Page 287 - merit 43- july 2022
P. 287

‫‪285‬‬        ‫ثقافات وفنون‬

           ‫حوار‬

                                                                                  ‫تر ُّحل صوب المجهول‪ ،‬وهذا‬
                                                                                 ‫هو الفرق بين السيرة والذات‬

                                                                                  ‫الشاعرة في العمل الشعري‪.‬‬

                                                                                    ‫يقوم الشعر عندك على‬
                                                                                     ‫ثلاثة قوائم‪ :‬التاريخ‪،‬‬
                                                                                 ‫السيرة‪ ،‬الفلسفة‪ .‬ما موقع‬

                                                                                       ‫الفلسفة في شعرك؟‬

‫محمد بنيس‬  ‫محمود درويش‬                                  ‫مظفر النواب‬                 ‫أنا قارئ مواظب على الفلسفة‪،‬‬
                                                                                     ‫وأظن أن ال َّشاعر الذي ينقصه‬
 ‫يبحث في ال ِّشعر عن ال ُب ْعد الفني‬       ‫من‪« ‬فاكهة الليل»‪ ‬إلى آخر ما‬
 ‫الجمالي‪ ،‬ولا عن ال ُب ْعد الرؤيوي‪،‬‬                ‫صدر لي من أعمال‪.‬‬                   ‫الوعي الفلسفي‪ ،‬ولا صلة به‬
  ‫ولا عن ال ُط ُرق التي كان ال ِّشعر‬
‫يهجس بها‪ ،‬في بناء الإنسان‪ ،‬وفي‬         ‫حداثة الكتابة؛ مشروعك‬                         ‫بالفلسفة وإشكالاتها‪ ،‬سيكون‬
‫إدراك معنى وجودنا على الأرض‪،‬‬                ‫ال َّنص ِّي والنظري في‬
                                            ‫الشعر‪ ،‬هل ترى أنه‬                          ‫دائ ًما في حاجة إلى شيء ما‬
                 ‫واقامتنا عليها‪.‬‬            ‫سيصمد طوي ًل أمام‬                    ‫ينقصه‪ ،‬لأن ال ِّشعر‪ ،‬في أساسه بدأ‬
‫بابلو نيرودا‪ ،‬أو محمود درويش‪،‬‬
                                          ‫تراجع الشعر وزحف‬                         ‫فلسفة‪ ،‬أو هو من طرح السؤال‬
  ‫أو مظفر النواب‪ ،‬أو أحمد مطر‪،‬‬                  ‫الميديا الجديدة؟‬
    ‫أو غير هؤلاء‪ ،‬شعرهم‪ ،‬بهذا‬                                                        ‫الفلسفي الأبدي حول الوجود‬
    ‫المعنى انتهى‪ ،‬لم يعد ُي ْقرأ إلا‬      ‫ما ُت َس ِّميه تراج ًعا لل ِّشعر‪ ،‬غير‬
                                        ‫دقيق‪ ،‬ال ِّش ْعر لم يكن في يوم ما‬             ‫والعدم‪« ،‬ملحمة جلجامش»‪،‬‬
  ‫كوثيقة تاريخية‪ ،‬وليس كشعر‪،‬‬          ‫يحظى بحضور جماهيري واسع‪،‬‬
 ‫وهو‪ ،‬في جوهره ليس شع ًرا‪ ،‬بل‬                                                     ‫كانت هي أول عمل شعري طرح‬
  ‫شيء آخر غير ال ِّش ْعر‪ ،‬وهذا ما‬         ‫ما كان يحظى بهذا الحضور‪،‬‬
 ‫وجدناه عند شعراء السبعينيات‬           ‫هو ما يقوله هذا ال ِّشعر‪ ،‬الخطاب‬              ‫هذا السؤال‪ ،‬وهو ما لم ينتبه‬
                                                                                     ‫إليه بعض من ي َّد ُعون ال ِّشعر‪،‬‬
   ‫في المغرب‪ ،‬وفي العالم العربي‪،‬‬              ‫السياسي الاحتجاجي أو‬                    ‫ويجهلون العلاقة القوية بين‬
  ‫ووجدناه في عدد غير قليل من‬            ‫التحريضي‪ ،‬هو ما كان يستمع‬
‫كتابات السياب والبياتي وصلاح‬              ‫إليه الناس‪ ،‬ويجتمعون حوله‪،‬‬             ‫الشعر والفلسفة‪ ،‬أو حاجة كليهما‬

     ‫عبد الصبور وحجازي‪ ،‬وفي‬                  ‫ال ِّشعر كان أداة لحمل هذا‬                                   ‫للآخر‪.‬‬
  ‫كتابات أحمد المجاطي‪ .‬محمود‬              ‫الخطاب‪ ،‬غاب ال ِّشعر‪ ،‬وطفت‬             ‫السؤال الفلسفي‪ ،‬بمعناه ال ِّشعر ّي‬
   ‫درويش‪ ،‬وعى هذا في المراحل‬          ‫السياسة على السطح‪ .‬لا أحد‪ ،‬كان‬
 ‫الأخيرة من حياته‪ ،‬وكتب شع ًرا‬                                                       ‫موجود في كل ما كتب ُته‪ ،‬بداية‬
   282   283   284   285   286   287   288   289   290   291   292