Page 291 - merit 43- july 2022
P. 291

‫‪289‬‬        ‫ثقافات وفنون‬

           ‫شخصيات‬

‫سيف وانلي‬  ‫رودولف آرنهايم‬                            ‫بابلو بيكاسو‬        ‫باستعمال كل هذه المهارات لتظهر‬
                                                                                ‫عنفوانها وتدهش المتلقين‪.‬‬
   ‫الحال‪ ،‬الوالد كان من أصحاب‬        ‫الفكرية في مجتمع ما بعد الحرب‬
      ‫الأراضي وقرر بيع الأرض‬            ‫‪ 1973‬والانفتاح وتغير القيم‪،‬‬         ‫فتجربة محمد عبلة الفنية رغم‬
                                                                          ‫أثرها ذاتية ج ًّدا لا يمكن تكرارها‬
    ‫والاتجار في القطن‪ ،‬ثم قررت‬        ‫ولادة الميل الاستهلاكي ثم حلم‬      ‫ولا يمكن أن تؤسس لاتجاه لأنها‬
    ‫الحكومة احتكار تجارة القطن‬           ‫كل جيله بالسفر إلى أوروبا‪،‬‬        ‫نابعة من خبراته هو‪ ،‬حالة فنية‬
  ‫ومنع ممارستها على الأفراد مما‬          ‫مشاكل التأقلم مع مجتمعات‬          ‫متمردة ومتفردة شديدة الذاتية‬
    ‫تسبب في أول أزمة اقتصادية‬                                             ‫تتقمص العالم ولا يتقمصها‪ ،‬هو‬
‫حادة‪ ،‬بعد ذلك مارس الأب تجارة‬       ‫مفتوحة شحيحة المشاعر بالنسبة‬
    ‫الحبوب ليطالها أي ًضا ما كان‬         ‫لشخص يعيش على مشاعره‬                ‫ليس فنا ًنا محليًّا لأنه لا يعبر‬
‫يعرف بقانون التسويق التعاوني‪،‬‬           ‫وارتباطاته العاطفية ككل أهل‬         ‫عن بيئته المحلية‪ ،‬وليس عالميًّا‪،‬‬
   ‫لتشتد الأزمة الاقتصادية أكثر‬
  ‫ويظل الطفل يعاني من التقلبات‬      ‫الريف في الأزمنة الجميلة‪ ،‬صدمة‬            ‫فهو مرتبط بقوة تكاد تكون‬
‫المادية بين الغنى والفقر والانتقال‬         ‫حريق المسافرخانة وعودة‬              ‫قاهرة بعالمه الخاص بمدنه‬
  ‫من مكان لآخر ربما حتى مطلع‬                                             ‫بشروقه وغروبه‪ ،‬هو فقط يسعى‬
    ‫الشباب‪ ،‬فيما بعد عمل أباه في‬     ‫الإحساس بعدم الأمان بالضياع‬            ‫ليحكي حكاياته يوصل لمتلقيه‬
‫المقاولات في بناء مصيف جمصة‪.‬‬             ‫وانهيار الملاذ الآمن‪ ،‬وأخي ًرا‬    ‫ما يريد قوله‪ ،‬ح َّكاء عظيم ولكن‬
  ‫قبل حرب ‪ 1967‬حدث له انبهار‬             ‫الإحساس الصوفي والإيمان‬            ‫ككل الحكائين العظماء يحل في‬
‫كبير بالظباط الذين يملكون مقاليد‬          ‫العميق بالقضاء والقدر بأن‬        ‫شخوصه ويعتنقهم سواء كانوا‬
                                                                         ‫مبا ٍن أو مدن‪ ،‬بشر‪ ،‬حتى النباتات‬
     ‫كل شيء وربما أي ًضا لأنهم‬          ‫الإرادة الإلهية تظل هي سقفه‬         ‫والصبارات‪ ،‬هو يحل في داخل‬
     ‫كانوا هم الأقوى واستطاعوا‬      ‫الحامي وعاصمه الذي يمهد أمامه‬             ‫عناصره لتحكي حكاياته هو‬
  ‫بقوانينهم هزيمته مرتين‪ ،‬ولهذا‬                                                ‫وليس حكاياتها من خلاله‪.‬‬
  ‫كان حلمه أن يكون أنجب أبنائه‬                ‫الطرق ويزيل العقبات‪.‬‬          ‫«كيف لنا أن نكشف ما يجري‬
                                    ‫بدأت حكاية محمد عبلة من مدينة‬        ‫عند صنع أي إبداع فني؟ نستطيع‬
                                     ‫بلقاس في دلتا مصر العام‪1953‬‬         ‫أن نصغي إلى ما يقوله الفنان عن‬
                                                                            ‫نفسه»‪ ..‬هذا المبدأ الذي وضعه‬
                                         ‫بعد عام واحد فقط من ثورة‬        ‫الباحث في الفن رودولف آرنهايم‬
                                        ‫يوليو ‪ ،1952‬لأسرة ميسورة‬         ‫ما ينطبق بالطبع على محمد عبلة‪،‬‬
                                                                          ‫فللكشف عن لغته الإبداعية لا بد‬
                                                                         ‫من معرفة َمن وماذا أثر في «رائد‬
                                                                         ‫المدرسة الانفعالية» كما أطلق عليه‬

                                                                                      ‫حسين بيكار يو ًما‪.‬‬
                                                                         ‫بالتأكيد كان لأمه وجدته وبلقاس‬

                                                                              ‫والمدرسة الجانب الأكبر من‬
                                                                          ‫التأثير‪ ،‬كذلك فإن لعلاقته بوالده‬

                                                                              ‫والتقلبات الاقتصادية وعدم‬
                                                                             ‫الاستقرار دور كبير‪ ،‬تلا ذلك‬
                                                                           ‫السفر بداي ًة إلى الإسكندرية ثم‬
                                                                          ‫القاهرة والاحتكاك بأصدقاء كثر‬
                                                                             ‫ومعارف مختلفين‪ ،‬التنوعات‬
   286   287   288   289   290   291   292   293   294   295   296