة
حداثة الكتابة ،بهذا المعنى ،هي وكذلك نقادهم ،لأن شعرهم أسئلتها ،وقلقها ،وما تعيشه من
أفق شعري أكثر انفتا ًحا ،وأكثر صعب ،بل ُمخيف ،ويحتاج تو ُّترات في عالم مليء بالخدوش
تعبي ًرا عن التح ُّولات التي عرفها إلى قاريء وناقد فكره يتميز والجراح والصدمات .حتَّى حين
ال ِّشعر العربي ،رغم أنها ليست
بالاتساع الذي طمحنا إليه .لذلك
سترى أن الأعمال التي نشر ُتها
خلال العقدين الأخيرين ،هي